معارض يحارب النظام السوري من مكتبه في شيكاغو

حضر مؤتمرات المعارضة في تركيا وبلجيكا وتحدث أمام «منتدى السياسة» في قطر وواشنطن

ياسر طبارة
TT

ربما يعيش ياسر طبارة في النصف الآخر من العالم بعيدا عن سوريا، حيث نشأ، لكن في الوقت الذي تتواصل فيه الانتفاضة هناك، يصعد المحامي المقيم في شيكاغو من انتقاداته الدبلوماسية وتحركاته القانونية ضد النظام السوري ليبرز وحشيته في الرد على المظاهرات ويساعد في الإطاحة ببشار الأسد.

حضر ياسر طبارة، 35 عاما، خلال الأسابيع الماضية مؤتمرات للمعارضة السورية في تركيا وبلجيكا وتحدث أمام «منتدى السياسة» في قطر وواشنطن، كما رفع دعوى قضائية أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يتهم فيها الحكومة السورية بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، كما ساعد في صياغة خطاب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة طالب فيه بضرورة التحرك الفوري؛ هذا في الوقت الذي كان يتوصل فيه مع المتظاهرين داخل سوريا، إلى جانب تمثيل موكليه أمام محاكم شيكاغو. قليلون هم الأفراد المؤهلون لتقديم الدعم الخارجي للانتفاضة، لكن المحامي الناشط في حقوق الإنسان المولود في الولايات المتحدة والذي تربي في دمشق له تاريخ طويل في الدفاع عن حقوق الإنسان ومارسه أمام المحاكم الغربية إضافة إلى المحاكم الدولية، وضد السياسات السورية.

ومنذ منتصف مارس (آذار)، أطلق الأسد قبضة القوات الأمنية وقوات الجيش ضد المتظاهرين، فيقول الناشطون إن ما يقرب من 1.400 سوري لقوا مصرعهم. ويشير طبارة إلى أنه عندما شاهد هذه الأحداث انتابه إحساس بالغضب والمسؤولية من أن بلده يمكن أن تقوده عصابة المافيا هذه.

تمثل وجهة النظر هذه تحولا جذريا بالنسبة لشخص عمل العام الماضي مع المنظمات الدولية لتحسين النظام القضائي والقانوني في سوريا، وخلال الشهر الماضي فقط تم اختياره للقاء أسماء الأسد قريبة الرئيس لمناقشة إنشاء النسخة السورية من «تعليم أميركا»، الذي يدرب المدرسين المتوقعين على الالتزام بالعمل عامين في فصول دراسية في المدن الكبيرة والمجتمعات الريفية.

ألغي الاجتماع مع بداية الثورة، وأكد طبارة على أنه غير قناعاته بشأن محاولة إصلاح النظام السوري بعد ما شهده من إطلاق قوات الأمن السورية النار على المتظاهرين المسالمين، وسمع الإهانات وأدرك العقلية التآمرية الواردة في خطاب الأسد.

ويقول طبارة: «كنت على الدوام مؤمنا إيمانا جازما بأن الديمقراطية لا تأتي بين عشية وضحايا، لكن الانتفاضة في سوريا التي جاءت في أعقاب الثورات الأكثر سلمية والتي أطاحت بالأنظمة الحاكمة في مصر وسوريا، أقنعتني أن هذه العملية يمكن تسريعها. فكثير من الإصلاحات التدريجية التي لم تنجز على الإطلاق لديها الآن فرصة».

ويتفق عمار البيراقدار الطبيب السوري الذي انتقل إلى الولايات المتحدة عام 1990 وهو ناشط ضمن الجالية السورية في منطقة شيكاغو، معه في هذا الطرح، فيقول البيراقدار: «هو الآن يحاول تنظيم جهود المعارضة ونحن ندعمه. فهو يتمتع بمعرفة كبيرة، وهو خطيب مفوه وشخصية صادقة».

تاريخ طبارة حافل بالنشاط السياسي؛ فقد انتقل الرجل إلى الولايات المتحدة للدراسة في الجامعة في منتصف التسعينات، بعد الحصول على ليسانس الحقوق من جامعة دي بول، وقدم الاستشارات القانونية للجاليات الإسلامية والعربية في منطقة شيكاغو في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول). كما قضى عاما في تدريس قانون حقوق الإنسان الدولي في جامعة كالامون في دمشق، وعمل مع المنظمات المحلية لتحسين التعليم في دمشق.

في عام 2008 أسس طبارة شركة «زرزور وخليل وطبارة للمحاماة»، بدأها مع زميليه خريجي جامعة دي بول التي كانت تساعد على الأغلب المنظمات غير الربحية والمهاجرين في المسائل القانونية. كما أنشأ العام الماضي مؤسسة «بروجيكت موبيلايز» التي تدعم المرشحين المسلمين في منطقة شيكاغو.

ومنذ بداية المظاهرات المناوئة للحكومة في سوريا في 15 مارس انتشرت الحركة في أنحاء البلاد وواجهت قمعا دمويا من النظام. وقال طبارة إنه يتواصل بانتظام مع قادة المظاهرات والأصدقاء والعائلة والطلبة السابقين، الذين أعرب البعض منهم عن قلقه من مساندة الحركة، نظرا لأن الكثير من عائلات الطبقة المتوسطة كانت تعتمد على النظام في الرفاهية.

لكن ذلك قد يتغير، فيتوقع طبارة أن «تنضم هذه المجموعات إلى الحركة بأعداد كبيرة لاحقا. أنا أعرف أشخاصا ينتمون إلى هذه الطبقة كانوا يعملون بجد في محاولة لتعبئة الأفراد».

ويعتقد بعض المحللين أن ضآلة الموارد المالية والضغط الدولي ربما يعمل على تمزق نظام الأسد. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في مؤتمر إخباري يوم الجمعة أنه من الواضح تماما أن الحكومة السورية تخسر مع مرور الوقت. في حين أكد طبارة على ثقته في أن الثوار سينجحون وأن «هذه الجموع لن تتراجع وأنهم لن يقبلوا بأقل من التغيير الكامل للنظام».

وأضاف أنه غير متيقن من التأثير الذي يمكن أن يحدثه هو أو غيره على الحركة الخاصة من أجل التغيير في سوريا، لكن «هذا الجهد جدير بأن يبذل على الرغم من ذلك». وقال طبارة: «أعتقد أننا نزيد الوعي وننشر المعلومات الصحيحة بشأن الثورة ونعلم الحكومات والمسؤولين بشأن ما يجري على الأرض. وهو بالتأكيد يأتي على نقيض ما تقوم به دبلوماسية النظام».

* خدمة «نيويورك تايمز»