إيران والعراق يتفقان على إنهاء الملفات العالقة وتشكيل مجلس أعلى للتعاون

مصدر من داخل إيران لـ «الشرق الأوسط» : هدف الزيارة الالتفاف على العقوبات الدولية

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مستقبلا النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي («الشرق الأوسط»)
TT

قال النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي الذي يزور العراق، خلال مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إن «حكومة بلاده قد تناست كل الآلام التي أصابتها من جراء سياسيات النظام السابق، خصوصا في حربه على إيران»، مشيرا إلى أن «إيران تتطلع إلى أفضل العلاقات مع العراق وحكومته التي يرأسها نوري المالكي». وكان رحيمي وصل إلى بغداد أمس على رأس وفد من 200 شخصية تشمل جميع القطاعات الاقتصادية والتجارية في إيران. وتم الإعلان عن تشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاقتصادي بين البلدين، الذي يرأس الجانب العراقي فيه المالكي، بينما يرأس رحيمي الجانب الإيراني. وبينما دعا المالكي خلال المؤتمر الصحافي الشركات الإيرانية إلى العمل في العراق في مختلف المجالات والقطاعات، فإنه أكد ضرورة أن يستثمر العراقيون زيارة نائب الرئيس الإيراني إلى العراق لفتح جميع الملفات العالقة بين الطرفين، مبينا أنه تمت مناقشة جميع المشاكل بين العراق وإيران. وتأتي زيارة رحيمي للعراق في وقت تزداد الاتهامات للجانب الإيراني، سواء من قبل جهات حكومية أو سياسية في العراق، على صعيد استمرار القصف الإيراني للمناطق الحدودية بين البلدين من جهة إقليم كردستان، أو قيام الجانب الإيراني بحفر بئر نفطية على بعد نحو 600 متر عن الأراضي العراقية من جهة محافظة البصرة، فضلا عن العديد من الخروقات والتجاوزات التي لم يتطرق المسؤولون العراقيون إلى بحثها مع الجانب الإيراني، سوى الإشارة التي وردت في إعلان المالكي خلال مؤتمره الصحافي مع رحيمي من أن المباحثات بين الجانبين تناولت جميع الملفات العالقة. واعتبر المالكي أن «زيارة الوفد الإيراني تشكل نقطة انطلاق جديدة في مجالات الاتفاق التي تمت مناقشتها بين الوفدين، وهي الكهرباء والنقل والإعمار والنفط والغاز والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والاتصالات». وشدد المالكي على أنه تم «الاتفاق على إدامة العلاقات بين البلدين وتصعيدها لكي تحقق الطموحات»، كاشفا عن أنه اتفق مع الجانب الإيراني على أن «يأتي في كل فصل وفد من إيران إلى العراق ويذهب وفد عراقي إلى إيران». وبينما لم يتطرق الجانبان إلى واحد من الملفات المهمة في سياق العلاقة بينهما وهو ملف منظمة مجاهدين خلق الإيرانية المعارضة التي تتخذ من «أشرف» (شمال شرقي بغداد) معسكرا لها - فإن نائب الرئيس الإيراني وصف مبنى القصر الجمهوري الذي عقد فيه المؤتمر الصحافي مع المالكي بأنه «غرفة حرب». وقال «المكان الذي نقف فيه الآن غرفة حرب»، في إشارة إلى حرب الـ8 سنوات بين البلدين في ثمانينات القرن الماضي التي أدراها الرئيس السابق صدام حسين من هذا القصر. ووصف رحيمي تلك الحرب بأنها كانت «حربا لهيبية على إيران». إلى ذلك، أكد مصدر خاص بـ«الشرق الأوسط» من داخل إيران أن زيارة رحيمي «تأتي في إطار الالتفاف على العقوبات الدولية التي بدأت مفاعيلها واضحة على الاقتصاد الإيراني»، مشيرا إلى أن «معظم الشركات التي يراد لها أن تستثمر في العراق هي في الأصل شركات تابعة لتنظيمات مقر (خاتم) التابع لفيلق الحرس ويتم توجيهها تماما في العراق من قبل قوة (القدس) التابعة لفيلق الحرس، اللذين يقومان بتنسيق نشاطاتهما في العراق». وأضاف: «يرافق رحيمي 16 وزيرا ووكيلا للوزارة وخمسة محافظين للمحافظات الحدودية الإيرانية ومسؤولون في عدد من أجهزة النظام الإيراني تحت غطاء ممثلي الوكالات الاقتصادية والصناعية والتجارية للقطاع الخاص بالإضافة إلى عدد من عناصر قوة (القدس) ومقر (خاتم) لفيلق الحرس ومديري اقتصاد النظام».

وأشار المصدر إلى أن «الهدف من هذه الزيارة هو الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على إيران، حيث إن النظام الإيراني يعيش حاليا في ظروف صعبة جراء العقوبات الدولية، ويحاول جاهدا إيجاد مخرج ومهرب له من عواقب ومضاعفات تلك العقوبات، ولهذا الغرض يعمل النظام الإيراني وبتنشيط القضايا الاقتصادية وعقد مؤتمرات وإنشاء لجان مشتركة مع الدول المجاورة لإيران على تحقيق أطماعه وأهدافه، حيث إن رحيمي وأعضاء الوفد المرافق له يريدون افتتاح مشروع في العراق يسمى مشروع (الساعة) وهو مختصر أسماء دول: سوريا وإيران والعراق وتركيا، وإن النظام الإيراني ينوي استغلال الإمكانات والظروف الاقتصادية للعراق لتوسيع وتطوير علاقاته الاقتصادية مع كل من تركيا وسوريا في محاولة للانفلات والتملص من العقوبات الدولية». وكشف المصدر أن «رحيمي يرافقه مديرو 70 شركة ومؤسسة معظمها ستنشط في العراق تحت غطاء البناء ومد الطرق والاتصالات وتقنية المعلومات والتجارة والصناعة والكهرباء والنفط والغاز والبتروكيماويات». وأورد المصدر أسماء بعض الشركات والمؤسسات المرافقة لرحيمي في هذه الزيارة والتابعة لفيلق حرس النظام الإيراني والتي هي مدرجة بغالبيتها في قائمة العقوبات منها: مصرف «أنصار»، شركة «كيسون» للبناء، مؤسسة «تعاون الحرس»، شركة «اعتماد مبين»، شركة «مبين» الإيرانية للتطوير الإلكتروني، مؤسسة «مهر» الإيرانية للاستثمار الاقتصادي، وهناك عدد من الشركات والمؤسسات المرافقة لـ«رحيمي» مدرجة في قائمة العقوبات بسبب نشاطاتها غير القانونية، وهي: المصرف الوطني (بنك ملي) وشركة «معلم» للتأمين. كما أن هناك شركات تابعة للجيش أو الحكومة ولكنها تنشط في العراق تحت غطاء شركات تابعة للقطاع الخاص، منها شركة «إتكا» التابعة للجيش وشركة «صانير» التابعة لوزارة الطاقة في النظام الإيراني، اللتان تمارسان منذ أمد طويل أنشطة اقتصادية وتجارية في العراق تحت غطاء شركتين تابعتين للقطاع الخاص الإيراني.