البحرين: «الوفاق» المعارضة تنسحب من «نصف» جلسات الحوار

صلاحيات البرلمان على طاولة الحوار اليوم.. والمعارضة متحفظة

TT

صعدت جمعية الوفاق من موقفها، بإعلانها مقاطعتها جلسات حوار التوافق الوطني في المحورين الاجتماعي والاقتصادي، مع تأكيد مشاركتها في المحورين السياسي والاقتصادي، وأكد خليل مرزوق، رئيس فريق عمل جمعية الوفاق في الحوار، أن الجمعية لم تتخذ قرار الانسحاب الكلي من الحوار، وقد يتوقف اتخاذ مثل هذا القرار على ما تسفر عنه جلسة اليوم، فيما يتعلق بالمحور السياسي وكذلك الحقوقي.

وأشار إلى أن قرار عدم المشاركة في المحور الاجتماعي وكذلك الاقتصادي، على اعتبار أن الحوار «ليس مكانا لإعادة صياغة القوانين، وهذه المحاور ليست هي القضية الأساسية في الأزمة البحرينية، وقد تناقش ضمن المؤسسات الدستورية بعد الإعلان عن صلاحيات حقيقية».

وقال المرزوق إن الأزمة الأساسية التي تعاني منها البحرين، وأدت لكثير من الأزمات، والتي يجب التوقف عندها ومنحها الاهتمام، «هي الشأن السياسي والحقوقي، وخاصة فيما يتعلق بالحكومة والبرلمان والسلطة القضائية والأمن».

وفي الوقت الذي اجتاز فيه حوار التوافق الوطني اختبار الجلسة الأولى أول من أمس، التي كانت تمثل جس نبض حول قدرة المشاركين على دفة الحوار بالاتجاه نحو النجاح، ونجح المشاركون في التعامل بإيجابية مع الأطروحات والموضوعات الحساسة كي لا تكون هناك ذريعة لأي طرف، إلا أن نقاشات الجلسة الأولى أفرزت آراء متباينة سواء حول آلية الحوار أو في ما يتعلق بالقضايا المطروحة للنقاش، بالإضافة إلى التحفظ الكبير الذي تبديه المعارضة بشأن آلية وطريقة الحوار.

وقد جددت «جمعية الوفاق الإسلامية»، كبرى الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين، تأكيدها على أن الحوار ما هو إلا بمثابة منتدى، لأنه لا يلبي متطلبات الحوار، وهو ما يؤكده خليل مرزوق عضو «جمعية الوفاق» ورئيس فريق ممثليها في الحوار، وقال إنه ليس أكثر من منتدى وغير قادر على انتشال البحرين من أزمتها الأمنية والسياسية، مستشهدا بأن الجلسة الأولى في المحور السياسي لم يناقش سوى محور واحد في فرعي الجمعيات السياسية وهو فرع «الطائفية في العمل السياسي» من قبل 75 شخصا، في حين لم تعطَ ستة عناوين حقها من النقاش، وذلك لضيق الوقت حتى إن نحو 10 أشخاص طلبوا الحديث ولم يتمكنوا من الإدلاء بآرائهم. وانتقد مرزوق وجود بعض المشاركين في المحور السياسي رغم أنهم لا علاقة لهم بهذا الشأن، الذي تعنى به الجمعيات السياسية، وأنه «لا يمكن أن نناقش مجموعة من المواطنين ونهمش رؤية العضو النيابي»، مضيفا: «ولنكن واضحين، إن المنتدى لا يعبر عن رأي الشعب».

