نيجيرفان بارزاني: نصر على بناء نظام فيدرالي.. والعراق بحاجة لاستعادة الثقة بين قياداته

رحب بـ«الربيع العربي» لكنه تساءل عما يحمله الصيف الذي يليه

نيجيرفان بارزاني يتحدث أمام المؤتمر المنعقد في روما («الشرق الأوسط»)
TT

أكد نيجيرفان بارزاني، الرئيس السابق لحكومة إقليم كردستان ونائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن «العراق بحاجة إلى إعادة بناء الثقة بين قياداته السياسية لتجاوز الأزمات التي تعترضه، كما أن هناك حاجة لترسيخ دعائم النظام الفيدرالي الذي يضمن تحقيق الديمقراطية والتعددية وتأمين الحقوق المشروعة للأقليات، إلى جانب السعي لحل مشكلات المناطق المتنازع عليها وتصحيح الأوضاع التي خلفها النظام السابق من أجل ترسيخ السلم الأهلي في البلاد». جاء ذلك في كلمة ألقاها بارزاني في مؤتمر عقد بإيطاليا، والذي كرس لتقييم تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي أناب بارزاني رئيس الإقليم مسعود بارزاني في مشاركته بالمؤتمر.

وتطرق نيجيرفان بارزاني إلى التحديات التي يواجهها العراق حاليا ولخصها في ثلاثة هي «حاجة العراق إلى إعادة بناء الثقة بين قياداته وكتله السياسية، خصوصا أن الثقافة البعثية التي رسخها النظام السابق ما زالت لها جذور في عقلية وذهنية الكثير من القادة السياسيين بالبلد، وبناء عليه يجب على الناخب العراقي أن يدرك أن السياسي العراقي الذي يختاره، يجب عليه أن يتعامل مع الآخرين بشكل سلمي وفقا لمبدأ التضامن والشراكة والقبول بالآخر». وأضاف «أما التحدي الثاني فهو العمل على ترسيخ وتثبيت أسس النظام الفيدرالي في العراق، فالبلد يحتاج إلى نظام مؤسساتي فيدرالي كما تم تثبيت ذلك في الدستور العراقي، وهو نظام يتيح ويمنح صلاحيات وسلطات أوسع للأقاليم لضمان ابتعاد العراق عن النظام المركزي الذي دمر البلد، وهذا النظام معمول به في الكثير من الدول الأوروبية وأميركا الشمالية وبلدان في آسيا وغيرها من الدول، ولذلك فإن الكرد مصرون على تثبيت ذلك النظام في العراق، وليس هناك أي مبرر على الإطلاق للقول بأن هذا النظام سيفشل عند تطبيقه في الشرق الأوسط». وتابع «أما التحدي الأخير الذي نواجهه في العراق، فهو مشكلة المناطق المتنازع عليها وضرورة البحث عن حل لها بما يضمن تصحيح أوضاعها وإنهاء آثار الظلم الواقع على سكانها جراء السياسات العنصرية التي اتبعها النظام السابق، ونحن نؤكد من على هذا المنبر أنه لا يمكن تثبيت وتحقيق السلام في العراق من دون إيجاد الحلول الواقعية لمشكلة تلك المناطق بما يتيح لسكانها فرصة تقرير مصيرهم بأنفسهم كما ورد ذلك في الدستور».

وحول تجربة الحكم في كردستان قال نيجيرفان بارزاني في كلمته «نحن في كردستان نواجه أيضا الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية، ولكن تجربتنا الديمقراطية في الحكم وتطورها سيساعدنا على مواجهة جزء من تلك التحديات، فهذه التجربة تتطور يوما بعد يوم بشكل غير مسبوق في بقية مناطق العراق، ونحن كمجتمع تعددي يضم مختلف القوميات والأديان لدينا خلفية ثقافية متينة للتعايش السلمي والأخوي بيننا، وعلاقاتنا تقوم على أساس الاعتراف والقبول بالآخر، ولذلك أبدينا استعدادنا لاحتضان الآلاف من الإخوة المسيحيين واللاجئين الآخرين من مختلف مدن ومناطق العراق، ونعمل على إيوائهم واستضافتهم بالإمكانيات المتاحة أمامنا، بل وإننا سوف نعمل على توفير فرص العمل لهم وفقا للظروف والإمكانيات. ومن أجل بناء أسس اقتصاد متين لإقليمنا نسعى حاليا لتطوير موارد الطاقة بما يتيحه لنا الدستور العراقي، وسنستمر في سياستنا هذه من أجل تطوير مصادرنا الطبيعية، فكردستان تمتلك ثروة هائلة من الطاقة ما يجعلها شريكا فاعلا في سوق الطاقة الدولية». وعلى الصعيد السياسي ورغم أن تجربتنا حديثة العهد نسبيا، ولكنها تسير باتجاه تحقيق المزيد من التقدم، ونحن اليوم في طور تثبيت أسس الديمقراطية، لذلك نواجه مسؤوليات كبيرة من أجل تحقيق ذلك. كما أننا سنسعى من خلال التعاون بين القوات الأمنية والمواطنين على استمرار حماية الوضع الأمني المستقر حاليا في كردستان، وبموازاة ذلك سنواصل جهودنا من أجل مكافحة الإرهاب الذي أصبح اليوم يهدد المجتمع العالمي ككل.

وختم بارزاني كلمته بالحديث عن الربيع العربي، وقال «في الوقت الذي يرحب فيه المجتمع الدولي بالربيع العربي وما يحمله من البشائر للشعوب العربية، هناك تساؤلات حول الصيف العربي الذي يليه، فمصير الملايين من شعوب الشرق الأوسط مرتبط بالقرارات السياسية المتوازنة الذي تصدر عن المجتمع الدولي، فربيع كردستان كان بحاجة إلى أكثر من ثلاثة عقود لكي يحل ويتحرر فيه الشعب الكردستاني، ولكننا استطعنا خلال الفترة الماضية من الصمود وبذل الجهود من أجل بناء تجربتنا الديمقراطية، ومن الممكن لشعوب المنطقة أن تقتدي بتجربة شعب كردستان في نضالاته من أجل الديمقراطية كمثال حي، وأن تتفهم تلك الشعوب بأن رياح الديمقراطية التي هبت على المنطقة حاليا بإمكانها أن تغير أوضاع الناس وأن تحقق لهم حياة أفضل».