الحوار البحريني ينطلق.. و«الوفاق» تصر على ملكية دستورية

تباين حول فصل الدين عن الدولة ومطالب بتشكيل أحزاب سياسية

TT

تجاوزت الجلسة الأولى لحوار التوافق الوطني البحريني كل المخاوف، عطفا على ما أبدته بعض الجمعيات السياسية من تحفظ على آلية الحوار التي سبقت انطلاقته، إلا أن نقاشات الجلسات الأولى تباينت فيها الآراء حول بعض القضايا، لا سيما في المحور السياسي، وظهر الخلاف جليا بين المشاركين حول فصل الدين عن الدولة، في حين أن هناك نسبة توافق بعض القضايا، لا سيما المطالبة بتشكيل أحزاب تضم مختلف أطياف المجتمع، ورفض قيام جمعيات سياسية طائفية أو مذهبية. في حين كان هناك توافق على كثير من الجوانب في المحاور الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.

غير أن التوقعات تشير إلى أن الحوار سيواجه عقبات رئيسية خلال الجلسات المقبلة، خاصة أن جمعية الوفاق الإسلامية، المكون الرئيسي للشيعة بالبحرين، تصر على أن ينتج عن الحوار تلبية كافة مطالبها فيه، ولعل أبرز ما تطالب فيه «الوفاق» وتعتبر «الحل الذي يوفر الاستقرار الطويل الأمد إلى البحرين»، هو ضرورة الوصول إلى الملكية الدستورية «التي يكون فيها الملك رمزا وحكما يضمن وحدة المجتمع ويمارس صلاحياته تحت سقف الدستور ووفقا لأحكامه، بينما تكون سلطات الدولة ناتجة عن إرادة الشعب، وحيث تكون السلطة تكون المسؤولية، استنادا إلى مبدأ دولة القانون التي يخضع فيها الحكام للقانون، فتكون مباشرة الملك اختصاصاته عن طريق وزرائه الذين يساءلون أمام السلطة التشريعية والقضائية».

كما تطالب «الوفاق»، وفقا لرؤيتها أمام الحوار، بأن تشكل حكومة منتخبة «بنحو يحرز الإرادة الشعبية الحقيقية في تشكيلها، وتتكون من الكفاءات الوطنية وتتولى الهيمنة على جميع شؤون الدولة، بما في ذلك الجوانب الأمنية والعسكرية، وتضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، وتتخذ القرارات في الحكومة مجتمعة في شكل مجلس وزراء، وتضع لها برنامج عمل قابلا للقياس يقره المجلس النيابي ويحاسبها بناء عليه، وتكون أولوياتها الدائمة محاربة الفساد من أي شخص كان واجتثاث أسبابه، وتخضع في أعمالها لرقابة السلطتين التشريعية والقضائية».

لكن النائب البحريني السلفي جاسم السعيدي طالب بدوره بحل جميع الجمعيات السياسية وإعادة تشكيلها، وفق قانون جديد، يعزز دورها لخدمة الوطن. وكشف السعيدي عن تباين في وجهات في النظر حول بعض القضايا السياسية، وشن هجوما على جمعية الوفاق، متهما إياها بمحاولة إفشال الحوار الوطني، على اعتبار أنها وصفته بأنه منتدى وليس حوارا. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الجمعيات الكبيرة والفعاليات السياسية البحرينية بمختلف شرائحها قادرة على قيادة حوار وتحقيق أفضل النتائج في حين أن جمعية الوفاق لن تستطيع عرقلة مسيرة الحوار، حتى لو انسحبت.

وقد شهدت الجلسة الأولى للحوار مشاركة جميع المدعوين من مختلف الهيئات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، بجانب أربعة وزراء.

من جهته أكد عبد النبي سلمان أحمد (جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي) لـ«الشرق الأوسط»، أن النقاشات في المحور السياسي تأخذ المنحى الإيجابي والموضوعي، مشيرا إلى شبه إجماع من المشاركين على أن تقوم الجمعيات الوطنية على أساس وطني وليس على أساس طائفي أو مذهبي، وتفادي الأخطاء السابقة التي أدت إلى تشكيل جمعيات مذهبية.

وأضاف أنه كان هناك طرح واضح فيما يتعلق بالمنابر السياسية والدينية والمطالبة بعدم الازدواجية في الطرح وعدم فرض قدسية مواضيع معينة من خلال الجمعيات الدينية على الناس، مشيرا إلى أن النقاشات تطرقت لمناهج التعليم التي كرست الذهب الطائفي، وهناك وعي تام لخطورة تكريس المذهبية والطائفية التي كانت نتاجا لبعض المناهج التعليمية، والتي أسهمت بشكل كبير في تفاقم الأزمة التي شهدتها البحرين مؤخرا، وجاءت على عكس المأمول الذي جاء به الميثاق الوطني، مؤكدا أن على الجميع تحمل المسؤولية للتحول نحو الوطنية.

وأكد عبد النبي أن هناك توافقا كبيرا في بعض جوانب محار المحور السياسي لدى الجمعيات السياسية، بيد أن هناك بعض الخلاف حول فصل الدين عن السياسة. وأشار إلى أن المشاركين أبدوا حماسا وجدية في الطرح ومحاولة تجنب الإثارة، والكل حريص للسير بالحوار في أجواء هادئة.