جدل حول نجاة ستروس ـ كان بسبب ضعف مصداقية الشاكية

خبراء يستبعدون أثرا للشكوى الجديدة في فرنسا على القضية المرفوعة ضد المدير السابق لصندوق النقد في نيويورك

الصحافية الفرنسية تريستان بانون مع محاميها في باريس أمس (أ.ب)
TT

بمجرد دخولها الغرفة 2806 في فندق «سوفياتال» بنيويورك، قالت عاملة التنظيف في الفندق إن دومينيك ستروس - كان بدا أمامها عاري الجسد ودفعها باتجاه السرير، فجلست وبدأ بالاعتداء عليها جنسيا. استجمعت قواها وقاومت بدفعه تجاه الحمام، لكنها سقطت على الأرض لاحقا، وحاول مرة أخرى إجبارها على مشاركته في عمل جنسي. وعندما انتهت بصقت على الأرض وشاهدت المعتدي عليها يرتدي ثيابه ويغادر الغرفة.

كانت الرواية قد قيلت بطريقة أو بأخرى من قبل أمام المحكمة وفي عدة وثائق جنائية منذ اعتقال ستروس - كان، المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي في مايو (أيار) الماضي بتهم تحرش جنسي. لكن هذا السرد يعد الأكثر وضوحا في كلام عاملة التنظيف بشأن الأحداث المفترضة حتى الآن. وقد نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس نقلا عن تقرير أعده مركز سانت لوكز روزفيلت الطبي، حيث تمت معالجة عاملة التنظيف ساعات فقط بعد تعرضها للاعتداء المفترض.

ويعرض التقرير الذي قدم إلى المدعين العامين ومحامي الدفاع تسجيلا للوقائع التي أوردتها عاملة التنظيف الغينية الأصل، والتي قال المدّعون العامّون إنّ مصداقيتها باتت موضع تساؤل بسبب إدلائها بمعلومات كاذبة عند تقديمها طلب اللجوء وأمور أخرى.

وتضمن التقرير عبارات سيركز عليها الدفاع، خصوصا تلك التي تقول فيها عاملة التنظيف إنها شاهدت، بعد الاعتداء الجنسي المفترض، ستروس - كان يرتدي ملابسه، وهو أمر يتناقض مع ما كانت أوردته في رواية سابقة لما حدث. ورغم أن محكمة في مانهاتن وافقت الأسبوع الماضي على رفع الإقامة الجبرية عن ستروس - كان، فإن المدعين يقولون إنهم لا يزالون يعتقدون بوجود دليل على اعتداء جنسي قسري. ويشار إلى أن غالبية المشكلات التي وقفوا عليها لا تتعلق بشهادات المرأة عن الاعتداء الجنسي وإنما بأمور أخرى في حياتها مثل المعلومات التي قدمتها عندما طلبت اللجوء، ومحادثة هاتفية أجرتها مع رجل في سجن للمهاجرين غير الشرعيين في ولاية أريزونا.

لكن رغم ذلك تحدثت صحف أميركية أخرى عن احتمال إسقاط التهم الموجهة إلى ستروس - كان في الأسابيع المقبلة. فقد نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس عن معاونة مدعي منهاتن جوان الوزي - أوزبورن قولها إنها تعتقد أنه بات من الصعب الدفاع عن عاملة التنظيفات الغينية، 32 عاما، إلا «إذا صدقت كل كلمة تتفوه بها وإذا اقتنعت بالطابع الإجرامي لما حصل». وفي سياق متصل قال خبراء قانون إن الشكوى التي تنوي الصحافية والكاتبة الفرنسية تريستان بانون رفعها ضد ستروس - كان لن يكون لها تأثير على محاكمته في الولايات المتحدة. وبعد تردد أعلنت الصحافية أول من أمس أنها سترفع شكوى ضد ستروس - كان بتهمة محاولة اغتصابها. وقال ماثيو غالوزو المحامي والنائب السابق لمدعي عام نيويورك للجرائم الجنسية: «إن شكوى السيدة بانون لن تغير شيئا على الأرجح» مؤكدا أن «المدعي العام لا يمكنه استخدامها». ومن جهته قال ستيفان دريفوس المحامي بنيويورك والنائب السابق لمدعي نيويورك إنه يتعين أولا أن تؤدي هذه الشكوى «إلى إدانة في فرنسا أو على الأقل إلى بدء التحقيق القضائي»، ثم يجب أن يتحول التحقيق بشأن اتهامات عاملة الفندق في نيويورك إلى محاكمة.

وحتى لو توفر كل ذلك فإن المدعين الأميركيين سيجدون صعوبة كبيرة في إقناع القاضي مايكل أوبيس بأهمية إثارة حالة بانون أمام محكمة جنائية في نيويورك. وأكد غالوزو: «عموما لا يمكن استخدام عملية اغتصاب أو أي جريمة ارتكبت في الماضي بهدف إثبات أن المتهم لديه الاستعداد لارتكاب النوع ذاته من الجرائم»، مضيفا: «إن القاضي لن يعتبر ذلك مهمّا». ويؤكد دريفوس: «الهدف هو أن يركز المحلفون على الوقائع التي يتهم بها ستروس - كان، وخصوصا أن لا تتحول المحاكمة إلى قضية تريستان بانون». وهذا الأمر يعود إلى طبيعة القضاء في ولاية نيويورك. فالقضية حسمت في 1901 في قضية مولينو. وأوضح القاضي روزنبلات في تلخيص للقاعدة في 2001: «يجب أن تنظر محاكمة جنائية في الوقائع وليس في مدى استعداد المتهم لارتكاب الجريمة التي يمثل من أجلها».

واعتبر غالوزو أن حالة بانون «يمكن أن تستخدم ربما في حال كانت هناك محاكمة وإذا قال ستروس - كان مثلا إنه كان دائما يتحلى بسلوك مثالي في التصرف مع النساء». ولاحظ دريفوس أنه «إذا تعلق الأمر في كل مرة بعاملة فندق ربما، لكن الأمر مختلف». ويضيف أنه بغض النظر عن الجانب الإجرائي البحت فإن «الشكوى لن يكون لها أي تأثير نفسي على سيروس فانس» مدعي نيويورك، في الوقت الذي يحوم فيه الشك على شهادة عاملة الفندق، «خصوصا أنه على اطلاع مسبق باتهامات بانون»، و«الشكوى في حد ذاتها لا تغير من الأمر شيئا». ومهما يكن من أمر فإن التهم بحق ستروس - كان في الولايات المتحدة «سيتم إسقاطها» حتى قبل أن تطرح مسالة شكوى بانون، بحسب غالوزو.