المعارضة تشن هجوما عنيفا على حكومة ميقاتي على خلفية محكمة الحريري

البرلمان اللبناني يواصل جلسات الثقة اليوم

الحكومة اللبنانية أمس في أول يوم من مناقشة البرلمان البيان الحكومي لإعطائها الثقة على أساسه (رويترز)
TT

باشر المجلس النيابي اللبناني أمس أولى جلساته المخصصة لمناقشة البيان الوزاري، تمهيدا لمنح حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة وإطلاق يدها للعمل على ترجمة مضمون بيانها الوزاري. وبينما حجب نواب المعارضة المتمثلة بقوى «14 آذار»، الذين تحدث قسم منهم أمس، ثقتهم عن الحكومة، موجهين انتقادات حادة إلى مضمون البيان الوزاري، وتحديدا البند المتعلق بالمحكمة الدولية، دافع نواب الموالاة عن حكومة ميقاتي، مؤكدين مآخذهم على عمل المحكمة الدولية وأداء الحكومات السابقة.

ومن المقرر أن تتواصل اليوم وغدا الجلسات النيابية مع ارتفاع عدد طالبي الكلام من النواب، وتحديدا نواب المعارضة. وكانت القاعة العامة لمجلس النواب استضافت أمس جلستين صباحية ومسائية، استهلت الأولى بتلاوة مرسوم استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري ومرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، ثم تلا الرئيس ميقاتي بنود مشروع البيان الوزاري، مؤكدا التطلع للحصول على الثقة من «ممثلي الشعب اللبناني».

وتحدث ثلاثة عشر نائبا في الجلسة الصباحية، حجب ثمانية منهم (نواب المستقبل والنائبان مروان حمادة وتمام سلام) الثقة عن حكومة ميقاتي. وفي المداخلة الأولى أبدى النائب مروان حمادة (كتلة اللقاء الديمقراطي) قلقه «على البلد مما نشهده من ارتهان كلي لهيمنة السلاح ومنطق القوة». وخاطب حمادة النائب وليد جنبلاط بالقول: «أزيد لصديق ورفيق العمر وليد جنبلاط أن المحكمة التي لم تكن آنذاك لتحمي الشهيد الكبير كمال جنبلاط، قد تكون قد حمتك عندما أدرجت في رأس لائحة المغضوب عليهم إقليميا».

ودعا النائب نعمة الله أبي نصر (كتلة النائب ميشال عون) الحكومة إلى «إثبات أنها منسجمة والعمل على تصحيح شوائب النظام»، معتبرا أن «النظام الذي نعيش في ظلّه اليوم أبعد أبناء الدولة أكثر وأكثر، وعمّق الانتماء الطائفي والمذهبي بدلا من الانتماء الوطني». وقال: «التغيير والإصلاح الذي نحلم به لن يتم على أيدي أولئك الذين استغلوا السلطة حتى لو تلطى البعض اليوم وراء المعارضة»، لافتا إلى أنهم «تحوّلوا إلى تجار مواقف سياسية يبيعونها في محافل بعض الدول».

وشدد النائب فادي الأعور (كتلة النائب طلال أرسلان) على أن «كل اللبنانيين يريدون العدل والحقيقة، فهم عرفوا الحقيقة في مقتل رشيد كرامي ودوري شيمعون، ولكنهم لم يروا العدل، كما أنهم لم يروا العدل في الـ70 مليار دولار دين»، مطالبا «بالحقيقة والعدل في لبنان، وليس في الخارج من المحكمة الإسرائيلية الأميركية».

وسأل النائب هادي حبيش (كتلة المستقبل): «أهذه حكومة إطفاء الحرائق كما قال الرئيس ميقاتي أم حكومة إضرام الحرائق كما ظهر من بيانها؟»، وقال: «نأتي اليوم لا لنمنح السلاح ثقة مفقودة من شعب، ولا لنمنح ثقة لحكومة فاقدة للشرعية»، مشددا على أن «البيان الوزاري أدخل بند المحكمة في حكم الإلغاء، وهذه الحكومة لن تستشعر نبض الشارع اللبناني لا عن بعد ولا عن قرب».

