الهموم اليومية تصرف اليمنيين عن متابعة أخبار صالح.. ومظاهرات للمطالبة بـ «الحسم الثوري»

قتلى وجرحى في تعز.. والسلطات تتحدث عن مقاتلين أجانب في أبين

TT

استمرت المظاهرات في معظم المحافظات اليمنية للمطالبة بـ «حسم ثوري» وبتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد، في وقت استمر فيه نزيف القوات المسلحة اليمنية في وحداتها العسكرية باتجاه تأييد الثورة، وقد أوقفت دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع اليمنية مرتبات عشرات الضباط الذين أعلنوا تأييدهم للثورة، واعتبرت الدائرة أن الإجراء الذي اتخذ بحق هؤلاء الضباط، هو أقل مما هو منصوص عليه في القانون بحق العسكريين.

وجاء استمرار الاحتجاجات المناهضة للنظام ولتشكيل المجلس الانتقالي، رغم أن هذه الدعوات خفتت مع مرور الوقت في ظل المساعي الدبلوماسية الخليجية والأوروبية والأميركية لترتيب انتقال آمن وسلس للسلطة في اليمن، في الوقت الذي يستمر فيه الغموض المحيط بصحة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي يتلقى العلاج في أحد المستشفيات السعودية منذ الثالث من يونيو (حزيران) الماضي.

وكثفت أجهزة الأمن اليمنية من ملاحقتها لنشطاء الثورة الشبابية والأصوات المؤيدة لها كالشعراء الشعبيين، حيث اعتقلت اليومين الماضيين، عددا منهم، وبين من اعتقلوا مانع المطري عضو اللجنة التنظيمية للثورة. وكشفت اللجنة، في بيان صادر عنها، أن المئات من نشطاء الثورة تعرضوا للإخفاء والتعذيب على يد أجهزة الأمن.

وأوقفت العديد من المعسكرات ودوائر وزارة الدفاع اليمنية مرتبات العشرات وربما المئات من المنتسبين إليها، بعد وصولهم إلى ساحات التغيير والحرية لإعلان تأييدهم وانضمامهم للثورة المطالبة بالإطاحة بنظام صالح، الذي بات شبه مشلول بعد إصابة رئيسه وكبار المسؤولين فيه، في الانفجار الذي وقع الشهر الماضي في جامع دار الرئاسة اليمنية.

وانصرف، مؤخرا، معظم اليمنيين «مؤقتا» عن متابعة أخبار الرئيس صالح وصحته ومتى عودته، بعد تضارب تصريحات المسؤولين اليمنيين ووعودهم، أكثر من مرة، بعودته دون أن يتحقق ذلك، وتتركز هموم المواطنين اليمنيين على أوضاعهم المعيشية وحياتهم اليومية، حيث يكابد المواطنون، ليل نهار، من أجل الحصول على البترول والديزل (المازوت) وغيرهما من المشتقات النفطية المنعدمة من الأسواق اليمنية والتي تباع في «السوق السوداء» بأسعار باهظة.

وكان العشرات من ضباط وصف ضباط وأفراد الحرس الجمهوري في محافظة عمران، قد أعلنوا انضمامهم وتأييدهم للثورة الشبابية المطالبة بالإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح، بعد أكثر من أسبوع على انضمام المئات من ضباط الحرس الجمهوري والأمن المركزي للثورة.

وفي شمال اليمن وأيضا في محافظة تعز، تجددت الاشتباكات وأعمال القصف الجوي على القرى والمناطق التي يعتقد أن بها مسلحين مؤيدين للثورة، وقال شهود عيان لـ «الشرق الأوسط» في محافظة تعز، بجنوب صنعاء، إن جنديا واحدا، على الأقل، قتل وجرى إحراق ثلاثة أطقم عسكرية في مواجهات عنيفة دارت في شارع جمال عبد الناصر، أحد أهم شوارع مدينة تعز، كبرى المدن اليمنية من حيث عدد السكان.

ودارت تلك المواجهات بين قوات الحرس الجمهوري والمسلحين المؤيدين للثورة وجلهم من العسكريين الذين انسحبوا من القوات المسلحة والأمن، وحسب مصادر محلية لـ «الشرق الأوسط» فإن تجدد الاشتباكات في تعز، جاء بعد فشل الهدنة «المؤقتة» التي كان تم التوصل إليها بين الطرفين اليومين الماضيين.

