الجيش التايلاندي يقبل بفوز المعارضة المؤتلفة مع 5 أحزاب والمؤيدة لتاكسين

لخروج البلاد التي شهدت 18 انقلابا عسكريا من العنف السياسي وتقليص الهوة

بائع يبيع قمصانا كتب عليها عبارة «أنا أحب تايلاند» قرب مركز تجاري في وسط المدينة في بانكوك أمس (أ.ب)
TT

أعلن الجيش التايلاندي، الذي يشتبه بأنه يتدخل دائما في الشؤون السياسية للبلاد، أمس أنه قبل بفوز المعارضة في الانتخابات التي شكلت ائتلافا مع 5 أحزاب لترسيخ غالبيتها.

ونشرت صورة ينغلاك شناواترا، 44 عاما، رئيسة الوزراء المقبلة، على الصفحات الأولى للصحف. وحققت شقيقة تاكسين شناواترا الذي أطاح به الجيش في عام 2006، ويقود المعارضة من منفاه في دبي، فوزا ساحقا في هذه الانتخابات.

وكان هذا الاقتراع محوريا لخروج البلاد من العنف السياسي وتقليص الهوة القائمة بين النخب في العاصمة والفئات المحرومة في المدن والأرياف، التي لا تزال مخلصة لتاكسين. ويبدو أن هذه الغاية قد تحققت، أقله على الأجل القصير! لأن التصويت جرى في هدوء ولم يحتج أي طرف، حتى الساعة، على فوز حزب بوا تاي (من أجل التايلانديين)، الذي حصل، بحسب النتائج النهائية، على 265 مقعدا من أصل 500. وفاز الحزب الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ابهيسيت فيجاجيفا، على 159 مقعدا.

وأعلن رئيس الوزراء التايلاندي المنتهية ولايته ابهيسيت فيجاجيفا، أمس، استقالته من رئاسة الحزب الديمقراطي التي تولاها منذ 2005.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي أنه «بالنظر إلى أن الحزب فاز بمقاعد أقل من الانتخابات السابقة.. وباعتباري قائدا مسؤولا، أتحمل مسؤولية ذلك وأستقيل»، مشيرا إلى أن الحزب سيختار رئيسا جديدا في غضون شهرين.

وقال: «النتيجة واضحة: حزب بوا تاي فاز بالانتخابات والديمقراطيون هزموا»، داعيا البلاد إلى «الوحدة والمصالحة».

من جهته أعلن وزير الدفاع التايلاندي، أمس، أن الجيش قبل فوز المعارضة في الانتخابات التشريعية، ولن يتدخل لمنعها من حكم البلاد، وذلك إثر اجتماع عقده مع كبار القادة العسكريين.

وقال الجنرال براويت وونغسوون لوكالة الصحافة الفرنسية: «نعم، لقد بحثت الأمر مع القادة العسكريين. سندع رجال السياسة يعملون، والجيش لن يتدخل في الأمر». وأضاف أن «الشعب قال كلمته بوضوح، وبالتالي فلا يمكن للعسكريين فعل شيء. نحن نقبل (النتيجة)، ماذا بوسعنا أن نفعل؟».

وشهدت تايلاند 18 انقلابا عسكريا أو محاولة انقلاب منذ 1932، وهناك مخاوف دوما من أن يتدخل الجيش للإطاحة بالعملية الانتخابية في كل مرة لا يكون موافقا على نتائجها.

وعلى الرغم من نفيه المتكرر لشائعات تحدثت عن عزمه تنفيذ انقلاب إذا ما فازت المعارضة، فإن قائد الجيش النافذ، برايوت تشان اوتشا، لم ينجح في تهدئة هذه المخاوف، بل إنه دعا قبيل الانتخابات إلى التصويت «للصالحين»، فيما اعتبر هجوما مباشرا على ينغلاك.

لكن حجم الفوز الذي حققته ينغلاك، التي لم تكن معروفة قبل شهرين على الساحة السياسية، يجعل من التدخل العسكري أمرا صعبا.

وفي هذا الخصوص قال أندرو ووكر، الخبير في السياسة التايلاندية في جامعة كانبيرا الوطنية في أستراليا: «على القوات المعارضة لتاكسين أن تحذر من ردها، نظرا إلى وضوح نتائج الانتخابات». وعقدت ينغلاك أول مؤتمر صحافي كرئيسة وزراء مقبلة، أعلنت خلاله عن ائتلاف جديد سيضم حزب شارت تاي باتانا ونوابه الـ19، ليحصل على 299 مقعدا من مقاعد البرلمان الـ500.

وقالت شقيقة تاكسين شناواترا: «اتفقت خمسة أحزاب على العمل معا لحكم البلاد وحل مشكلات الشعب». وأضافت خلال مؤتمر صحافي: «اتفقت الأحزاب الخمسة على أن أول مشكلة ملحة، هي التوصل إلى مصالحة. سنتحاور مع كل الأحزاب».

وستكون حكومتها الآن في منأى عن أي انشقاقات، وأي «اتهامات بالديكتاتورية البرلمانية»، التي وجهت في الماضي لحلفاء تاكسين، عندما كان يحكم البلاد منفردا، بحسب ما قال بيشاي شوينسوكسوادي، رئيس تحرير صحيفة «بانكوك بوست».

وأكد رئيس الوزراء التايلاندي السابق، من منفاه في دبي، أن الأولوية بالنسبة له هي للمصالحة، وليس لعودته الفورية.

وفي حديث أجراه مع الصحافيين في منزله الفخم في حي تلال الإمارات الراقي، قال تاكسين: «إن عودتي ليست أولوية. الأولوية هي للمصالحة».

وأضاف: «كنت في الحزب لفترة طويلة جدا، وأريد الآن التقاعد. عودتي إلى تايلاند لا تعني الاستمرار في العمل السياسي».

وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات 75 في المائة. وستحقق اللجنة الانتخابية في 200 شكوى، خصوصا بشأن شراء أصوات! وأمامها مهلة شهر للمصادقة على النتائج أو إقصاء بعض المرشحين. وأعلن مسؤول أن اللجنة قررت منذ الآن إقصاء خمسة مرشحين.

وبعد إعلان فوزها قالت ينغلاك متوجهة إلى أنصارها: «إن الشعب منحني فرصة، سأبذل قصارى جهدي من أجل الشعب».

من جهتها أعربت كمبوديا عن ارتياحها لفوز حزب تاكسين شناواترا، المقرب من بنوم بنه، في الانتخابات، معربة عن الأمل في أن تميل الحكومة المقبلة أكثر «للسلم» في النزاع الحدودي بين البلدين.