د. أيمن نور في حوار مع «الشرق الأوسط»: أنا مرشح الشباب والتيار الليبرالي لرئاسة مصر

قال: لم أعرف عدد الأصوات التي حصلت عليها في منافستي لمبارك عام 2005

د. أيمن نور لدى حديثه مع «الشرق الأوسط»
TT

كشف الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد، الذي جاء تاليا للرئيس المصري السابق حسني مبارك في انتخابات الرئاسة عام 2005، عن تفاصيل جديدة تتعلق بما دار أثناء عملية التقدم للترشح وعمليات الفرز في تلك الانتخابات التي تسببت في دخوله السجن بعد إعلان نتائجها بأيام قليلة. ويعتزم نور الترشح مجددا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، اعتمادا على خبرته في هذا المجال وصغر سنه، قائلا في حوار مع «الشرق الأوسط»: في القاهرة «أنا مرشح الشباب والتيار الليبرالي لرئاسة مصر»، مشيرا إلى أنه لم يتمكن قط، طيلة نحو ست سنوات، من معرفة عدد الأصوات التي حصل عليها في منافسته السابقة على الرئاسة.

وتحدث نور للمرة الأولى عن عزمه خوض انتخابات الرئاسة من خلال حزب يسعى لتأسيسه وتقديم أوراقه للجنة شؤون الأحزاب المصرية منتصف هذا الشهر، يجمع القوى المدنية تحت اسم «ائتلاف الغد الجديد»، مع إصدار صحيفة يومية أيضا، قائلا إن حزب الغد الذي أسسه في عام 2005، ونافس به الحزب الوطني الديمقراطي المنحل والحاكم سابقا، على رئاسة الدولة، سيكون جزءا من حزب ائتلاف الغد الجديد، معتبرا أن المرشح الحزبي للرئاسة أفضل من المرشح المستقل.

لكن نور أشار أيضا إلى ضبابية المشهد السياسي المصري على الرغم من وجود زخم بين غالبية الأحزاب المصرية استعدادا للمرحلة المقبلة، وقال إن الصورة بشكل عام ليست واضحة حتى الآن، موضحا أن ثورة 25 يناير حققت الكثير بخروج الرئيس السابق وأسرته من المشهد السياسي، لكن ما زال أمامها الكثير من التحديات الكبيرة، خصوصا على الصعيد الاقتصادي والأمني.

وعن المخاوف من الإسلاميين الذين ظهروا على السطح السياسي بعد سقوط نظام مبارك، قال نور إنه توجد بالفعل مخاوف، لكن يمكن محاصرتها من خلال حوار الأحزاب وعددها 26 حزبا، منهم 5 أحزاب إسلامية، مشددا على أنه لا يجوز أن يكون الاعتقاد الديني حائلا بين الإنسان وحقوقه السياسية.. وإلى تفاصيل الحوار:

* تعتزم ترشيح نفسك لانتخابات الرئاسة القادمة. ما القوى السياسية التي تعتمد عليها؟

- أنا الوحيد الذي أمثل جيل الوسط، لأن الواضح أن المرشحين المنافسين جميعهم في مرحلة متقدمة في السن، أنا مرشح التيار الليبرالي الذي أعبر عنه وكل المظلومين في مصر لأنني ظلمت كثيرا، وأعتقد أن هذا خلق شكلا من أشكال العلاقة الوجدانية بيني وبين الأكثر فقرا والأكثر ظلما.. وكل الذين ظلموا في سنوات حكم مبارك اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. أنا مرشح الخبرة لأنني الوحيد الذي خاض الانتخابات الرئاسية من قبل عام 2005، وكذا خبرتي حيث كنت أصغر برلماني مصري منذ عشر سنوات، وارتبطت بالحركة الطلابية منذ كنت رئيسا لاتحاد الطلاب منذ المرحلة الإعدادية، وصولا إلى الثانوية. وكذا عملي في البرلمان، وكان بشهادة الجهات المختصة والبرلمانيين عملا متميزا، ولدي خبرة حقيقية في مشكلات الناس وفي الهموم الكبيرة والحلول الأهم لقضايا ملحّة على أجندة كل مواطن في مصر.