وأكد خليل مرزوق تمسك «الوفاق» بموقفها من الإصلاح السياسي، الذي يضمن حكومة منتخبة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الحقيقة أن أهم المسائل التي يجب التركيز عليها هي التي تتعلق بالإصلاح السياسي الذي يجب أن ينتهي بتشكيل حكومة منتخبة»، موضحا رؤيته عن تشكيل الحكومة المنتخبة التي يتم ترشيحها من خلال التكتل الأكبر: «بعد الانتخابات أو التحالفات يتم ترشيح رئيس للحكومة ويرفع للملك لتكليفه بتشكيل الحكومة التي بدورها تأتي ببرنامج عمل يطرح لاستفتاء أو يعرض على المجلس النيابي، في حين تبقى الأسرة المالكة لها كل التقدير والاحترام من الشعب ويتم الاتفاق على صلاحيات الملك، الذي يمثل رأس الدولة والحامي للوطن ومكوناته والمراسيم تصدر باسمه والمصادقة على الأحكام القضائية والتشريعية، ويبقى الشعب يحكم نفسه بنفسه». مشيرا إلى أن استمرارية الحوار بهذه الآلية لن يصل إلى النتائج المرجوة، خصوصا وأن كثيرا من القضايا يجب أن تتم مناقشتها عبر السلطات التشريعية والتنفيذية، وليس من الممكن أن يحل المتحاورون مشكلة الإسكان القائمة منذ 40 سنة في جلسة واحدة، أو القضايا الأخرى التي تتضمنها تلك المحاور الأربعة.

وأضاف أن «ما عايشناه عبر عقود من الزمن في البحرين لا بد لن يجد حلا شافيا، ولن يحل إلا بنظام ديمقراطي مكون ممن كل ممثلي الشعب، ونبذ سياسة التهميش الذي عايشناها والتي خلفت أزمة ثقة وأزمات أمنية، وعلينا أن نتفق على كيفية إدارة بلدنا بشراكة، تشعر المواطن بوطنيته وبالأمن والاستقرار الوظيفي والمعيشي على حد المساواة».

وحمل الحكومة مسؤولية عدم الثقة كونها تحتكر كل السلطات وهي الطرف الأقوى، وقال إن المعارضة لم يكن لها سبب مباشر في اهتزاز الثقة، «بل نحن من صادقنا على عروبة البحرين، وعلى دستور 73 بأن أسرة آل خليفة هي الحاكمة في ذلك الوقت، والآن أصبحت مالكة». ورفض الاتهامات التي تفيد بعلاقة المعارضة بإيران أو التأثير على قراراتها وقال: «أتحدى من يثبت مثل هذه الأقاويل، ويكفي أن دولا كبرى مثل أميركا وبريطانيا تؤكد عدم وجود مثل هذه العلاقة».

ونفى مرزوق ما يدور خلف الكواليس من أن هناك قوى وسيطة خفية تمثل الرابط بين الحكومة المعارضة، وقال إنه لم يحدث شيء من هذا القبيل لأن الحكومة في الأساس رفضت كل الوساطات، ولكن المعارضة رفعت خطابا للملك على أن يتم التركيز في المحور السياسي على فريق من المعارضة ومساوٍ له فريق يختاره الملك بهدف الفصل في هذا المحور الأهم، ولكن لم ترد إجابة حتى الآن. وأكد خليل مرزوق أن المعارضة تسعى لانتشال البحرين من أزماتها السياسية التي تحدث أزمات أمنية، ليستقر الوطن وفق تعايش سلمي وأمني وشراكة حقيقية تمنع أي تدخلات خارجية، وبناء الوطن وتعزيز التضامن مع المنظومة الخليجية والمحيط الإقليمي.

من جانبه تحفظ عادل المعاودة نائب رئيس مجلس النواب البحريني، على بعض المشاركين في الحوار، وقال: «مع الأسف هناك من أتى لطرح أفكار لمجرد الإثارة، بل إن بعض المداخلات ما هي إلا بمثابة خطب لا تلبي تشخيص الواقع والمطالب الحقيقية».

وانتقد المعاودة بعض الأطروحات، وخصوصا في ما يتعلق بحل الجمعيات السياسية وإعادة تشكيلها من جديد، مؤكدا أن مثل هذه الأطروحات ما هي إلا هراء، لأن القانون الحالي يمنع قيام جمعيات سياسية على أساس طائفي أو مذهبي، وهذا ما يتيح لكل الفئات الدخول في أي جمعية.

