رئيس الجامعة الأميركية في بيروت: نتصدر قائمة الجامعات في الشرق الأوسط

بيتر دورمان في حوار مع : الانتماء للوطن شعور جديد عززته الثورات العربية

رئيس الجامعة الأميركية في بيروت (تصوير: حاتم عويضة)
TT

في حوار خص به «الشرق الأوسط» تحدث رئيس الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور بيتر دورمان عن التغييرات التاريخية التي يمر بها العالم العربي، ومفهوم المواطنة في إطار صعود الديمقراطيات في المنطقة، وعن مفهوم الانتماء عند العرب، وعن نظرته للشباب العربي الذي يراه من خلال الشباب في الجامعة الأميركية في بيروت منفتحا وذكيا، كما تحدث عن برامج الجامعة المستقبلية وما يميزها عن غيرها من الجامعات في المنطقة، وأجاب دورمان أيضا عن مسألة انسحاب رئيس البنك الدولي السابق جيمس ولفنسون من حضور حفل تخرج طلبة هذا العام الشهر المقبل والذي أثار جدلا بين أساتذة الجامعة والطلبة تلته ضجة إعلامية. وجاء الحوار على هامش زيارة يقوم بها بيتر دورمان إلى لندن بدعوة من الجمعية العالمية لخريجي الجامعة الأميركية في بيروت فرع لندن والتي تقيم حفل استقبال لتكريم المتبرعين الدائمين. وفيما يلي نص الحوار.

* الجامعة الأميركية كيف تقبلت الثورات العربية وكيف تراها؟

- ما يحدث في العالم العربي يدخل في إطار سلسلة من التغييرات التاريخية، والناس يبحثون عن مستقبل أفضل، وأتت هذه الثورات حسب رأيي بالأساس من حاجة ماسة إلى قيم إنسانية أساسية مثل الكرامة والمساواة. وأعتقد أن كل ثورة تختلف من بلد لآخر. ومن خلال صعود الديمقراطيات يحاول العرب تطبيق مفهوم المواطنة من خلال الإحساس بالانتماء للدولة، وليس لحزب أو هيئة حكومية، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون سهل التطبيق خاصة في تونس ومصر لكن في لبنان مثلا سيختلف الأمر باعتبار تركيبة الدولة وتعدد الطوائف فيها.

* رسمتم برامجكم في السابق حسب وضع المنطقة، هذه التغيرات التي أتت بنسق سريع كيف أثرت على برامجكم؟

- باعتبارنا مؤسسة تربوية بالأساس فإننا لم نفكر في تغيير برامجنا في الوقت الحالي، لكن أعتقد أن ما نقدمه من برامج متنوعة ومواد مختلفة مع ما يحدث، سيفتح أمام الطلاب مجالات من الإبداع ويمنحهم فرص التفكير في مسائل أكبر حسب ما يدور حولهم.

* نظرتكم للشباب في المنطقة العربية بعد ديسمبر (كانون الأول) الماضي هل تختلف عن نظرتكم له قبل ذلك؟

- نحن نعتقد أن الشباب العربي يتمتع بمستوى عال من الذكاء من خلال تجربتنا في لبنان، هم منفتحون، يسافرون كثيرا، لديهم أفكار واسعة عما يحدث في العالم. وأعتقد أن الشباب في مختلف الدول العربية يتمتع بنفس المواصفات مع اختلافات غير عميقة، وأعتقد أنه مع صعود الديمقراطيات في العالم العربي فإن صوت الشباب العربي سيعلو أكثر وسيبرزون عالميا.

* هل يختلف مفهوم الديمقراطية من بلد لآخر أم هي مفهوم كوني يمكن تطبيقه على الجميع وبنفس المعايير؟

- قد يختلف مفهوم الديمقراطية في الولايات المتحدة عنه في البلدان العربية، حيث هناك عدة عوامل تلعب دورها مثل مسألة الهوية والانتماء. ففي عديد من الدول العربية ما زال الشعور بالانتماء إلى عائلة ما، أو إلى قرية أو الانتماء القبلي، وفي بعض المناطق الأخرى يلعب الانتماء الطائفي أو الديني دورا أقوى من الانتماء الوطني، أي إلى البلد في حد ذاته. الثورات العربية خلقت هذا الشعور الجديد وهو الانتماء للوطن وهذا عامل أساسي لنجاح الديمقراطيات وأرى أن الأمر ممكن خاصة في تونس ومصر.

* كيف يمكن أن تؤثر الأوضاع في سوريا على الجامعة الأميركية في بيروت؟

- تعتبر سوريا مهمة من ناحية موقعها في المنطقة، وقربها من لبنان يجعلنا نهتم بالوضع، لكن في الوقت الحالي لا تأثير للوضع في سوريا على جامعتنا، فـ 75 في المائة من طلبتنا لبنانيون، لكن في حالة ما أثر الوضع السوري في لبنان فإن هذا بالتأكيد سيؤثر فينا.