* هل هذا يكفي؟

- عمري الآن 46 عاما، لذا أظن أنني لست بعيدا عن جيل الشباب، وليس لدي أي مشكلات في التواصل معهم سابقا أو لاحقا، وقد كان معظم مؤسسي حزب الغد وقياداته إلى الآن من جيل الشباب، فضلا عن أنني كنت طوال سنوات الدراسة قيادة طلابية بما يوفر لي فكرة وملامسة حقيقية لمطالب الشباب وطموحاتهم المشروعة، فهم شركائي في المرحلة القادمة في تحمل المسؤولية. حين بدأت التفكير في الترشح للانتخابات لمواجهة مبارك عام 2005 ربما كان القرار «قراري» وقرار حزبي، أما خوضي للانتخابات الرئاسية القادمة في مواجهة بقايا نظام مبارك فهو «مصيري» وقرار جيلي، جيل الوسط الذي بات يؤمن أن هناك استحقاقا ويجب عليه أن يتحمل المسؤولية. ومع ذلك لا ينبغي أن يكون تعدد المرشحين أمرا مقلقا، إن التعدد ميزة، فهو يفتح أبواب الاختيار والتفضيل للناس بين خيارات مختلفة.

* منذ خوضك الانتخابات ضد مبارك عام 2005 تعرض حزبك، حزب الغد وصحيفته، للكثير من المتاعب. هل ستخوض انتخابات الانتخابات كمرشح عن الغد أم كمستقل؟

- سلطات الأمن استقطبت بعض العناصر أيام حكم مبارك، وحاولت أن تصنع منهم انشقاقا إعلاميا في الحزب. حزب الغد، اليوم، موجود وقائم. وأقول لك أمرا أذكره للمرة الأولى، وهو أننا نقوم حاليا بتأسيس ائتلاف تحت اسم «ائتلاف الغد الجديد»، وسيعلن خلال أيام، ليكون حزبا يجمع قوى مدنية، وسيكون حزب الغد جزءا من هذا الائتلاف، وسيقدم ائتلاف الغد الجديد أوراقه للجنة شؤون الأحزاب منتصف هذا الشهر، وسنصدر صحيفة يومية أيضا. وأنا لا أقلل من شأن المرشح المستقل، لكن تبقى الحقيقة أن المرشح الحزبي الحقيقي هو الأفضل في تقديري، لأنه يستند على رؤية واضحة وموقف فكري وسياسي، ولديه برنامج حزبي وانتخابي ولديه أيضا مهارة العمل الجماعي، وقواعد وأنصار ومساعدون معلومون ونواب في البرلمان وخبرات ربما لا تتوفر في المرشح الفرد أو المستقل.. معلوم أن الأحزاب في مصر كانت مأزومة خلال سنوات حكم الرئيس السابق، إلا أن الأزمة التي طالت الأحزاب طالت الجميع أيضا.. لكن هذا الرأي لا يعني حجب فرص كل من يرى في نفسه القدرة على خدمة بلده.

* وماذا عن تأثير الحكم السابق عليك بالسجن في العمل السياسي والترشح للرئاسة؟

- هذه القضية لفقها لي النظام السابق وأدخلني بسببها السجن بعد أيام من الانتخابات الرئاسية الماضية.. وبعد خروجي من السجن تقدمت بطلب لإعادة النظر في القضية برمتها.. وقمت بحملة طرق أبواب واسعة ولمدة عامين للترشح للرئاسة. وبعد سقوط نظام مبارك، صدر في 17 مارس (آذار) الماضي قرار النائب العام بالتماس إعادة النظر في القضية، لما ظهر أمامه من أوراق وأدلة جديدة، وبعد القرار بثلاثة أيام، أي يوم 20 مارس، أعلنت عن عزمي الترشح وبدأت الحملة من القاهرة، وزرت الكثير من المدن والقرى والنجوع والتقيت بالشباب في عدة مواقع في المحافظات.

* أليس من الغريب أن يكون هناك إعلان عن اعتزام للترشح بينما لا يوجد شكل واضح لانتخابات الرئاسة؟

- بالقطع صحيح.. الصورة ليست واضحة حتى الآن، لكن وارد أن تتضح في الفترة القليلة القادمة.. ربما بعد الانتخابات البرلمانية. ربما بعد تشكل اللجنة التي ستضع الدستور الجديد.. على أي حال هناك مرشحون جاءوا مع الإعلام وسيذهبون في النهاية مع الإعلام. وهناك مرشحون جادون لهم وجود في الشارع وتأثير في الشارع، وأنا أتمنى أن أكون واحدا منهم.

