اقتصاديون فلسطينيون يعتبرون السياسة المالية لفياض متناقضة

خبير لـ «الشرق الأوسط» : بنى «اقتصاد الكابتشينو»

TT

انتقد أكاديميون وخبراء اقتصاد السياسة المالية لحكومة سلام فياض، ووصفوها بغير الواضحة والمفهومة، بعد إعلان عدم قدرة حكومته على دفع كامل رواتب الموظفين هذا الشهر، لحين ورود مساعدات خارجية.

وتعرض فياض لسلسلة من الانتقادات الحادة من خبراء اقتصاد ونقابات الموظفين، مشككين في دوافع إعلان وجود أزمة مالية خلال الشهر الماضي وهذا الشهر بالتزامن مع توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس.

كان فياض قد أعلن، يوم الأحد الماضي، أن الحكومة ستصرف نصف قيمة الرواتب بما لا يقل عن 1400 شيقل ولا يزيد على 4500 شيقل، اليوم، وسيتم استكمالها حال ورود التمويل اللازم.

وتحدث فياض عن عجز تمويلي منذ مطلع العام الحالي يعادل 30 مليون دولار شهريا، جراء نقص التمويل الخارجي. وقال: «في عام 2010 بلغ العجز التمويلي للسلطة قرابة 100 مليون دولار، ومنذ مطلع العام الحالي سُجل عجز بقيمة 30 مليون دولار شهريا، وترتب على ذلك كله عجز تمويلي بقيمة 535 مليون دولار».

وتبلغ ديون حكومة فياض نحو مليار و300 مليون دولار حسب ما أعلن فياض نفسه الشهر الماضي. لكن هذه الأرقام لم تقنع خبراء الاقتصاد الذين هاجموا سياسته المالية.

وقال الخبير الاقتصادي عمر شعبان لـ«الشرق الأوسط»: «هذه أرقام تتناقض مع الحديث المتواصل عن جاهزية السلطة لإعلان الدولة». وأضاف: «فياض متمكن من الأرقام ويستطيع أن يضعها في سياقات مختلفة». وتابع: «مصداقية المعلومة والأرقام مرتبطة بالتوقيت، وصدور هذه المعلومات الآن يطرح سؤالا كبيرا: لماذا الآن؟».

واستغرب شعبان «كيف ظل فياض ومعه مؤسسات دولية يصدرون تقارير متفائلة، ثم يقولون فجأة إنه لا توجد قدرة لدفع رواتب؟». وتساءل: «نتحدث عن رواتب.. ولا نتحدث عن احتياطي نقدي!». وشكك شعبان بإعلان فياض قدرته على الاستغناء عن المساعدات في 2013، وقال: «في 13 أبريل (نيسان) الماضي طلب من الدولة المانحة 5 مليارات دولار حتى 2013، والآن يقول إنه سيستغني عن المساعدات».

ووصف شعبان الاقتصاد الذي يبنيه فياض في الضفة باقتصاد «الكابتشينو» أو «البشار» (الفشار) قائلا إنه لا يغني ولا يسمن من جوع. وأضاف أنه يبني اقتصادا «غير متجذر ويصب في مصلحة أناس محدودين، ويعتمد على ضرائب الفقراء الذين باتوا يدفعون للأغنياء»، مستطردا: «وإلا كيف يفسر أن 3 ملايين فلسطيني تقريبا مدينون بـنحو ملياري دولار».

ويتفق خبراء اقتصاد آخرون مع شعبان. وكان أستاذ الاقتصاد محمد نصر قد اتهم فياض بإدارة الأزمة وليس معالجتها، قائلا: «إن هناك فرقا بين السياسة المالية وإدارة الأزمة المالية»، منتقدا، في حديث لوكالة «وفا»، طريقة التعامل مع تحويلات المانحين. وأضاف: «يجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الأزمة، ونحن نفتقد مثل هذه الاستراتيجية أو على الأقل هي غير واضحة لدى المواطن، مما يضع علامات استفهام حول السياسة المالية للسلطة الوطنية».

من جهته، طلب خبير الاقتصاد نصر عبد الكريم توضيحات أكثر من الحكومة حول ظهور الأزمة الآن بالذات. وقال لوكالة «معا»: «مطلوب مكاشفة أكثر من الدكتور فياض حين أعلن أن 330 مليون دولار دخلت الخزينة في الـ6 أشهر السابقة بقيمة 50 مليون دولار شهريا، وهذا لم يتغير خلال الأشهر الـ6 الماضية؛ لذلك لم يتغير شيء لعدم قدرة الحكومة على دفع كامل الراتب للموظفين».