مصر: السيطرة على حريق خط تصدير الغاز الطبيعي للأردن وإسرائيل

خبير أمني لـ «الشرق الأوسط» : تأمين خطوط الغاز مستحيل والوصول إليها سهل

نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال لقائه مع رئيس الوزراء المصري عصام شرف أمس (أ.ف.ب)
TT

تمكنت السلطات المصرية أمس من السيطرة على الحريق الذي نشب في خط تصدير الغاز إلى إسرائيل في العريش بعد تعرضه للتفجير من جانب مسلحين مجهولين. وفي حين وصف اللواء عبد الوهاب مبروك محافظ شمال سيناء حادث التفجير بـ«الإرهابي»، معتبرا أنه يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في مصر. قال خبراء أمنيون إن عمليات التفجير نوع من الاعتراض الشعبي على استمرار تدفق الغاز لإسرائيل.

وقالت مصادر أمنية في شمال سيناء إن مسلحين اقتحموا المحبس الفرعي بقرية النجاح التابعة لمركز ومدينة بئر العبد بشمال سيناء ونفذوا عملية التفجير عن طريق وضع عبوة ناسفة ثم قاموا بتفجيرها عن بعد. وأضافت المصادر الأمنية أن المسلحين الذين كانوا يستقلون سيارتين ودراجة نارية اقتحموا المحطة ووصلوا إلى مكان المحبس الذي يقع في منطقة جبلية بعد السيطرة على الحراس وتكبيلهم تحت تهديد السلاح، وقاموا بوضع عبوات ناسفة أسفل أنبوب الغاز، ثم قاموا بتفجيرها عن بعد بطلقات الرصاص ولاذوا بالفرار.

وأكدت المصادر أن المسؤولين في شمال سيناء قاموا بإغلاق جميع المحابس لمنع عمليتي خروج أو دخول الغاز من وإلى المحطة وإيقاف ضخ الغاز إلى المحطة البخارية للكهرباء بالعريش التي تعمل بالغاز ووقف ضخ الغاز إلى 2500 منزل بالعريش والمنطقة الصناعية بوسط سيناء وخطوط تصدير الغاز إلى الخارج.

ويعد هذا الانفجار في خط الغاز المصري بمدينة العريش هو الثالث، حيث كان الخط قد تعرض لتفجيرين من قبل في 5 فبراير (شباط) و27 أبريل (نيسان) الماضيين، مما أدى إلى توقف ضخ الغاز تماما إلى الأردن.

وفي حين أكد مصدر أمني بسيناء على أن التفجير حدث بالطريقة نفسها التي تم بها التفجيران السابقان وأن الجناة تمكنوا من الفرار وسط الصحراء، وأنه حتى الآن لا يمكن الجزم بهويتهم، وأنه تم أخذ عينات لتحديد نوع المادة التي تم استخدامها في التفجير، نفي مسؤول في الشركة المصرية للغازات الطبيعية «جاسكو» تأثر منازل العريش والمحطة البخارية من توقف الضخ مباشرة، مشيرا إلى أن مخزون الغاز في الشبكات قد يكفي لأيام.

وحسب شهود عيان، فإن الانفجار أحدث دويا هائلا وأن سكان المنطقة، حيث يقع أقرب منزل على بعد 500 متر، أصيبوا بفزع شديد. وقد قررت النيابة العامة في شمال سيناء إرسال المادة المستخدمة في التفجير إلى المعمل الجنائي لتحديد نوعيتها، وطلب تقرير معاينة الأدلة الجنائية، كما قررت سرعة ضبط وإحضار المتهمين.

وأكد المهندس مجدي توفيق رئيس الشركة المصرية للغازات الطبيعية (جاسكو) أن الشركة بدأت أعمال إصلاح خط الغاز، موضحا أن العاملين في الشركة قاموا بإغلاق محبس الغاز وحصر المنطقة التي وقع فيها الاشتعال.

وأضاف توفيق أنه تم تشكيل لجنة فنية لإعداد تقرير نهائي حول حادث التفجير، الذي أدى إلى اشتعال النيران في إحدى غرف صمامات التحكم بخط غاز عبر سيناء (غرفة القطع رقم 2) تعدية السكة الحديد بقرية النجاح (وتبعد نحو 100 كيلومتر من العريش).

وأشار توفيق إلى أنه تم العثور على عبوة لم تنفجر في (الغرفة رقم 3) على بعد 700 متر من الغرفة رقم 2، وأن القوات المسلحة تولت إبطال مفعولها، موضحا أن الانفجار أدى إلى انقطاع إمدادات الغاز إلى محطة كهرباء العريش ومصنع الإسمنت الأبيض ومصنع إسمنت العريش الرمادي ومصنع القوات المسلحة بالعريش وانقطاع إمدادات الغاز للسوق المحلىة، بالإضافة إلى توقف خط التصدير.

من جانبه، أوضح الخبير الأمني اللواء أحمد عبد الحليم، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن انفجار خط الغاز جاء نتيجة إعلان مصر، أنها سوف تقوم بمراجعة عقود تصدير الغاز بعد فترة من الزمن، لافتا إلى أن الشعب المصري يدرك أن هناك عقودا غير سليمة تمت مع إسرائيل بخصوص الغاز، وعلى الرغم من ذلك، فإن تصدير الغاز مستمر ويصل إلى إسرائيل.

وقال عبد الحليم لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات التفجير عبارة عن نوع من الاعتراض الشعبي على استمرار تدفق الغاز إلى إسرائيل، ونوع من الدعم بشكل غير مباشر للموقف الرسمي الحكومي.

وأوضح أن من ضمن الأشياء التي تثير الرأي العام هو تهديد إسرائيل باللجوء إلى التحكيم الدولي والمحكمة الدولية، لافتا إلى أنه يبدو أن هناك عقودا موقعة في هذا الشأن، وهذا معناه أن هناك التزاما من جانب مصر ناحية إسرائيل، بوصفها طرفا في وثيقة موقعة بالفعل، موضحا أن هذا الأمر لا يرضي الشعب المصري.

وبسؤاله إن كانت عمليات التفجير مرتبة أم تتم بشكل عشوائي، أوضح عبد الحليم أن الخط الذي فجر خط طويل جدا، وموجود في منطقة غير مأهولة بالسكان، وبالتالي، فإن عمليات الوصول إلى هذا الخط سهلة وليست عملية صعبة، لأن مراقبة الخط من السلطات المحلية بشكل دقيق طول الوقت من بداية الخط إلى نهايته أمر مستحيل، لافتا إلى أنه سواء كانت عمليات التفجير فردية أم من منطلق الوطنية لبعض الجماعات السياسية في مصر، أم مرتبة من بعض الجهات الأخرى التي نعتبرها وطنية؛ فلا يمكن التحكم فيها.

وكانت قوى سياسية مصرية مختلفة قد طالبت بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، وطالب المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، في تصريحات صحافية سابقة، بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، وهدد بأنه لو لم يحدث ذلك فسيتم تفجير خط الإمداد، معتبرا أن هذا حق مشروع، وأنه لا يعقل أن تضاء إسرائيل بالغاز المصري والمواطن في مصر يموت في طابور أنبوبة البوتاجاز.