الوزيرة البريطانية وارسي لـ «الشرق الأوسط» : الربيع العربي أثبت عدم صحة الاعتقاد بأن الإسلام والديمقراطية لا يمتزجان

ما يجري في ليبيا يذكرنا بـ«مذبحة البوسنة»

البارونة سعيدة وارسي
TT

وصفت الوزيرة البريطانية البارونة سعيدة وارسي، ما يجري على الأرض في ليبيا بأنها «مذابح وحشية» يقودها العقيد معمر القذافي تجاه شعب بلاده، لافتة إلى أن حجم القتل والدمار هناك يشبه إلى حد كبير المذبحة التي جرت في البوسنة.

وعلى الصعيد الشخصي، تقول وارسي، وهي أول امرأة مسلمة تعين في منصب حكومي في تاريخ بريطانيا، إنها ضد الحرب تماما كقاعدة عامة، لكنها تشعر بأن الوضع يختلف في ليبيا. وقالت الوزيرة البريطانية التي لا تحمل حقيبة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» خلال مشاركتها في اجتماعات وزراء خارجية العالم الإسلامي في كازاخستان: «أشعر أن الوضع يختلف في ليبيا؛ فبالنسبة لي، تبدو ليبيا أشبه بدرجة كبيرة بالبوسنة وسراييفو. لقد أمضيت وقتا في البوسنة وذهبت إلى سريبرينيتشا، حيث وقعت المذبحة، وحينما اتخذت بريطانيا قرارها بعدم اتخاذ أي إجراء (هناك)، لقي الآلاف مصرعهم».

وتابعت البارونة البريطانية التي تلعب دورا بارزا في حزب المحافظين، قولها: «أشعر أن حال بنغازي أشبه بذلك. وهذا راجع إلى ما كان يخطط له العقيد القذافي، وما دأب على ترديد أنه سيقوم به، (لم نكن نحن من قررنا أنه سيفعل ذلك، بل هو من كان يقول إنه سيفعله)، ومن هذا المنطلق، كان من المهم أن لا يقف العالم موقف المتفرج ويسمح باستمرار مثل تلك المذابح الوحشية».

واعتبرت وارسي، التي توصف بأنها أكثر مسلمات بريطانيا نفوذا، أن هناك أساسا قانونيا لعمليات حلف الناتو في ليبيا. وأضافت: «كان هناك أساس قانوني لما قمنا به، وأعتقد أن قرارا شديد الوضوح من الأمم المتحدة كان الأساس الصحيح الذي يجب أن نرتكز عليه. وكان الأمر الأكثر أهمية هو أن لدينا دعما إقليميا واسع النطاق، يشمل تأييد مجلس التعاون الخليجي وكون لبنان أحد البلدان التي وقعت على القرار المبدئي وتمتعنا بدعم الإمارات العربية المتحدة وقطر، وتحديدا الدعم العسكري، الذي تلقيناه في ما بعد». وأشارت وارسي إلى أن مشكلة ليبيا ليست مشكلة تخص العالم العربي فحسب، بل العالم الإسلامي ككل، مضيفة أن الليبيين «أفراد يقومون بانتفاضة ويرغبون في التمتع بالحقوق التي ينظر لها كثيرون منا باعتبارها مسلما بها. ومن ثم، يجب أن يستجيب العالم لتلك الحقيقة، وهذا ما حدث بالفعل».

ولدى سؤالها عن مستقبل دول العالم العربي، قالت وارسي: «أعتقد أنه وقت مفعم بالتفاؤل حقيقة، ليس من الواضح إلى أين ستسير الأمور، ولكن بذور الديمقراطية قد غرست. أحيانا تأخذ وقتا لكي تزهر، لكنني واثقة بإذن الله من أنها ستزهر وأن العالم سيكون مستعدا لتلك المرحلة الجديدة».

ومن وجهة نظر البارونة البريطانية، فإن عام 2011، عام تاريخي، منذ أن بدأ ما يسمى «الربيع العربي»، حيث كانت هناك صحوة بمختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنه يضحد الاعتقاد القائل إن الإسلام والديمقراطية لا يمكن أن يمتزجا معا. وأضافت «فإذا نظرت إلى شوارع بنغازي وإلى ما يحدث في تونس وفي ميدان التحرير في مصر، وبمختلف أنحاء العالم، ستجد شبابا يرغبون في الشيء نفسه الذي يرغبه الشباب في بريطانيا. إنهم يرغبون في نيل فرص للتعبير عن آرائهم وفي الحرية، كما يرغبون في سيادة القانون وقيام حكومة خالية من الفساد، وأن يتمتعوا بفرصة المشاركة في تلك الحكومة. إنهم يتمنون التمتع بالحقوق التي أتعامل معها باعتبارها مسلما بها ولطالما تعاملت معها على هذا النحو منذ مراحل نشأتي الأولى في بريطانيا».

غير أن وارسي نبهت إلى ضرورة التعامل بدرجة من الحساسية مع ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مبررة ذلك بقولها: «علينا أن نفهم أنه لا يوجد حل واحد مثالي مودع لدينا في مكان آمن ويمكننا أن نخرجه من مخبئه ونقول: (تلك هي الإجابة).. كل دولة تختلف عن غيرها ولها تاريخها وثقافتها الخاصة وشعبها، وكل حل في كل دولة يجب أن يأتي من شعبها. وهناك أيضا فروق بسيطة في كل دولة على حدة، حيث توجد مجتمعات وطوائف مختلفة المشارب، وإنجازات وإصلاحات مختلفة تمت مؤخرا». وأكدت البارونة البريطانية، أن بلادها يتحتم عليها أن تدرك بكل وضوح وجوب مجاراة الاتجاه السائد في تلك الدول، بدلا من أن يفرض عليها ما تعتقد أنه حل مثالي.