* هل ستخوض انتخابات الرئاسة بتوجهات برنامجك في 2005؟

- برنامج الرئاسة الجديد ليس منفصلا عن برنامج 2005، وهو يلاحق التطورات التي حدثت طيلة السنوات الست الأخيرة، كما أن الوقت لم يحِن بعدُ لإطلاق شعار الحملة الرسمية، لكن هناك اقتراحات مرتبطة بشعاري في الانتخابات الرئاسية الماضية، مثل «الأمل في الإصلاح والتغيير»، و«نهضة ما بعد التغيير.. مسؤولية جيل»، وهو مجرد اقتراح لم يستقر عليه بعد، لكن نحن لدينا حملة رسمية ولدينا حزب، وكلاهما يمثل جناحا من جناحي العمل المؤسسي. هذه الحملة تحركت منذ قبل الثورة.. قرار ترشحي في الانتخابات الرئاسية المقبلة صدر من الهيئة العليا لحزب الغد في فبراير (شباط) 2010، وزرنا 355 قرية ومدينة ونجعا وتجمعا سكانيا في مدة أقل من سنتين.

* هل حاولت التوصل مع النظام السابق إلى حلول وسط قبل دخولك السجن عقب انتخابات الرئاسة في 2005؟

- الحلول الوسط هي انتحار سياسي.. أعتقد أنه إذا كان لنا رصيد سياسي في الشارع اليوم فهذا لأننا لم نلجأ إلى مواربة الأبواب ولم نلجأ إلى الحلول الوسط التي لجأت إليها معظم الأحزاب المصرية. كان موقفنا حاسما وحازما.. ضد هذا النظام وأننا لا اتصال بيننا وبين هذا النظام لا من خلال اتصال عضوي ولا من خلال رسائل ولا تبادل للتطمينات أو غيره من الطرق المعتادة التي اتبعتها أحزاب أخرى.

* هل كنت تعتقد أن النظام كان سيرشح جمال مبارك في انتخابات الرئاسة التي كان مقررا لها شهر سبتمبر (أيلول) 2011؟

- كان لدينا رئيس تحت التشطيب (تحت التهيئة).. لم يكن مرشحا بقدر ما كان رئيسا في مرحلة التشطيب الأخيرة وهو «جمال».. فكرة ترشيحه من عدمه حسمت لأنه كان يتعامل كرئيس للبلاد وليس مجرد مرشح قادم للرئاسة. التقيت جمال عدة مرات لكن ليس لقاءات مباشرة.. نلتقي في عزومات وندوات ومناسبات قومية وغيره.. حدث بعض مرات حوارات مباشرة لكنها لم تكن حوارات شخصية.. هو كان أضعف المنافسين لأنه لكم يكن مؤهلا لمثل هذه المنافسة، لكنه كان سيصبح أكثر المنافسين استقواء بالدولة وبالنظام. أما في الوقت الحالي فكل الذين يعتزمون الترشح للرئاسة أقوياء ونحن نحترمهم.

* في الانتخابات الرئاسية الماضية، هل تمكنت من معرفة عدد الأصوات الحقيقي الذي حصلت عليه، أو نسبة هذه الأصوات، من إجمالي عدد من أدلوا بأصواتهم؟

- لم أعرف ولن أعرف.. لأن هذا السرّ لا يملكه إلا رئيس لجنة الانتخابات الذي عُين، أو كوفئ بتعيينه وزيرا للعدل.. أذكر أنني في يوم فرز الأصوات وقبيل إعلان النتيجة توجهت إلى السلطات المختصة لعمل طعن قضائي في نتيجة الانتخابات فوجدت الرجل نفسه، رئيس لجنة الانتخابات، يقول لي: «أرجوك لا تقدم هذا الطعن، لأن حصولك على 24% من نسبة الأصوات، بعد كل ما قمنا به، تسبب في عدم قدرتنا على إبلاغ مبارك بهذه النتيجة»، لأن رجال الرئيس كانوا يرفضون منذ البداية أن أكون التالي لمبارك في عدد الأصوات.. ما قاموا به يعني أنني ربما أكون حصلت على أصوات أكثر. لكنني لا أعرف عدد الأصوات أو النسبة الحقيقة التي حصلت عليها.. المهم.. بعد هذا الحديث الذي دار بيني وبين رئيس اللجنة العليا للانتخابات حينذاك، بنحو ثلث ساعة، خرج وأعلن أن نسبة ما حصلت عليه كان 9%. هم لم يستطيعوا أن لا أكون الثاني، وكانت تعليمات من مقربين من الرئيس أن يكون ترتيبي الثالث أو الرابع، وكان وجودي كوصيف للرئيس غير مستحب، وكان هناك غضب كبير داخل أسرة الرئيس. لكن لم يكن في مقدروهم تغيير النتيجة أكثر من ذلك.