* هل تعتقدون أن الشباب العربي ومع الانفتاح الكبير مؤخرا عبر الإنترنت والمواقع الاجتماعية أصبح منفتحا ويمكن أن يتقبل الآخر بسهولة، أم أن ما يحدث في بلدانه يجعله أكثر انغلاقا وينظر للغرب بعين سلبية؟

- أعتقد أن الشباب العربي منفتح جدا ونلاحظ ذلك خاصة من مستويات التواصل العالية عبر المواقع الاجتماعية، وطرق الحوار هذه مع الآخر تجعلهم يفهمون أكثر ما يحدث في العالم ويوصلون صوتهم للآخرين.

* ما الفرق بين وضع الجامعة الأميركية في الشرق الأوسط مباشرة بعد سبتمبر (أيلول) 2001، وبعد ثورات الربيع العربي؟

- بعد أحداث سبتمبر 2001 كنت رئيس قسم مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة شيكاغو، لاحظنا زيادة الإقبال من طرف الطلبة الذين يرغبون في تعلم اللغة العربية حيث تضاعف لخمس مرات. ولم أعرف كيف كان رد الفعل في الشرق الأوسط، لكن الآن وبعد الثورات العربية أنا متأكد أنها خلقت اهتماما متجددا بالعالم العربي والشباب العربي والناس في أميركا يريدون أن يعرفوا أكثر عن الشباب العربي وتفكيرهم.

* ما هو ترتيبكم في الشرق الأوسط وعالميا؟

لا تتوفر أرقام واضحة ولم يقع سبر آراء في هذا المجال، لكن أعتبر أننا نتصدر قائمة الجامعات في الشرق الأوسط، فخريجو جامعتنا في مجالات الهندسة والطب يواصلون تعليمهم في أحسن الجامعات بأميركا. كما أن بقية الخريجين والذين لا يختارون مواصلة التعليم التحقوا بمؤسسات مهمة في المنطقة ونتلقى دائما انطباعات إيجابية عن طلبتنا الذين يتميزون في عملهم. وقد يأخذ الأمر فترة قصيرة للاندماج في مؤسساتهم قد تصل لستة أشهر لكنهم بعد ذلك يثبتون تميزا عن غيرهم.

* ما الذي يميز جامعتكم عن بقية الجامعات في المنطقة؟

- نحن نتميز بالتأكيد بنوعية الدروس التي نقدمها وقد أجرينا سبر آراء حول الموضوع بين الشباب في المنطقة وتوصلنا إلى أن نوعية ما نقدمه من دروس هو الذي يميزنا عن غيرنا، كذلك تعدد الاختصاصات فلدينا مجموعة من الاختصاصات المتنوعة التي تجمع بين الهندسة والطب والعلوم الإنسانية والفنون ومجموعة كبيرة من الاختصاصات. وكذلك ما يميز جامعتنا هو موقعها وتميزها حيث إنها تضم ساحة من المساحات الخضراء القليلة المتبقية في بيروت.

* ما هي خططكم المستقبلية في المنطقة؟

- نعم بالتأكيد لدينا العديد من البرامج المستقبلية المميزة أهمها توسيع مركزنا الطبي حيث نعمل على مشروع بقيمة مائتي مليون دولار، كما نعمل على إنشاء مستشفى سعته 600 سرير. كما سنطور مركز بحوث طبية تتركز أهم الأبحاث التي تتم فيه على الأمراض التي تهم المنطقة. وبرامجنا التعليمية الخاصة بالطب تتطابق تماما مع ما يدرس في الجامعات بأميركا وسنعزز هذا الأمر، كما سنعمل على تطوير مجال العلوم الإنسانية في الجامعة والفن، وسنطور كذلك مجالات دراسات الفيزياء والبحوث في هذا المجال.

* هل تحاولون التأثير في الآيديولوجيات السياسية لطلبتكم؟

- بالتأكيد لا نتعمد التأثير في آيديولوجيات طلبتنا لكن بالتأكيد يتأثر الطلبة بما يدرسونه من مواد خاصة المتعلقة بالحضارة الأميركية وغيرها، لكن من خلال برامجنا لا نية مسبقة لدينا في التأثير على اختيارات الشباب أو آيديولوجياتهم السياسية.

* الهزات الاقتصادية التي تعرض لها العالم مؤخرا، هل أثرت على وضعكم في المنطقة؟

- لم نتأثر كثيرا بالأزمة الاقتصادية لطبيعة دخلنا، فمصادرنا متنوعة وعدم ارتباطنا بجهة ما بعينها يجعلنا أكثر قدرة على تجاوز أية أوضاع اقتصادية صعبة.

* بعد انسحاب رئيس البنك الدولي السابق جيمس ولفنسون من حضور حفل تخرج طلبة هذا العام الشهر المقبل والذي كان من المفروض أن تمنحوه «الدكتوراه الفخرية» فيه كتبتم رسالة اعتبرها البعض دفاعية عنه ما هو تعليقكم على الموضوع؟

- الرسالة ليست دفاعية ولكن حاولت من خلالها أن أبين أن اختيارنا لولفنسون لم نقصد من خلاله إجراء تطبيع مع إسرائيل، بل نحن ملتزمون جيدا بالقانون اللبناني وموقفنا واضح من هذه الناحية، لكننا رأينا في شخصه العديد من الميزات الإيجابية ونظرنا إليها، وهو رجل ذو إنجازات قيمة، لكن يبدو أن الإعلام ضخم الأمر مما دعا ولفنسن إلى إلغاء زيارته تجنبا لأي إزعاج.