يوسي سريد: الحكومات الإسرائيلية تقطف ثمار مسايرتها للمتطرفين اليهود

أوامر عليا منعت اعتقال الحاخام الذي شارك فعليا في دعم الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين

TT

مع انفلات مجموعة من ناشطي اليمين الديني المتطرف وإغلاقهم مداخل القدس الغربية مرة أخرى، صباح أمس، كشف النقاب في تل أبيب، عن جانب آخر من الدعم الحكومي الإسرائيلي لهذه القوى، واتضح أن حاخاما يهوديا كبيرا، كان قد دعم عصابات الإرهاب اليهودية بشكل فعلي، وساهم في تعزيز مفاهيم هذا الإرهاب، والإفتاء بأن جرائم القتل ضد الفلسطينيين مشروعة في الدين اليهودي، وأن أوامر عليا من الحكومة منعت اعتقال هذا الحاخام لمحاكمته. وقد شجعه ذلك على المضي في نهجه، لدرجة تأييد كتاب عنصري دموي يجيز قتل العرب، بمن في ذلك النساء والأطفال والعجزة، في أوقات الحرب.

وذكرت مصادر في اليسار الإسرائيلي، أمس، أن هناك عددا كبيرا من رجال الدين اليهود، معظمهم يعيشون في المستوطنات في الضفة الغربية وبعضهم يعيش في الداخل الإسرائيلي، لا يشعرون بأي رادع في تقديم العظة الدينية للمصلين اليهود بمفاهيم الاستعلاء العنصري والحقد والكراهية للعرب عموما وللفلسطينيين بشكل خاص. أحد كبار رجال الدين اليهود الذين ينتمون إلى هذا التيار، هو الحاخام دوف ليئور، الذي اعتقل في الأسبوع الماضي لمدة ساعة واحدة، وخرج ألوف من أنصاره إلى الشوارع، وأغلقوا مداخل القدس والكثير من مفارق الطرقات في الضفة الغربية.

وقد كشف النقاب، أمس، عن أن ليئور، الذي اعتقل بسبب تأييده الكتاب المذكور أعلاه، كان قد أطلق صفة قديس على باروخ غولدشتاين، المستوطن الذي نفذ مجزرة الخليل عام 1994، حين دخل الحرم الإبراهيمي خلال صلاة الفجر، وراح يطلق الرصاص على المصلين المسلمين من الخلف، وقتل 29 منهم وجرح آخرين. ليئور اعتبر غولدشتاين، أهم من كل ضحايا المحرقة النازية من اليهود. وكانت صحيفة «هآرتس»، قد نشرت في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أن ليئور كان على علاقة مع يغئال عمير، قاتل رئيس الوزراء إسحاق رابين عقابا له على اتفاقات أوسلو. وأن بيته والكنيس الذي يخدم فيه داخل مستعمرة «قريات أربع»، كانا بيتين دافئين للكثير من رجال عصابات الإرهاب اليهودي، وأحدهم مناحم ليفني، رئيس «عصابة الإرهاب اليهودي»، أكد ذلك خلال التحقيق معه.

و«عصابة الإرهاب اليهودي»، كانت قد تأسست في سنة 1980، بدعوى «الرد على الإرهاب الفلسطيني بنفس العملة». فقد أقاموا تنظيما ضم 29 شابا يهوديا من المستوطنين، وقتلوا ثلاثة طلاب جامعيين فلسطينيين اختاروهم بشكل عشوائي، وحاولوا اغتيال ثلاثة رؤساء بلديات في الضفة.

في حينه، اعتقلتهم السلطات الإسرائيلية وحاكمتهم، وأدانت 15 إرهابيا منهم، وحكمت المحكمة عليهم بالسجن ما بين 7 سنوات و16 سنة، وحكمت على قادتهم الثلاثة بالسجن المؤبد. لكن أيا منهم لم يمض أكثر من سبع سنوات، حيث أطلق سراحهم جميعا، بدعوى أن إسرائيل أطلقت سراح 1150 أسيرا فلسطينيا تعتبرهم إرهابيين، في أعقاب تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع تنظيم أحمد جبريل سنة 1990.

وحسب صيفي رخلوفسكي في صحيفة «هآرتس»، فإن المخابرات قررت اعتقال ليئور يومها، لكن أوامر عليا وصلت في الثانية الأخيرة قبل الاعتقال، تمنع محاكمته أو اعتقاله أو حتى التحقيق معه. ومع أن هناك أوساطا يمينية ادعت أن الامتناع عن اعتقاله كان بهدف إبقائه «مصيدة»، ليعرفوا من يزوره من الإرهابيين الآخرين، إلا أن النتيجة المباشرة كانت أن تحول الرجل إلى أحد كبار رجالات الدين اليهود في إسرائيل، يستقبله كبار قادة الدولة والحكومة، ويتاح له أن يقدم الدروس الدينية في الجيش الإسرائيلي، ويسير وراءه عشرات ألوف المؤمنين اليهود، المستعدون للخروج في صدامات مع الشرطة من أجله والهجوم على مقر محكمة العدل العليا، كما حصل في الأسبوع الماضي.

وقد تم تكرار الأمر نفسه، أمس، عندما اعتقلت الشرطة الحاخام يعقوب يوسيف، وهو نجل الحاخام الأكبر عوفاديا يوسيف، زعيم حزب «شاس» للمتدينين اليهود الشرقيين. فهذا كان مع ليئور وحاخام ثالث، قد باركوا الكتاب العنصري الذي يجيز قتل العرب. وقد رفض طيلة نصف سنة أن يمتثل لطلب الشرطة والقدوم إلى مقرها للتحقيق معه، فاعتقل أمس بينما كان خارجا من الصلاة في الكنيس. وانطلق مئات من مؤيديه إلى الشوارع لإغلاقها. وبعد أقل من ساعة، أطلقت الشرطة سراحه، رغم أن مؤيديه يؤكدون أنه لم يتعاون مع المحققين، وأن التحقيق معه لم يكن جديا.

وقال الكاتب يوسي سريد، وزير المعارف الأسبق من حزب ميرتس اليساري، إن إسرائيل تقطف الآن ثمار سياستها الممارسة طيلة سنوات، والتي كانت فيها تدلل المستوطنين ورجال الدين المتعصبين، فهذا الدلال يكون دائما على حساب سلطة القانون.