عشرات آلاف اليمنيين يفرون من العنف في الجنوب

اليمن: شباب التغيير يتهمون الحكومة بتسليم «أبين» لـ«القاعدة» ويؤيدون قيام «مجلس انتقالي»

محتجون يمنيون أثناء مسيرة تطالب برحيل نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في تعز جنوب اليمن أمس (رويترز)
TT

قال مسؤول حكومي إن زهاء 54 ألف يمني فروا من محافظة أبين في جنوب البلاد منذ سيطر المتشددون على عاصمتها الشهر الماضي مع اشتداد القتال في المنطقة. وما زالت المظاهرات الضخمة المطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح والأزمة السياسية التي تعصف باليمن تشل البلاد. وتتعرض حكومته لخطر فقدان السيطرة على أجزاء من البلاد واكتساب جناح «القاعدة» المحلي موطئ قدم قرب خطوط الملاحة.

ويثير فرار الآلاف من العنف في الجنوب وكذلك نقص الغذاء والماء احتمال أن تشهد البلاد أزمة إنسانية وهي على شفا الانهيار بالفعل. وقال مسؤول حكومي مكلف بشؤون اللاجئين لوفد من الأمم المتحدة يزور اليمن إن عشرات الألوف فروا من أبين إلى عدن.

واستولى المتشددون على مدى الشهور الأخيرة على مدينتين وقاعدة عسكرية في أبين ويقاتلون الجيش للاستيلاء على قاعدة أخرى خارج عاصمة المحافظة.

وتتفاقم الأوضاع الأمنية في البلاد؛ حيث شهدت العاصمة صنعاء مظاهرات احتجاج أمس للتنديد بموقف النظام من الأحداث في محافظة أبين التي قالوا إن النظام سلمها لـ«القاعدة»، كما شهد عدد من القرى القريبة من مدينة تعز (جنوبا) قصفا عنيفا من قبل قوات الجيش الموالية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وفي صنعاء، تظاهر عشرات الآلاف أمس تضامنا مع أبناء محافظة أبين التي يسيطر مسلحون من «القاعدة» على أجزاء منها، متهمين السلطات بتسليم هذه المناطق للتنظيم. وانطلق المتظاهرون من وسط ساحة التغيير نحو منزل نائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، مرددين شعارات تتهم نظام الرئيس علي عبد الله صالح بدعم وتسهيل دخول الجماعات المسلحة المتطرفة إلى مدينة زنجبار، عاصمة أبين، والتسبب في نزوح عشرات الآلاف من أبناء المحافظة. ولم يسمح حراس منزل هادي إلا لوفد من خمسة أشخاص بتجاوز الحاجز الأمني أمام بوابة منزل نائب الرئيس والدخول لمقابلته وتسليمه رسالة باسم المتظاهرين. وطالب المحتجون في الرسالة بـ«وضع حد للمهزلة واتخاذ إجراء يحفظ لأبناء أبين دماءهم وأعراضهم، ووقف الدعم العسكري للمجاميع المسلحة في زنجبار، وتوفير الدعم والإمداد العسكري للقوات الوطنية التي تقاتل المسلحين في أبين». وفي تعز، قصفت القوات الموالية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح عدة بلدات قريبة من مدينة تعز بجنوب اليمن الليلة الماضية. وقال ناشط إن عناصر من الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي استخدمت المدفعية الثقيلة لقصف البلدات الواقعة في الجانب الشمالي الغربي لتعز، واصفا القصف بأنه الأعنف الذي تعرضت له تعز على الإطلاق. وأوضح أن هذه البلدات هي مسقط رأس رجال القبائل الذين تعهدوا بدعم المحتجين الداعين إلى الإطاحة بنظام صالح. وفي حين أكد سكان محليون أن ثلاثة على الأقل من رجال القبائل قتلوا وأصيب العديد، أعرب شاهد عيان عن اعتقاده بأن الضحايا أكثر من هذا بكثير، إلا أنه من الصعب تحديد العدد لأن الكثير من الأسر تفضل إسعاف مصابيها في البيت خشية تعرضهم للاعتقال لدى مرورهم على النقاط الأمنية أو خلال وجودهم بالمستشفيات. وأكد أن أكثر من مائتي أسرة نزحت من أكثر من 8 بلدات خوفا من الهجمات. وقال مصدر من المستشفى العسكري في تعز إن المواجهات التي اندلعت بين الجانبين بعد القصف أسفرت عن مقتل 11 جنديا وإصابة ثمانية. تجدر الإشارة إلى أن أحمد، الابن الأكبر لصالح، يقود الحرس الجمهوري، بينما يقود ابن أخيه يحيى الأمن المركزي. ويقول أحد زعماء الاحتجاجات إن المؤسسات العسكرية هي التي تقف أمام انتقال قيادة الأجهزة الأمنية إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي. وأوضح أن 70% من قوات الجيش تؤيد المتظاهرين، واصفا مؤيدي صالح بأنهم «أحزمة أمنية قليلة العدد لكنها تمثل النخبة المدربة والمسلحة تسليحا حديثا». من جهته، أكد عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية باليمن وسيم القرشي دعم الشباب في الساحات للمجلس الانتقالي المقترح من قبل أحزاب «المشترك»، خاصة أنه سيعرض أولا على الشباب في الساحات اليمنية المختلفة. واستبعد القرشي، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، إمكانية أن تتحول اليمن لصومال جديد بفعل كثرة تصارع القوى الداخلية على الحكم. وقال: «في الصومال كان هناك أكثر من طرف يتصارع، أما باليمن، فلا يوجد سوى أبناء علي صالح في جهة، والشعب والقوى السياسية والحزبية والجيش المؤيد للثورة في الجهة الأخرى، وبرحيل أولاد صالح تحل المشكلة ويدخل اليمن بداية الطريق نحو دولة مدنية». وقلل القرشي من احتمالية لجوء أبناء صالح للقوة العسكرية لإجهاض خطوة تشكيل المجلس، قائلا: «نتوقع أن يحاولوا استخدام القوة، لكن المجلس عند تشكيله سيحظى بتأييد الجيش المنضم للثورة. وبالتالي، هذا سيكون عامل حسم، وسيشعر هؤلاء أن استخدامهم للقوة غير مجد وبالتالي قد يمتنعون عن هذه الخطوة». وقد ذكر أن الرئيس علي عبد الله صالح الذي يعالج في مستشفى بالرياض لن يتخلى عن الحكم إلى أن يعود للإشراف على انتقال السلطة مما يطيل من أمد حالة الشلل السياسي.