سعود الفيصل: ندعو الجميع للحكمة والعقل وتجنب الدماء واللجوء إلى الإصلاحات

قال إن التصريحات الإيرانية حول العلاقة مع السعودية متناقضة وأكد وجود دعوة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة الرياض

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لدى استقباله ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني في جدة أمس (رويترز)
TT

اتهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران بـ«المتناقضة»، بيد أنه استدرك قائلا: «لا بأس من التناقض في السياسة»، لافتا إلى وجود دعوة قائمة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة الرياض.

وقال خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بحضور نظيره البريطاني ويليام هيغ: «إذا كانت لدى إيران نية من أجل مباحثات مثمرة مع السعودية، فإننا نرحب بها بالكامل، خصوصا أننا قد وجهنا دعوة إلى وزير الخارجية السابق، إلى جانب أن الوزير الحالي أيضا لديه دعوة لزيارة الرياض»، موضحا أنه في حال قبول إيران تلك الدعوة، فإن المباحثات بين البلدين ستبدأ.

وأشار إلى عدم وجود مبادرة سعودية بهذا الشأن، وإنما هناك سلسلة من المباحثات بين كل من السعودية وإيران، إضافة إلى أن المملكة كانت قد وضعت في وقت سابق النقاط التي يجب حلها بين البلدين كي تعود العلاقات إلى مستواها الطبيعي، بحسب قوله.

وأضاف: «للأسف لم تحل تلك القضايا نتيجة عدم الاجتماع بسبب شروط كانت قد وضعتها إيران من أجل الاجتماع بها، إلا أن وزير الخارجية الإيراني الحالي أبدى رغبته في استمرار الحوار، فأبلغته بوجود دعوة للمجيء إلى المملكة متى ما أراد، وتوقفت الأمور عند هذا الحد».

ولفت إلى وجود استراتيجية لدى مجلس التعاون الخليجي لحفظ أمن الدول الخليجية، خصوصا أن هذه السياسة لا تخص بلدا واحدا، وأن إيران دولة جارة وكبيرة وتلعب دورا في المنطقة، إلا أن ذلك الدور يكون مقبولا إذا كان ضمن إطار يكفل مراعاة مصالح الدول الخليجية.

وبالنسبة لرغبة إيران في البروز كدولة قائدة للمنطقة، بين الأمير سعود الفيصل أنه من الناحية النظرية لا يوجد تعارض مع تلك الرغبة، إلا أنه في حال كانت إيران تريد أن تمارس دورا قياديا في المنطقة، فإنه ينبغي لها أن ترعى مصالح دول المنطقة بأكملها وليست مصالحها الذاتية فقط.

وكان وزيرا الخارجية السعودي والبريطاني قد عقدا أمس جلسة مباحثات تناولت العلاقات الثنائية بين المملكتين، إضافة إلى بحث الأزمات التي تشهدها المنطقة وتطوراتها، إضافة إلى مناقشة دعم الحكومة البريطانية لمبادرة دول مجلس التعاون لحل الأزمة اليمنية.

وكشف الأمير سعود الفيصل عن حال صحة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يتلقى العلاج حاليا في العاصمة السعودية الرياض، مبينا أنها «جيدة»، وقال: «يتطلب حل الأزمة اليمنية استجابة الأطراف كافة والحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وتجنيبه مخاطر اندلاع حرب أهلية»، مؤكدا أن المبادرة الخليجية ما زالت قائمة برغبة من الجانب اليمني بطرفيه. ولكنه استدرك قائلا: «نحن نسعى حاليا إلى استفسار عن مدى رغبة الطرفين اليمنيين في البدء بهذه المبادرة، التي تخضع للدراسة الآن، إضافة إلى أننا بصدد تجميع موافقتيهما، حيث إنه في حال الموافقة على المقترح الأخير سيتم الإعلان عنه».

وذكر وزير الخارجية السعودي أن مباحثاته مع نظيره البريطاني عكست أيضا ارتياحا لعودة الأمن والاستقرار في البحرين، والترحيب بإطلاق الحوار الوطني الشامل بين أبناء البحرين كافة بناءا على رغبة مليكها، إضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الأحداث التي شهدتها، مع التنويه بمسيرة الإصلاح والتطوير الجاري القائمة بها ورفض أي تدخلات أو مؤامرات خارجية، أو أي محاولات للعبث بأمن الخليج أو إثارة الفتن فيه.

وفي رد على سؤال بشأن وجود القوات السعودية في البحرين في إطار قوات «درع الجزيرة»، أفاد الأمير سعود الفيصل بأن وجودها هدفه حفظ الأمن والاستقرار وليس التدخل في الشأن الداخلي.

