معارضون سوريون لـ «الشرق الأوسط»: نخشى من تحول الثورة لمجرد مؤتمرات

مؤتمرات المعارضة في دمشق تتواصل

صورة وزعتها وكالة الأنباء السورية للرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه أمس مع ممثلين عن الجالية السورية في الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي أعلن فيه عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة في سوريا «انسحابهم» من مؤتمر لجنة المبادرة الوطنية لتعزيز البناء والحوار الإصلاحي لمستقبل البلاد أمس. هاجم النائب الإسلامي المعروف الشيخ محمد حبش بشدة كل من أعاق المؤتمر، وتعهد بملاحقة المتسببين في إفشال المؤتمر أمام القضاء السوري.

شهد المؤتمر الذي عقد في فندق سميراميس وسط دمشق أحداث شد وجذب استمرت لأكثر من ساعة ونصف الساعة مع إدارة الفندق التي رفضت استضافة المؤتمر أو السماح للمشاركين فيه بالدخول لبهو الفندق؛ لكن اللجنة التنظيمية للمؤتمر قامت بتوزيع وثيقة تثبت موافقة مكتب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع على عقد المؤتمر، مما دعا إدارة الفندق إلى أن توافق على استقبال المشاركين في المؤتمر في القاعة المخصصة للاجتماع؛ لكنها امتنعت عن تقديم أي خدمات للمشاركين، حيث عانى أكثر من 40 شخصا من المشاركين من عدم وجود إضاءة أو معدات للصوت خلال إلقاء كلماتهم، فضلا عن عدم وجود عبوات للماء أو طاولات للجلوس عليها.

وبعد أقل من ساعة من عقد اللقاء وأثناء استراحة بين كلمات المشاركين، تقدم رجل من المنصة، وصاح قائلا: «مؤتمركم يريد إسكات صوت الشارع، والشارع لا يريد سوى إسقاط النظام»، وهو ما نشر الفوضى في قاعة المؤتمر، حيث انهال عليه البعض بالضرب وطرحوه أرضا ومزقت ثيابه قبل أن يتدخل البعض لحل الاشتباك وإخراجه.

وهاجم النائب الإسلامي المعروف الشيخ محمد حبش بشدة ما حدث في المؤتمر، وتعهد بملاحقة المتسببين قضائيا. وقال مراقبون، رفضوا الكشف عن أسمائهم لـ«الشرق الأوسط» إن الشخص الذي علا صوته مطالبا بسقوط النظام تم اعتقاله من قبل أحد الأجهزة الأمنية وهو قيد التحقيق الآن في مكان غير معلوم. وهو ما يؤكد عليه عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا، قائلا: إنه «دليل على كون المؤتمر لا يعبر عن المعارضة إطلاقا».

وأضاف: «هذا المؤتمر لا يمثل المعارضة تماما، وبعض شخصياته كانت لفترة قريبة تدافع عن النظام». وقال القربى لـ«الشرق الأوسط» إن كل المؤتمرات التي تعقد في دمشق تتم عبر الموافقات الأمنية ووفقا لسيناريو معد مسبقا وبسقف أعلى للمطالب وحدة الحوار مستشهدا بتلويح المشاركين بورقة موافقة مكتب فاروق الشرع نائب الرئيس السوري.

ولكن حسن كامل، عضو هيئة متابعة مؤتمر المعارضة الذي دعت إليه الحكومة منتصف الأسبوع الماضي قال إن المؤتمر الذي عقد أمس يعبر عن حراك سياسي غير مسبوق في الشارع السوري، وتابع كامل لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جرأة في مناقشة مستقبل سوريا الآن وهذا لم يكن موجودا من قبل، ولكن مطلوب مزيد من الجرأة من النظام السوري»، نافيا وجود أي موافقات أمنية لعقد مثل تلك المؤتمرات.

وقال الباحث الاقتصادي ومدير عام هيئة مكافحة البطالة حسين العماش: «أعلنت انسحابي من المؤتمر، لأن ما يحدث لا يخدم سوريا»، معتبرا أن بعض الجهات لا تريد للسوريين أن يتحاوروا من أجل وطنهم من الأساس.

وكانت لجنة المؤتمر قد قالت في بيان سابق إنه «بناء على الظرف الدقيق الذي تعيشه المنطقة عموما وسوريا خصوصا من ناحية تحديات التغيرات السياسية والتطورات التي تحصل بفعل قوى شعبية وقوى مختلفة في المنطقة.. تعمل هذه اللجنة بصفة العقلاء والمفكرين الوطنيين الذين يسعون من خلال تنوعهم ووعيهم وإدراكهم لتحديات المستقبل أن يطرحوا تصورهم للإصلاح المتكامل والضروري للمرحلة».

وأضاف البيان أن «هذه اللجنة تعتبر بمثابة مستشار وطني نوعي ومجاني يمكن الأخذ برأيه والتوافق على دوره بقدر ما ترتفع برؤيتها وتساعد في جمع الأفكار والقوى الوطنية نحو التوافق والتضحية للمصلحة العامة والارتفاع نحو تحديات تاريخية وحضارية؛ تساهم في إقرار أفضل أشكال المؤسسات الوطنية العادلة والديمقراطية والوطنية، وتتكون اللجنة من عقلانيين ومفكرين وسياسيين معظمهم من المستقلين وهم يمثلون أطيافا وفئات واسعة من المجتمع السوري».

وفي سياق متصل، دعت نحو خمسين شخصية سورية معارضة إلى عقد ما سمته «مؤتمر إنقاذ وطني» لحل الأزمة السورية بعد أسبوعين، حيث قال المعارض السوري البارز هيثم المالح أحد الشخصيات الداعية لمؤتمر «الإنقاذ الوطني»: «إن سقوط نظام الأسد بات وشيكا».

وأوضح المالح في تسجيل بُث على الإنترنت أن الشخصيات الداعية لهذا المؤتمر، تمثل مختلف الأطياف. وأضاف أن هذه الشخصيات اجتمعت وصاغت مشروع وثيقة تتضمن رؤية مستقبلية لسوريا ستعرض للنقاش في مؤتمر الإنقاذ الوطني حيث سيتم في نهاية الاجتماع إصدار بيان يلخص أهم ما توصل إليه المشاركون.

وسيناقش المجتمعون وضع مبادئ عامة للخروج من الأزمة الحالية، وإقامة حكومة إنقاذ وطني تؤسس لدستور جديد بالإضافة إلى دراسة إمكانية إجراء انتخابات نيابية ورئاسية.

ولكن مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير أعلن لـ«الشرق الأوسط» عن تخوفه من تحول الاحتجاجات السورية لمجرد مؤتمرات وكلمات افتتاحية في قاعات الفنادق. وتابع درويش: «الشارع السوري لا يمثله إلا الشارع السوري نفسه»، معتبرا أن مرحلة ما بعد 15 مارس (آذار) أنتجت قياداتها الثورية والسياسية ولكن القبضة الأمنية تمنع ظهورها بصورة علنية. ولا يرى درويش أن مؤتمر الإنقاذ سيعقد في موعده مبررا ذلك بقوة القبضة الأمنية وهو ما اتفق معه عمار القربي الذي قال: «سقف مطالب مؤتمر الإنقاذ معقول ومتفق عليه من أغلب السوريين وهو ما سيحول دون موافقة السلطات على انعقاده».