تقارير: العقوبات الغربية على إيران بدأت تؤتي ثمارها

صعوبات يواجهها قطاع النفط الإيراني في التسويق والإنتاج بسبب العقوبات

مواطن إيراني يقف في متجره في مدينة بانه على الحدود الإيرانية مع إقليم كردستان العراق (إ.أ.ب)
TT

لاحظت الأوساط الاقتصادية في طهران أن تشديد العقوبات الدولية على إيران بدأ يعطي مفاعيله التي تتمثل بتعقيدات يواجهها بيع النفط وتعثر الدورتين المالية والتجارية ومخاوف تعتري الاستثمارات الأجنبية حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وبصفتها الهدف الرئيسي للعقوبات مع القطاع المصرفي، تتحمل الصناعة النفطية التي تؤمن لإيران 80% من عائداتها بالعملات الصعبة، العبء الأكبر للحظر الذي أعلنته على إيران في يوليو (تموز) 2010 الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسارعت معظم البلدان الأوروبية إلى تطبيقه. ومنذ نهاية 2010، تواجه الهند، ثاني مستوردي النفط الإيراني بمعدل 12 مليار دولار سنويا، أي ما يوازي 20% من الإنتاج الإيراني، صعوبات جمة في دفع ما يتوجب عليها لإيران بالعملات الصعبة؛ لأن مختلف القنوات المصرفية الآسيوية ثم الأوروبية التي لجأت إليها قد أقفلت الواحدة تلو الأخرى.

وذكر نائب وزير النفط الإيراني، أحمد غلباني، أن إيران التي ترفض أن يُدفع لها بالروبية، ووجهت إلى الهند في أواخر يونيو (حزيران) «تحذيرا جديا» لحملها على دفع المتأخرات المتراكمة المستحقة التي فاقت ملياري دولار. وقال خبير نفطي غربي في طهران: «إن هذه القضية إشكالية». وأضاف: «بسبب التوترات في السوق، لا تواجه إيران أي مشكلة في بيع نفطها، لكنها تواجه مزيدا من الصعوبات لتسلم مستحقاتها بالعملات الصعبة بسبب العقوبات التي عزلت نظامها المصرفي». وللالتفاف على هذه المشكلة، أقامت بعض البلدان التي تشتري النفط الإيراني، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، منظومة ثلاثية، فهي تستخدم الأموال المستحقة لطهران لتسدد مباشرة للشركات اليابانية أو الكورية قيمة صادرات الأخيرة إلى إيران، علما بأن هذه الشركات تواجه بدورها صعوبات في الحصول على أموالها بسبب الحظر المصرفي، كما أضاف هذا الخبير. وبدأت بعض الشركات الأوروبية الكبيرة، التي تتعامل مع إيران، بالسعي أيضا إلى الحصول على مستحقاتها من النفط الإيراني الذي تعيد بيعه في السوق، كما قال الخبير، طالبا عدم كشف هويته. وذكر مسؤول اقتصادي أوروبي في طهران أن «رسائل الاعتماد اختفت تقريبا وتجري الصفقات عبر قنوات ملتوية أو نقدا، ويشمل ذلك أحيانا مبالغ تناهز ملايين الدولارات». واعتبر أن «ذلك يعقد الإجراءات، وبدأ البنك المركزي، على الرغم من الاحتياطات الكبيرة بالعملات الصعبة التي يؤكد أنها في حوزته، يواجه، على ما يبدو، مشاكل سيولة». وأكد أن «شركات النقل الإيرانية، البحرية والجوية، تخضع أيضا لعقوبات ولم تعد حمولاتها مؤمنة دوليا، الأمر الذي لا يشجع بعض المصدرين». وعلى الرغم من ذلك، تسجل التجارة الخارجية الإيرانية ارتفاعا بفضل ازدهار علاقاتها مع بكين وأنقرة، مما يتيح لطهران الاستمرار في التأكيد أن الحظر الذي يفرضه الغرب بسبب برنامجها النووي المثير للجدل غير مجدٍ. لكن مسؤولين بدأوا الإقرار بتأثيره. فتطوير حقل جنوب فارس الشاسع للغاز قد يتأخر بضع سنوات، كما قال أعضاء في لجنة الطاقة البرلمانية. وقد انتقدوا الاستبدال بالشركات النفطية الغربية الصينيين الذين لم يستثمروا فعليا حتى الآن سوى مليار دولار من أصل 28 مليارا لحظتها العقود الموقعة منذ 2006، كما تفيد تقديرات إيرانية أوردها الخبراء الغربيون.

وتحدثت الصحافة في أواخر يونيو عن تحذير وجه إلى شركة «سي إن بي سي» الوطنية الصينية، التي تتخلف عن تنفيذ عقد تبلغ قيمته 4.7 مليار دولار موقع في 2009 لتطوير مشروع جنوب فارس الذي تخلت عنه شركة «توتال» الفرنسية بسبب العقوبات. وقال المتحدث باسم لجنة الطاقة البرلمانية عماد حسيني: «لم يكن لدينا خيار آخر غير الاستعانة بمتعهدين صينيين، لكنهم عاجزون، على ما يبدو، عن إنجاز المشاريع». ويرى مراقبون أن الأزمة الاقتصادية في إيران قد تفاقمت إلى الحد الذي بدأ فيه المواطن الإيراني يلمس نتائجها بشكل يزيد من معاناة الناس اليومية إزاء الحصول على متطلباتهم المعيشية.