نائب في حزب الله لآخر في المستقبل: أنت عميل ومعروف سعرك

الحكومة اللبنانية تحظى بثقة البرلمان اليوم.. وميقاتي يستعد للرد على منتقديه

النائب نواف الموسوي
TT

من المتوقع أن تحظى الحكومة اللبنانية التي يرأسها نجيب ميقاتي اليوم، بثقة نواب فريق «8 آذار» بعد أن حجب عنها فريق «14 آذار» الثقة، وسجل في اليومين الأخيرين جملة مآخذ على مضمون البيان الوزاري، وبذلك تفوز الحكومة بثقة البرلمان. وفي حين ينتظر أن يرد ميقاتي على ما سيق بحقه وبحق حكومته في ختام مداخلات النواب اليوم، ارتفع أمس منسوب السجال النيابي ووتيرة الخطاب السياسي في اليوم الثاني من جلسات الثقة، في ظل استمرار تشكيل المحكمة الخاصة بلبنان مادة دسمة لمداخلات النواب؛ معارضين وموالين.

وإذا كانت قوى «14 آذار» وجهت انتقادات لاذعة في اليوم الأول لميقاتي وبيان حكومته الوزاري، فإن الأكثرية الجديدة ردت أمس الصاع صاعين، حيث شن نوابها، وتحديدا نواب حزب الله، هجوما عنيفا على المحكمة الخاصة بلبنان. فاعتبر النائب حسن فضل الله أنه «لولا المقاومة لكان شارون في قصر بعبدا الآن، ولكانت الموازنة تناقش بالشيقل».

وفي الجلسة المسائية كانت المنازلة الأقسى والمشادة الأعنف بين نواب المعارضة من جهة، ونواب حزب الله من جهة ثانية. فبينما كان عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق، يقدم مداخلته تطرق إلى موضوع السلاح وتحكم سيده بالحكومة وبحياة الناس منذ ما قبل 7 مايو (أيار) 2008 وبعده، وصولا إلى اعتراف حزب الله بشبكة للعملاء ورفض هذا الحزب لفكرة الاختراق في قضية اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، فقاطعه عضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي معتبرا أن «كلام المشنوق هو كلام فتنة»، فرد عليه المشنوق قائلا: «هذه الفتنة تشبهك أنت لوحدك»، فاندفع الموسوي قائلا للمشنوق «أنت عميل للمخابرات وأكبر عميل ومعروف ما هو سعرك». وهنا صرخ النائب في كتلة المستقبل هادي حبيش قائلا: «لا نقبل الاتهام بالخيانة احترموا أنفسكم». فتدخل رئيس مجلس النواب طالبا التوقف عن المساجلة.

وما إن انتهى المشنوق من كلامه اعتلى عضو كتلة الكتائب النائب نديم الجميل المنبر، وبدأ الحديث عن وجود ميليشيا مسلحة (حزب الله) مهيمنة على الدولة وعلى الجيش والمؤسسات بقوة السلاح. وهنا تجمع نواب حزب الله وتشاوروا داخل القاعة ثم انسحبوا جميعا إلى الخارج. وقالوا إنهم آثروا البقاء خارج القاعة كي لا يعطوا للفريق الآخر ذريعة لإفساد الجلسة وتفجيرها وتعطيل الثقة بالحكومة.

وبعد انتهاء كلمة الجميل عاد نواب حزب الله إلى القاعة ولوحظ أن حديثا جانبيا دار بين رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة والنائب نواف الموسوي، وبدا من خلاله أن هناك ترطيبا للأجواء من خلال ممازحة السنيورة لنائب حزب الله حيث كانا يبتسمان وهما يتبادلان أطراف الحديث.

وتخلل الجلسة أمس مشادات كلامية بين النواب تخطت أطر اللياقة الكلامية، وردود بالجملة على ما جاء على لسان عدد من النواب الذين تحدثوا في اليوم الأول. وفي حين حافظ ميقاتي على هدوئه المعهود، منتظرا تصويب المواقف التي سيقت بحقه حتى انتهاء جلسات الثقة اليوم، نالت حكومته في الجلسة الصباحية أمس ثقة 7 نواب، فيما حجبها 7 آخرون عنها.

وفي إطار أبرز المداخلات، اعتبر نائب حزب الله حسن فضل الله أن «هناك غضبا أسود على التكليف وحنقا على التشكيل وتحريضا لحكومات العرب والغرب وكأنه استدعاء لأساطيل الغرب لمحاصرة بيروت». وفي ما يتعلق بالقرار الاتهامي في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، الذي وجه لأربعة مسؤولين في حزب الله، قال: «نحن نوافق المدعي العام للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان بلمار على أن لديه فريقا متخصصا في تعقب المقاومين وملاحقتهم، ولكن تجربته مع المقاومين فاشلة»، مضيفا أن «بلمار يلاحق مقاومين مطلوبين من قبل إسرائيل منذ زمن طويل، ولكن ما عجزت عن القيام به إسرائيل وأميركا فلن تصل إليه أي يد ولو سُميت محكمة». وفي السياق عينه، قال النائب عن حزب الله علي فياض إن «المقاربة السياسية لـ(14 آذار) تفتقد إلى التوازن، وكل افتراض بأن العدالة الدولية هي عدالة منزهة هو افتراض ساذج، وما يسمى بالعدالة الدولية هو كذبة كبرى». وسأل: «لماذا التغييب الكلي لفرضية اتهام إسرائيل باغتيال الرئيس رفيق الحريري»، متهما الفريق الآخر بـ«توفير الغطاء لأكثر المؤامرات التي تستهدف المقاومة».

وفي حين منح النائب عن حزب البعث عاصم قانصو حكومة ميقاتي الثقة من دون أن تكون له أي مداخلة، توجه عضو كتلة النائب ميشال عون النائب ألان عون، إلى المعارضة بالقول: «تعالوا ننزع الأحقاد التي تعمي البصيرة ولنخاطب العقول لإنقاذ البلد؛ فنحن أيضا نريد الحقيقة، فالحقيقة لا تموت مهما طال الزمن، ولكن التزوير سيظهر قريبا»، متمنيا أن «يمد الجميع يد الحوار الوطني إلى الرئيس ميقاتي وإلى الأكثرية من أجل الوصول إلى بر الأمان».

في المقابل، تابع نواب المعارضة انتقادهم لمضمون البيان الوزاري، حيث سأل نائب «المستقبل» جمال الجراح: «هل من اغتال الرئيس الحريري وسائر الشهداء كان حريصا على السلم الأهلي حتى لا تتم محاكمته»، مؤكدا: «إننا لن نخضع للمنطق الأسود، ولن نتنكر للشهداء، وكفانا قمصانا سود». وتوجه إلى ميقاتي بالقول: «أنت منحاز وسياستك ليست وسطية بل ميقاتية بامتياز».

وسأل نائب «المستقبل» محمد الحجار: «أي ثقة تطلب هذه الحكومة، وهي المكونة من أفرقاء سياسيين امتهنوا تضليل اللبنانيين، وفيها حزب يخون كل من لا يوافقه الرأي؟». وأشار إلى أن «مهمة هذه الحكومة هي مواجهة المحكمة الدولية ونقطة على السطر»، داعيا «هذه الحكومة إلى أن ترحل لأننا لن نعطي ثقة لحكومة تستقوي بحزب مسلح».