* وماذا فعلت؟

- قدمت طعنا قضائيا في هذه الواقعة وقدمت طعنا آخر في قضية أخرى طريفة تتعلق بالرمز الانتخابي.. تعرف أن في الانتخابات بمصر يتم تسجيل المرشحين في اللجنة العليا للانتخابات حسب ترتيب من يتقدم أولا. وكنت أريد أن أستبق الرئيس مبارك في تقديم الأوراق. كان عدد المرشحين عشرة، ولهذا أشعت في الأوساط القريبة من الرئيس أنني لن أتقدم بأوراق ترشحي إلا في آخر لحظة، حتى يكون اسمي في أوراق الاقتراع رقم 10، باعتبار أن اسم مبارك سيكون رقم 1، وأن هذا أفضل بالنسبة لي لأن الناخبين لن يبذلوا مجهودا في البحث عن اسمي بين باقي الأسماء. وصدّق أنصار مبارك هذه الخدعة، بينما توجهت أنا منذ الصباح الباكر ومكثت أمام باب اللجنة منذ السابعة صباحا. وحين انفتح الباب كنت أول من قدم أوراق الترشح، وأصبحت رقم 1، وأُثبت ذلك في محضر رسمي، وأخذت وصلا مختوما رسميا برمز الهلال، وهو الرمز التي كان مرتبطا طيلة عقود بمرشحي حزب مبارك الحاكم. وفوجئت بهذا الرجل المسؤول عن اللجنة العليا للانتخابات وقتها يقول إن مبارك هو أول من تقدم وحصل على رمز الهلال، وإنني أنا رقم 2 ورمزي هو النخلة. وقال لي المسؤول نفسه: «من حقك أن تطعن وسأشهد معك»، لكن اللجنة رفضت الطعن.

* وكيف ترى ثورة 25 يناير بعد نحو ستة أشهر من قيامها؟

- الثورة حققت الكثير بخروج الرئيس السابق حسني مبارك وأسرته من المشهد السياسي في مصر.. لكن ما زال أمامها الكثير من التحديات الكبيرة.. مثلا: لا بد أن يشعر المواطنون بمردود وعائد من هذه الثورة تنعكس بالإيجاب على معيشتهم. هذا على صعيد التحديات الكبيرة. أما بالنسبة للتحديات الأصغر مثل الأمن والاستقرار فهذا يمكن أن يحدث بعد التخلص من رموز الفساد والطابور الخامس وبقايا النظام القديم. المواطن استرد كرامته وقيمته في ثورة 25 يناير، والتحدي الآن أن يسترد حقوقه.

* في ظل الأوضاع الحالية في مصر، هل يمكن إجراء الانتخابات البرلمانية في شهر سبتمبر القادم؟

- أعتقد أنه في ظل الضعف الحكومي للحكومة القائمة، هناك ضرورة أن تجري انتخابات في مصر من أجل تشكيل حكومة قوية تعبر عن الاتجاهات السياسية والاتجاهات في الشارع المصري. ربما الوضع الأمني يكون عقبة حقيقية يجب إزالتها، وبالتالي وراد جدا أن نتمسك بتأجيل موعد الانتخابات البرلمانية إلى ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) حتى نستعيد قدرتنا على استعادة الأمن وتنظيم الانتخابات. ننتظر انتخابات وفقا للمعايير الدولية للانتخابات الحرة.. نتطلع لأن يكون صندوق الاقتراع الحكم لأول مرة في مصر، وأن تسود قيم الاحترام والتقدير للجميع.

* البعض يرى أن إجراء انتخابات البرلمان سريعا سيزيد المخاوف من تحقيق الإسلاميين أغلبية في البرلمان، فما رأيك؟

- توجد مخاوف من الإسلاميين، لكن هذه المخاوف الآن في سبيلنا لمحاصرتها من خلال العمل الذي نقوم به الآن مع مجموعة من الأحزاب، 26 حزبا منها 5 أحزاب إسلامية... جميع الأحزاب متفقة على الاحترام المتبادل في ما بينها، وأنا أرى أن لكل مواطن مصري الحق في العمل السياسي باعتبار أنه مواطن، ولا يجوز أن يكون الاعتقاد الديني حائلا بين الإنسان وحقوقه السياسية، مع الالتزام بعدم الخلط بين ما هو ديني وما هو سياسي.