وفشلت الهدنة إثر رفض السلطات لمطالب مشايخ تعز بإقالة قائد الحرس الجمهوري ومدير أمن المحافظة ورفع المظاهر العسكرية المسلحة عن المدينة التي باتت أوصالها مقطعة منذ بعضة أشهر.

وأسفرت أزمة المشتقات النفطية عن مقتل عدد من المواطنين في عدد من المحافظات، بعد اقتتال أمام محطات التعبئة على الوقود، فبعد مقتل أكثر من 8 أشخاص في محافظة الحديدة بغربي البلاد، قتل أمس، شخص في إب لذات السبب، كما أن عددا غير قليل من المواطنين سقطوا جرحى في عدد من المحافظات جراء إطلاق النار أثناء الزحام والمنافسة للحصول على كميات محدودة من البترول والمشتقات النفطية، في حين أقدم مسلحون على تفجير عدد من صهاريج نقل البترول وسط الطرق الطويلة، فيما قام آخرون بمصادرة كميات البترول التي كانت تحمل بعض الصهاريج.

وعلى صعيد المواجهات المتواصلة في محافظة أبين بجنوب اليمن، قالت مصادر رسمية إن جنديا قتل وأصيب ثلاثة آخرون في أحدث العمليات العسكرية بين القوات النظامية والمسلحين الذين تقول السلطات إنهم ينتمون لتنظيم القاعدة.

وأكد مصدر عسكري في اللواء 25 «ميكا» بمحافظة أبين مقتل أحد قيادات تنظيم القاعدة ضمن الـ40 قتيلا من عناصر التنظيم قبل أول من أمس، «قرب معسكر اللواء، إثر هجمات فاشلة شنها الإرهابيون على المعسكر»، وقال المصدر إن «أجانب من جنسيات مختلفة يقاتلون في صفوف الإرهابيين حيث عثر على بطاقة أحدهم وهو صومالي الجنسية».

وقال شهود العيان إن سلاح الجو اليمني واصل قصفه لمناطق في محافظة أبين قرب مدينتي زنجبار وجعار، حيث يعتقد أن المسلحين يتخذون هناك مناطق آمنة لمهاجمة القوات العسكرية.

ويتواصل نزيف النازحين من سكان مدن محافظة أبين نحو مدينة عدن وغيرها من المناطق المجاورة في جميع الاتجاهات، هربا من جحيم المواجهات والقصف الجوي والمدفعي، في ظل استمرار سيطرة المسلحين على عاصمة المحافظة (زنجبار)، وقدر عدد النازحين من أبين في غضون شهرين، بعشرات الآلاف. على صعيد آخر، هاجم قراصنة ناقلة تحمل شحنة من زيت الوقود (المازوت)، وذلك بإطلاق قذيفة صاروخية على الناقلة قرب ميناء عدن اليمني صباح أمس، ولكن طاقمها لم يصب بأذى من جراء هذا الهجوم الصاروخي. وقد جرى استعادة الناقلة والشحنة، حسبما ذكرت الشركة المشغلة للناقلة لـ«رويترز» أمس. وتخلى طاقم السفينة المؤلف من 26 فردا عن الناقلة «بريليانت فيرتوسو» التي كانت تحمل أكثر من 141 ألف طن من زيت الوقود من أوكرانيا إلى تشينغداو في الصين، بعد أن أطلق القراصنة النار على قمرات النوم في الساعات الأولى من صباح أمس.

وقالت شركة «سنترال مير»، المشغلة للناقلة، في بيان، «علمنا أن القراصنة أطلقوا قذيفة صاروخية على مكان النوم، مما أدى إلى اشتعال النيران».

وأضاف «نتيجة لذلك، تخلى القراصنة عن مساعيهم للسيطرة على السفينة وتركوا مكان الحادث.. وطلب الربان إجلاء كل أفراد الطاقم».

وقالت الشركة إن سفينتين تابعتين للبحرية الأميركية وسفينتي قطر وصلوا من ميناء عدن إلى مكان الحادث، مضيفة أنه لم تقع إصابات بين أفراد الناقلة، وأنه لم يحدث أي تلوث. وذكر مصدر في الشركة أنه جرت مرافقة السفينة إلى ميناء عدن المجاور.

ويمكن للقراصنة الصوماليين البقاء في المياه لفترات طويلة باستخدام سفن تجارية يستولون عليها ويتخذونها منصة انطلاق لعملياتهم ويستغلون جزيرة سقطرى اليمنية النائية كمركز لإعادة التزود بالوقود.

وتكبد القرصنة التي تقوم بها عصابات صومالية التجارة العالمية خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنويا.