الأفغان يقبلون على مقاطع فيديو تعرض عمليات لحركة طالبان

تنافس كليبات بوليوود على إيقاع الموسيقى التصويرية

فيديوهات طالبان تعرض للبيع في متاجر بيع الاسطوانات المدمجة إلى جانب كليبات بوليوود الغنائية (نيويورك تايمز)
TT

داخل شارع به محال إلكترونيات، أخذ عدد من الشبان مرتدين ملابس جينز ضيقة يتفحصون أكشاكا بها أسطوانات «دي في دي»، وتجمعوا حول كشك جانبي، وقاموا بتحميل آخر الأغاني ومقاطع الفيديو الساخنة، وقاموا على الفور بتمريرها بعضهم لبعض عبر «البلوتوث» من تليفون جوال لآخر.

وغالبا ما يكون المحتوى جذابا من الناحية الجنسية، وشبه محظور داخل المجتمع الأفغاني: مغنيات يتمايلن من إيران أو نجمات صاعدات من الهند. ولكن خلال الأشهر الأخيرة، حظي نوع آخر من الهوس بشعبية كبيرة في العاصمة الأفغانية، ونال جاذبية بدرجة أكبر من جيل من الشباب المسلم التواق إلى الإثارة.

إنها صور حرب حقيقية وأعمال عنف صادمة: سيارات عسكرية أميركية تنفجر، وجنود غربيون يتطايرون في الهواء، ورجال أجانب مرعوبون يجرجرون على الأرض ويتم بتر أعضائهم. وكانت الموسيقى التصورية مزيجا من الطلقات النارية وشعارات يتغنى بها رجال يثنون على أبطال سقطوا ويدعون إلى التضحية باسم الإسلام. وتقول إحداها: «يا طالب تعالى إلى أحلامي، فالقتلة الملحدون الشجعان في كل مكان. سنحرق دبابتهم ونضرم فيها النيران. ونحول القتلة الملحدين الشجعان إلى رماد، ولكن يبقون أحياء.. يا طالب تعالى إلى قبري، فقد قتلني الطغاة الملحدون، سر على خطاي عندما أرحل.» وقد استخدمت تقنية إنتاج متقدمة في عمل مقاطع الفيديو التابعة لحركة طالبان، والبعض منها متاح داخل أفغانستان منذ عدة أعوام، ولكن خلال الأشهر الأخيرة ظهرت مقاطع أخرى داخل كابل. وليس واضحا المكان الذي وقعت فيها الحوادث، ولكن يبدو أن مقاطع الفيديو حقيقية.

وتعتبر هذه المقاطع غير قانونية. ويحصل بعض الباعة المتجولين على 20 سنتا مقابل تحميل هذه المقاطع، وهو السعر نفسه لكليبات المغنين أو رنات الجوال الجديدة. ولكن يحتمل إلقاء القبض عليهم وتعرضهم للسجن حال اكتشاف بيعهم مواد خاصة بالمتمردين.

وقال أحد الباعة، ويدعى «عبد ول» (17 عاما)، إنه حصل على أول مقطع خاص بحركة طالبان عندما طلب منه رجل يرتدي عمامة نسخ أغنية على شريحة تليفون خاصة به. ولكن كانت شريحة الرجل الغريب تحتوي بالفعل على الكثير: «القتال والقتل وزرع الألغام»، بحسب ما قال. والآن يقوم بنقل المقاطع القتالية إلى «أشخاص مختلفين، حيث يحب بعض الفتية مشاهدتها. ولكن أحرص على أن أتأكد أنهم ليسوا من الشرطة.» وظاهريا، يبدو معظم الأفغان الشباب المتعلمين والقاطنين بمناطق حضرية لا يتشابهون كثيرا مع مقاتلي حركة طالبان الريفيين، وليست لديهم رغبة في القتال، ولكن ربما تكون لديهم مشاعر متضاربة بشأن ما يبحثون عنه في حرب جعلت قوات «الناتو» غير المرغوب فيها في مقابل مسلمين محليين دائما ما يشير إليهم رئيسهم بـ«أبناء الأرض».

وتمثل الشعبية التي تحظى بها مقاطع الفيديو الخاصة بحركة طالبان، والجهود الرسمية لتتبعها، فصلا جديدا في الحرب الثقافية التي بدأت هنا قبل عقد تقريبا. وحتى الآن، ركزت المعركة على الجنس بدرجة كبيرة. وترفع محطات التلفزيون ومقاهي الإنترنت من حدود الترفيه الذي يتضمن إشارات جنسية، بينما تحاول وزارات حكومية ورجال دين إبقاء تجسيد المرأة والأزواج في إطار التقاليد الأفغانية المحافظة.

وفي العام الماضي، قامت وزارة الاتصالات بحظر اثنين من أكثر المواقع الإلكترونية شعبية التي يتصفحها شباب في العشرات من أندية الإنترنت بكابل، وينقل كلا الموقعين أشياء إباحية. وفي هذا العام، أصدر مجلس رجال الدين المسلمين بكابل فتوى ضد مسلسل تلفزيوني تركي يدعى «العشق الممنوع»، الذي يقوم على قصص حول علاقات جنسية وأعمال بغاء.

ويقول عناية الله بليغ، وهو أمام مسجد بالمجلس الديني: «هذه المسلسلات الدرامية حول النساء والجنس ضد التقاليد والقيم والثقافة الأفغانية، حيث إنها تنتهك خصوصية الإسلام وتدفع الشباب تجاه نوع من الحياة الوحشية»، وقال إن المجلس يعارض بالقدر نفسه مقاطع الفيديو الخاصة بحركة طالبان لأنها «تظهر فكرة وحشية وقاسية عن الإسلام». وكما الحال مع الجنس على التلفزيون، قال بليغ: «نعبر عن قلقنا العميق ونكره ذلك، ولكن في واقع الأمر لا يمكننا وقف ذلك.»

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»