وحول الملكية الدستورية قال المعاودة: «أعتقد أن هذه الكلمة لها أكثر من تفسير، ونحن في البحرين لدينا ملكية دستورية، ومجلس منتخب، وجميعنا يطالب بتطوير الإصلاح السياسي، ولكننا لا نتفق مع من يريد الملك أن (يملك ولا يحكم). ولكن نطالب بتوسيع الحكومة».

وفي ما يتعلق بالسلطتين التشريعية والتنفيذية قال المعاودة: «لا بد من توسيع صلاحيات مجلس النواب، وتقوية مجلس الشورى»، مؤكدا أنه يتفق مع الاتجاه لتعيين مجلس الشورى لأن التجربة أثبتت في أحايين كثيرة أن العضو المعين أكثر كفاءة من العضو المنتخب الذي يتم انتخابه على مزاجية الشعب. وأبدى المعاودة تفاؤله بأن يحقق الحوار النجاح إذا تجنب البعض التصريحات الإعلامية غير المسؤولة. وتستأنف مساء اليوم في تمام الخامسة بتوقيت العاصمة البحرينية المنامة الجلسة الثانية لحوار التوافق الوطني، وستطرح على طاولة الحوار في المحور السياسي «صلاحيات مجلسي الشورى والنواب»، وسيتطرق المحور السياسي إلى كل المرئيات المتصلة بصلاحيات مجلسي الشورى والنواب، بما فيها من صلاحيات تشريعية ورقابية لأعضاء المجلسين، وآليات الأدوات التشريعية والرقابية والعلاقة بين المجلسين، بينما تتضمن نقاشات المحور الاجتماعي «مؤسسات المجتمع المدني»، في المحور الاقتصادي «مستوى الخدمات الحكومية»، وفي المحور الحقوقي «السلطة القضائية». وكان المشاركون في حوار التوافق الوطني قد دعوا في الجلسة الأولى مساء أول من أمس إلى ضرورة تطبيق القانون المتعلق بتنظيم عمل المنابر الدينية وإبعادها عن العمل السياسي، وذلك عبر إجراء رقابي يضمن عدم «طأفنة» العمل السياسي، أو استخدام المنابر الدينية لأغراض تأجيج الطائفية بين مكونات المجتمع البحريني. وشدد المتحاورون على ضرورة أن تقوم وزارة العدل بإيجاد آلية صارمة ومفعلة تحتكم إلى التعامل مع الأهداف الطائفية للجمعيات السياسية.

وفي المحور الاقتصادي بحث المتحاورون ضرورة تقييم المؤشرات العالمية للتنافسية، بينما شدد عدد آخر من ممثلي الجمعيات المهنية المهتمة بالشأن العقاري بضرورة إعادة النظر في القوانين العقارية كقانون الإيجار وتخفيض رسوم التسجيل العقاري، مشددين على أهمية أن يكون هناك قانون عصري للتطوير العقاري ينظم العلاقة بين المطور والمشتري.

وفي المحور الحقوقي طالب المشاركون بتخصيص كوتا نسائية للمناصب العليا في الدولة، وأكدوا على أهمية تهيئة البيئة السليمة لعمل المرأة وحمايتها من خلال توفير السكن المناسب لها.

وفي المحور الاجتماعي استعرض المشاركون تخصيص جهة تعنى بقضايا الشباب توحد جميع الجهود المتفرقة حاليا من خلال استراتيجية شاملة الرؤى والغايات والأهداف يكون لها ميزانية تتناسب مع هذه الطموحات. كما دعوا إلى إصلاح سوق العمل بحيث يكون اقتصادا معرفيا، ودعم القطاع الخاص للجمعيات الشبابية وضرورة مواصلة دعم الأجور والرواتب، وإعداد مناهج تنموية بحيث تتناسب مخرجات التعليم مع سوق العمل.