شباب «الإخوان» الرافضون لـ «الشرق الأوسط» «الحرية والعدالة» يطعنون في قرار فصلهم ويصفونه بـ«التعسفي»

نائب المرشد لـ : الحزب تحكمه رؤية الجماعة ولا نقبل إلا بـ«ولاء واحد»

TT

قرر عدد من الشباب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين الطعن في قرار فصلهم من الجماعة بسبب انضمامهم لأحزاب سياسية أخرى غير حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة «الإخوان». ووصف شباب «الإخوان» القرار بأنه تعسفي وغير صائب، خاصة أنهم يرغبون في الاستمرار في الجماعة التي يحملون فكرها ومبادئها، لكنهم يريدون تشكيل أحزاب سياسية أخرى أكثر استقلالية.

لكن الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين قال إن حزب الحرية والعدالة أنشأه «الإخوان المسلمون» ويحمل رؤية الجماعة، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يمكن لأي أحد إلا أن يكون له ولاء واحد، وأن الجماعة وحزبها لا يمكن أن تقبل أي شخص يحمل داخله ولاءين».

وأصدرت جماعة الإخوان المسلمين أول من أمس قرارا بفصل خمسة شباب أعضاء في الجماعة من مدينة 6 أكتوبر انضموا لحزب التيار المصري تحت التأسيس، هم: إسلام لطفي، مصعب الجمال، عبد الرحمن هريدي، عبد الرحمن خليل، هاني محمود. كما أكدت قيادات داخل الجماعة أن هناك قرارات أخرى مماثلة سوف تصدر قريبا وستشمل بعض الشباب الذي يشكلون أحزابا أخرى.

وقال حلمي الجزار، مسؤول المكتب الإداري لجماعة الإخوان المسلمين في 6 أكتوبر، إن انضمام أي فرد إلى الجماعة يأخذ وقتا وجهدا كبيرين من الإقناع ومراحل عدة من التصفية، وأن من يدخل جماعة الإخوان المسلمين يعلم أنها تمارس السياسة بشكل واضح ومحدد وبالتالي فنهجها معروف سلفا.

وأكد الجزار في تصريحات له، أن قرار الفصل جاء بعد خمس جلسات نصح تم عقدها بين هؤلاء الشباب وبين المكتب الإداري لـ«الإخوان»، للعدول عن قرارهم بالانضمام لحزب التيار المصري، لكن الشباب رفضوا، وأصروا على دخول حزب على غير قرارات مكتب الإرشاد ومجلس الشورى، مشيرا إلى أن الجماعة تتمنى لهم كل النجاح، وترحب أيضا بعودتهم للإخوان المسلمين في حال أرادوا ذلك، معتبرا أن قرار الفصل هو «قضية تنظيمية بحتة».

وكانت جماعة الإخوان المسلمين وجهت منذ شهور تهديدات شديدة اللهجة لأعضائها المخالفين لقرار مجلس الشورى العام بعدم الانضمام لأحزاب أخرى سوى حزب الحرية والعدالة، وحذرتهم بالفصل حال إصرارهم على المخالفة، وعلى الرغم من ذلك استمر الكثير من أعضاء الجماعة والمنتمين إليها فكريا في العمل على تدشين أحزاب أخرى جديدة بعيدة عن الحزب الرسمي للجماعة، وصل عددها إلى أربعة أحزاب حتى الآن هي: الريادة، النهضة، التيار المصري، الإصلاح والتنمية. وبرر أعضاء «الإخوان» الخارجون عن القرار بأن ذلك يرجع إلى اقتناعهم بعدم وجود استقلالية في حزب الحرية والعدالة، وأنه أداة في يد الجماعة.