وأشار النائب عاطف مجدلاني (كتلة المستقبل) إلى أن «البيان الوزاري يهدّد ويتوعّد ويحذّر من التعامل مع العدالة الدولية»، متسائلا: «هل هو بيان وزاري أم بيان رقم واحد؟ وهل هو بيان وزاري أم ورقة نعي للوحدة الوطنية؟». وأكد أن «أكثريتنا مستمدة من شعبنا وأكثريتهم فرضها السلاح في الشارع»، معتبرا أن «من أسقط وصاية الأصيل لن يعجز عن إسقاط وصاية الوكيل».

وتوجه النائب محمد قباني (كتلة المستقبل) إلى الحكومة بالسؤال: «هل تعتقدون أننا سنصفق نتيجة التلاعب بالكلمات في بند المحكمة الدولية في البيان الوزاري؟»، مؤكدا أن «المطلوب من رئيس الحكومة أن يعلن الالتزام الكامل والحقيقي بالقرار 1757». وشدد على أن «خيار المحكمة الدولية هو الخيار الوحيد المتاح أمامنا لتحقيق العدالة، ورفض المحكمة هو رفض هذا الخيار الوحيد».

وأوضح النائب بلال فرحات (كتلة أرسلان) أنه «في ظلّ هذه المرحلة تخيّم أزمة داخلية في لبنان منذ سنوات ناتجة عن انقسام بين اللبنانيين حول طريقة التعاطي مع الدول الاستكبارية»، لافتا إلى أن «هذه الحكومة قاومت الضغوط الدولية وتشكّلت رغم التهديدات الاقتصادية ووقف المساعدات، وتشكّلت بجهد لبناني كامل».

وشدد النائب عمار حوري (كتلة المستقبل) على «أننا لن نملّ من المطالبة بنزع السلاح غير الشرعي لتصبح الدولة مرجعية كل اللبنانيين»، متسائلا: «كيف سمح البعض لنفسه بالمساس بمسلمة المحكمة والعدالة الدولية؟». وأشار إلى أن «التاريخ سيذكر أن الحكومة زرعت في بيانها بذور فتنة موصوفة أضيفت إلى بيانها في ذكر كلمة (مبدئيا)»، مؤكدا أن «العدالة لن تكون إلا في خدمة الاستقرار».

واعتبر النائب مروان فارس (الحزب القومي) أن «سلاح المقاومة إلى جانب سلاح الجيش هو شرط أساسي من شروط الحرية والسيادة». ورأى أن «الدلائل تشير إلى أن المحكمة مسيسة وهي تخدم أغراض لا تمتّ إلى الحقيقة بِصلة، وتخدم أميركا وإسرائيل»، داعيا إلى «سحب القضاة اللبنانيين منها، وسحب التمويل، إذ لا يجوز للشعب اللبناني أن يدافع عن هذه المحكمة».

أما النائب علي عمّار (حزب الله) فدعا إلى «النظر إلى الأشخاص الذين تتألف منهم هذه الحكومة، بدءا من رئيسها إلى كل أعضائها»، وقال: «من خلال النعوت والصفات التي أطلقت عليها، أسأل: هل نجيب ميقاتي، وهو ابن طرابلس، انتسب إلى حزب الله وليس لدي أي علم بذلك، وأنا من ترعرع في هذا الحزب؟ وهل نائب رئيس الحكومة سمير مقبل تقدم بطلب انتساب إلى خلية من هذا الحزب؟ هل رأيتم آل الصحناوي والنحاس ودياب وشربل يلبسون القمصان السوداء؟».

وأعرب عمار عن يقينه عن أنه «لو سقطت المقاومة في يوليو (تموز) 2006 لما كان هناك محكمة دولية أو قرار اتهامي لأن كل السيناريو هو للوصول إلى المقاومة»، مشددا على أن «المقاومة لم تسقط في أفخاخ الفتن التي يتم تحريكها في كل الأقطار العربية».