وفي إطار متابعة الأحداث بالمنطقة العربية، أبان أنه في الوقت الذي تحرص فيه السعودية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، «فإننا لا نستطيع إلا أن نشعر بالأسى والحزن لسقوط العديد من الضحايا المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال جراء الأزمات القائمة»، معربا عن أمله في وقف سقوط ضحايا من المدنيين جراء الأحداث التي تشهدها عدة دول عربية في الوقت الحالي. واستطرد قائلا: «ندعو الجميع إلى الحكمة والعقل في معالجة الأمور وتجنب إراقة المزيد من الدماء، واللجوء إلى الإصلاحات الجارية التي تكفل حقوق وكرامة الإنسان العربي، مع التأكيد على الحرص على الأمن والاستقرار في ربوع العالم العربي والحفاظ على وحدة أوطانه واستقلالها».

وبين الأمير سعود الفيصل أنه تم بحث الجهود الدولية القائمة لإحياء عملية السلام الفلسطيني - الإسرائيلي، إلى جانب الترحيب بالمبادرة الفرنسية لإطلاق العملية السلمية القائمة على أساس البدء في مفاوضات الحدود والأمن تمهيدا لمعالجة بقية القضايا الجوهرية التي على رأسها القدس، بشرط زمني لا يتجاوز مدة عام واحد بغية الوصول إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وفي ما يتعلق بالشأن اللبناني، أوضح وزير الخارجية السعودي أن إعلان السعودية في وقت سابق عن رفع يدها عما يحدث في لبنان جاء نتيجة تعقيب على الأوضاع هناك، الذي بدا وكأنه يهدف إلى جعل الوساطات الخارجية مدعاة لأعمال غير مقبولة في الداخل.

وقال: «الآن، وبعد صدور قرار المحكمة الدولية، نأمل من اللبنانيين السعي إلى تحقيق العدالة وتحكيم العقل ومنع هذه الحادثة من إعادة عدم الاستقرار اللبناني، خاصة أن إنشاء المحكمة الدولية كان بتصويت من قبل الفئات السياسية التي تعارض نتيجة المحكمة الآن».

ونفى الأمير سعود الفيصل استضافة السعودية عائلة بن لادن، حيث أكد على أن هناك عائلة وصفها بـ«الكريمة» والمتمكنة من رعاية مصالح أسرتها، فضلا عن أن أفرادها يعيشون مواطنين ومكرمين في المملكة، مضيفا: «ليست كل عائلة بن لادن هي أسامة، والفاسد فاسد، وهذا يحدث في أحسن العائلات، إلا أن بقية الأسرة لا لوم عليهم في هذه البلد».

من جهته، برر وزير الخارجية البريطاني وجود القوات البريطانية في ليبيا وعدم تدخلها في أحداث سوريا بقوله: «الوضع في سوريا لا يستدعي وجودنا بخلاف ما يحدث في ليبيا من قتل للمدنيين، إضافة إلى أن القوات البريطانية تعد جزءا من حلف الناتو، إضافة إلى أن دخولها إلى ليبيا كان بدعوة من جامعة الدول العربية التي لم تدعنا لفعل ذلك في سوريا».

وقال هيغ: «نعمل معا في فترة التغيير الكبير في المنطقة، ونتعاون في سوريا واليمن والبحرين، نطالب بشراكة أكبر للشارع، والمزيد من حقوق الإنسان».

وأضاف: «نشاطر السعودية القلق تجاه اليمن، وندعم مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ونرحب بجهود السعودية في البحرين؛ حيث أعتقد أنه تم تخفيض عديد القوات السعودية هناك».

وتابع وزير الخارجية البريطاني: «بحثنا الأوضاع في سوريا، وأهمية أن تقوم السلطات فورا، وفي أسرع وقت ممكن، بوقف العنف والبدء بإصلاحات».

وبالنسبة لإيران، أوضح: «سنبذل جهودا كبيرة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية».

وحول ليبيا، قال: «إن العملية مستمرة لوقت طويل هناك، وسنواصل ضغوطنا الاقتصادية والدبلوماسية، كما سيتكثف الضغط العسكري خلال الأسابيع المقبلة».

وأوضح ردا على سؤال: «هناك فرق بين سوريا وليبيا، فما نفعله في لييبا يأتي استجابة لطلب جامعة الدول العربية. أما في سوريا، فليس هناك طلب مماثل من الجامعة. ونحاول تمرير قرار في مجلس الأمن يدين العنف».

على صعيد آخر، أكد الوزير البريطاني أن السعودية «أكبر شريك تجاري لنا في الشرق الأوسط، وشريك مهم لنا في الحرب على الإرهاب».

وأضاف: «هناك أكثر من 200 مشروع مشترك بقيمة تتجاوز 70 مليار دولار، كما يعيش حوالي 20 ألف بريطاني في السعودية، و16 ألف طالب سعودي يتلقون دراساتهم في بلدنا».

وقد أوضح بيان بريطاني أن هيغ «سيشدد على الأهمية التي توليها المملكة المتحدة لعلاقاتها الثنائية» مع السعودية، وهي عازمة على تطويرها إلى «شراكة استراتيجية كاملة» تكون على مستوى الشراكة بين بريطانيا والقوى الكبرى الحليفة لها.