محاكمة صومالي في أميركا بتهمة تقديم دعم مادي لـ«القاعدة»

أول حالة اعتقال سرية في عهد أوباما

TT

ألقى الجيش الأميركي القبض على صومالي مشتبه في ضلوعه في أعمال إرهابية داخل خليج عدن في شهر أبريل (نيسان) الماضي، واستجوبه على مدار أكثر من شهرين، على متن سفينة تابعة للبحرية الأميركية، قبل أن ينقله جوا هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة، لتوجه له تهم أمام محكمة فيدرالية. وتظهر هذه القضية سعي إدارة أوباما للوصول إلى البحث عن حل وسط ما بين الاعتقال لأجل غير مسمى داخل سجون سرية، كما فعلت إدارة جورج دبليو بوش، والتزامها بتحويل أكبر قدر ممكن من قضايا الإرهاب إلى محاكم مدنية. ومع إلقاء القبض على أحمد عبد القدير وارسامي، بدا أن إدارة أوباما ترغب في اللجوء إلى حل وسط، حيث قام مسؤولون في الجيش والاستخبارات باستجوابه سرا لأكثر من شهرين، قبل قيام مسؤولين عن تطبيق القانون باستجوابه لرفع لائحة اتهام ضده. ويعد وارسامي أول أجنبي مشتبه في ضلوعه في الإرهاب تلقي الإدارة الأميركية القبض عليه خارج الولايات المتحدة، وتنقله إليها للمحاكمة. وتمكنت الإدارة الأميركية من تجنب اعتراض من الكونغرس على نقله إلى داخل الولايات المتحدة، من خلال نقل وارسامي إلى نيويورك قبل الإعلان عن إلقاء القبض عليه. ويمنع الكونغرس الإدارة من نقل معتقلين في السجن العسكري الأميركي داخل خليج غوانتانامو بكوبا إلى الولايات المتحدة.

وقد استفادت الإدارة بصورة متزايدة من تكتيكات مكافحة الإرهاب، مثل الهجمات واستخدام طائرات من دون طيار أدت لمقتل عدد غير مسبوق من المسلحين. ولكن لم يتم الإعلان عن إلقاء القبض على أجانب خارج مناطق الحرب في العراق وأفغانستان، مما دفع بعض المنتقدين إلى توجيه اتهامات بتضييع معلومات استخباراتية قيمة. وقد تساءل بعض المشرعين عن المكان الذي سترسل إليه الإدارة المعتقلين الجدد، بعد أن تعهدت بإغلاق معتقل غوانتانامو. وقال مسؤول بارز في الإدارة إنها لم تفوت فرصة للاعتقال «عندما كانت المخاطر التي تهدد الجنود الأميركيين مقبولة»، وإن «قائمة طويلة من الإرهابيين» ألقت القبض عليهم دول أخرى نتيجة لتقديم الولايات المتحدة معلومات استخباراتية ومساعدة أخرى.

ولا تتضمن لائحة الاتهام المكونة من تسعة بنود اتهام وارسامي بتنفيذ هجمات أو التخطيط لها ضد أهداف أميركية. ولكن وجهت إليه تهم التآمر، وتقديم دعم مادي لمجموعتين تعتبرهما الولايات المتحدة منظمات إرهابية: حركة الشباب، وهي حركة إسلامية مسلحة معارضة للحكومة الصومالية الضعيفة، المدعومة من الولايات المتحدة، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ووجهت تهم أخرى لوارسامي مرتبطة بمخالفات سلاح ذات صلة بمؤامرات مزعومة، والتآمر لتعليم وشرح كيفية عمل المتفجرات، والحصول على تدريب عسكري على يد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد وصفت الإدارة الأميركية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بأنه الفرع الأكثر «نشاطا من الناحية العملياتية» لتنظيم القاعدة الذي مقره في باكستان، وأنه المسؤول عن محاولة تفجير طائرة كانت متجهة إلى ديترويت في إجازات عيد الميلاد عام 2009، ومحاولة تفجير طائرة شحن العام الماضي. وخلال الأشهر الأخيرة، تحدث مسؤولون في الإدارة عن علاقات متنامية بين تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحركة الشباب، إلى جانب إشارات عن أن حركة الشباب توسع من طموحاتها لتشمل استهداف الولايات المتحدة وحلفائها.

وقال المسؤول البارز في الإدارة الأميركية إن وارسامي، الذي يقال إنه في منتصف العشرينات من عمره، «كان بصورة واضحة وسيطا مهما بين المنظمتين» اللتين «شاركتا بصورة مباشرة في التآمر ضد الولايات المتحدة ومصالحنا». وقال المسؤول إن وارسامي «كان في اليمن العام الماضي والعام الحالي.. وساعد على تسهيل التواصل بين المنظمتين». وقد أتاح البيت الأبيض ثلاثة مسؤولين بارزين، أول من أمس، ليعلموا الصحافيين بالقضية، شريطة عدم ذكر أسمائهم. وقال مسؤولون أميركيون، أجريت مقابلات معهم بصورة منفصلة، إن وارسامي وأفرادا آخرين أوقفتهم قيادة العمليات المشتركة التابعة للجيش الأميركي، على متن مركب مسافر من اليمن إلى الصومال. وتم استهداف المركب لأن الولايات المتحدة حصلت على معلومات باحتمالية وجود عناصر مهمة على متنها، بحسب ما ذكره المسؤولون. وقالت وثائق محكمة إن عملية الاعتقال تمت في التاسع عشر من أبريل. وقال أحد المسؤولين البارزين في الإدارة الذين تحدثوا إلى صحافيين، إن المشتبه الآخر أطلق سراحه «بعد فترة قصيرة جدا» بعد أن «قرر الجيش أن وارسامي شخص لدينا اهتمام كبير به؛ من أجل المزيد من الاستجواب».