وصعدت الجماعة على السطح بقوة بعد انهيار نظام مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي إثر ضغوط شعبية كبيرة، كما تغير جذريا موقع الجماعة على الساحتين المحلية والدولية، بعد الاعتراف بها رسميا، وإنهاء حظرها القسري الذي استمر لعقود طويلة، وأصبحت لها شعبية واسعة جعلتها على رأس القوى السياسية في مصر، وتمكنت في ظل ثورة 25 يناير من تأسيس حزب الحرية والعدالة. كأول حزب سياسي يتحدث باسمها. وقبل أيام غازلت الإدارة الأميركية الجماعة بفتح قنوات رسمية للحوار معها.

ووصف إسلام لطفي، وكيل مؤسسي حزب التيار المصري، أحد شباب «الإخوان» الذين تم فصلهم، القرار بالمتعسف، وقال لـ«لشرق الأوسط»، إنه لا يوجد أي تعارض في وجود قيام بعض شباب الجماعة في تشكيل أحزاب أخرى، لأن «الإخوان المسلمين» بطبيعة الحال هي جماعة دعوية تقوم بأنشطة اجتماعية إصلاحية، أما العمل السياسي فأمر مختلف، مشيرا إلى أن الجماعة تمارس العمل السياسي الآن بشكل «غير محترف»، ولذلك توجهوا إلى تشكيل أحزاب سياسية أخرى أكثر احترافية.

وقال لطفي إن «الأداء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين سابقا كان مقبولا في إطار عصر الاستبداد والضغوط التي كانت تتعرض لها، لكن الوضع الآن بعد الثورة أصبح مختلفا وهو ما جعلنا نخرج عنها».

وأوضح محمد القصاص، أحد شباب «الإخوان»، عضو ائتلاف شباب الثورة، أن هناك نية لدى الجماعة للقيام بعملية فصل أخرى للشباب الذين يعملون في حملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني المفصول والمرشح للرئاسة. وأشار القصاص لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن شباب «الإخوان» لا يرغبون في ترك الجماعة كلها، وأنهم ما زالوا ينتمون إليها فكريا، لكنهم يرون أن طريقة بناء حزب الحرية والعدالة كانت طريقة خاطئة، وأنه غير مستقل عن الجماعة، لذلك رفض الكثير الانطواء تحت لوائه.

ورد الدكتور محمود عزت، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين على ذلك بالقول، أن «القضية ليست أنني ألزم أحدا بمجرد أمر إداري، بل إنني في الأصل أقول إن هذه رؤيتي وهذا ما أسعى إليه.. والالتزام الحزبي (وهو أمر ينطبق على الجماعة أيضا) شيء معروف في كل الدنيا، لا يمكن أن تقول لي أنا أؤمن برؤية وبسياسة عامة وبعد ذلك لن يكون لي أي التزام». وتابع عزت لـ«الشرق الأوسط»: «الذي كان في (الإخوان) كان يعلم رؤيتها للعمل السياسي، وعلى هذا الأساس يعمل في الحزب، ولا يقبل أي حزب من الأحزاب أن يصبح أي شخص فيه مقتنع بأي رؤية أخرى، لأن المواقف تتخذ بناء على هذه الرؤية».

وأكد عزت أن «الحزب مستقل عن الجماعة في إدارته، لكنه يحمل رؤية الجماعة، والذي أنشأه (الإخوان المسلمون) وتحكمه رؤية (الإخوان المسلمين)، ويجب أن نكون واقعيين في ذلك»، مشيرا إلى أنه لا يمكن لأي أحد في حزب ما من الأحزاب أن ينضم لحزب «الإخوان»، ولا يمكن إلا أن يكون هناك ولاء واحد، والجماعة بطبيعتها ترفض أن يكون لشخص بداخله ولاءان، موضحا أن شباب «الإخوان» إذا انضموا لأحزاب أخرى سيكون لهم أكثر من ولاء، وفي عرف العمل الحزبي لا يمكن أن تتعدد الولاءات، ولائحة أي حزب تنص على فصل هذه الأعضاء، فما بالك بالجماعة التي هي أكبر من الأحزاب.