دفاع ستروس ـ كان يجتمع مع الادعاء تمهيدا للجلسة الحاسمة في 18 يوليو

الصحافية الفرنسية بانون تقاضي المدير السابق لصندوق النقد.. ومحاميها: لا أريد جعل الملف سياسيا

المحامي ديفيد كوبي ينظر من نافدة شركته للمحاماة في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

كان مقررا أن يلتقي محامي دومينيك ستروس - كان، مع مدعي نيويورك، لمناقشة قضية التحرش الجنسي المرفوعة ضد المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلا عن مصدر مطلع، أنه كان من المفترض سعي الطرفين لحل القضية عبر إسقاط التهم أو التوصل إلى تسوية.

ولا يزال دومينيك ستروس - كان ملاحقا رسميا بتهمة الاعتداء الجنسي ضد عاملة تنظيفات في فندق بنيويورك في مايو (أيار) الماضي، لكن إفادات مغلوطة تحت القسم أدلت بها المدعية عليه، كشف عنها خلال جلسة الجمعة، أضعفت قضيتها وجعلت من غير المرجح إجراء محاكمة بتهمة الاغتصاب، حسبما أفادت به تقارير. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس عن معاونة مدعي مانهاتن جوان الوزي - أوزبورن قولها إنها تعتقد أنه بات من الصعب الدفاع عن عاملة التنظيفات الغينية، (32 عاما)، التي اتهمت ستروس - كان بالاعتداء عليها جنسيا، إلا «إذا صدقت كل كلمة تتفوه بها وإذا اقتنعت بالطابع الإجرامي لما حصل». كما نقلت صحيفة «نيويورك بوست» عن محقق قوله «نعلم جميعا أن الدفاع (عنها) ضعيف جدا في هذا الملف». وأضاف أن إسقاط الملاحقات «أمر أكيد» وسيحصل على الأرجح لدى مثول ستروس - كان مجددا أمام المحكمة في 18 يوليو (تموز) الحالي وحتى قبل ذلك. وتابع المصدر معلقا على عاملة التنظيفات التي تتهم ستروس - كان بأنه حاول اغتصابها في 14 مايو (أيار) في فندق فخم بنيويورك، أن «مصداقيتها تضررت كثيرا. الآن نعلم أننا لا نستطيع الدفاع عنها». لكن في تطور آخر في هذا الملف، رفعت عاملة التنظيف أول من أمس دعوى ضد صحيفة «نيويورك بوست» وأربعة من الصحافيين العاملين بها لقولهم في تقرير إنها عاهرة، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» أمس.

وفي قضية مماثلة، رفعت الكاتبة الفرنسية تريستان بانون أول من أمس، دعوى في باريس ضد دومينيك ستروس - كان بتهمة محاولة الاغتصاب التي حصلت قبل عدة سنوات، وهو ما يرفضه المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي.

وبعدما طلب منه تأكيد تسليم الدعوى إلى نيابة باريس، قال محامي الكاتبة ديفيد كوبي في رسالة خطية مقتضبة لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الدعوى قد رفعت. وقال كوبي لتلفزيون «إي - تيلي»: «لا أريد بتاتا أن أجعل من هذا الملف ملفا سياسيا».

وبعد رفع هذه الدعوى، برزت تساؤلات في فرنسا عن سبب سكوت هذه الصحافية الشابة دهرا ثم نطقها في وسط الزفة الإعلامية التي ترافق ستروس - كان الآن، وما إذا كان هناك من حرضها على تحريك الشكوى بهدف نسف ما تبقى من مستقبل سياسي للقطب الاشتراكي الذي كان من أقوى المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا؟ أم أنها، كما قالت، على لسان محاميها ديفيد كوبي، دهشت من احتمال انهيار الدعوى المرفوعة ضد الرجل في نيويورك، وهي تريد له أن يتلقى الجزاء المناسب لعمله؟

تبلغ تريستان الثانية والثلاثين من العمر، مثل خادمة الفندق الغينية. لكنها سليلة عائلة برجوازية ترتبط بعلاقات قرابة مع مساعدين لستروس - كان، ووالدتها هي آن مانسوريه، التي تشغل منصبا استشاريا في الفرع المحلي للحزب الاشتراكي في منطقة النورماندي العليا. وتقول الوالدة، اليوم، إنها تأسف لأنها أقنعت ابنتها بعدم التقدم بشكوى ضد القطب الاشتراكي الذي حاول الاعتداء عليها، حال وقوع الاعتداء قبل 8 سنوات. وتضيف في حديث لإذاعة «إر تي إل» أنها تدعو ستروس - كان للنظر إلى مشكلته بهدوء وصفاء وللخضوع للعلاج، وتقصد من النزعات الجنسية الشهيرة التي يعانيها والتي تتردد حكاياتها وراء الأبواب والجدران السميكة للوسطين السياسي والإعلامي. وحسب رواية الشابة، فإنها كانت قد ذهبت لاستجواب ستروس - كان في مكتبه، عندما كان وزيرا للاقتصاد، في إطار كتاب كانت تعمل على تأليفه بعنوان «أخطاء يعترفون بها». وقد فوجئت بالوزير الذي يكبرها بثلاثين سنة يهجم عليها فجأة بهدف الاعتداء عليها. لكنها صدته وخرجت إلى سيارتها واتصلت بوالدتها لتخبرها بما جرى. لكن الوالدة نصحتها بالتكتم على الموضوع ومحاولة نسيانه. وتؤكد الأم أنها، مع تقديرها الكبير للطاقات الفكرية التي يتمتع بها ستروس - كان وبراعته في السياسة والاقتصاد، فإنها أحاطت مسؤولين كبارا في الحزب بما جرى لابنتها في مكتبه، منهم الأمين العام للحزب آنذاك، دون أن تخرج القضية إلى العلن. لكن تريستان لم تتجاوز تلك الواقعة، خصوصا أنها يمكن أن تؤمن لها شهرة غير منتظرة. وهي قد حاولت فضح الواقعة عند مشاركتها في برنامج تلفزيوني معروف، لكن اسم الوزير حذف في المونتاج.

وبعد فضيحة ستروس - كان في نيويورك وتقييده مكبلا إلى السجن، ظهرت تريستان في وسائل الإعلام لتروي حكايتها الماضية وتشهد على الميول الجنسية العنفية للسياسي الذي كان يمكن له أن يجلس، ذات يوم، على كرسي الرئاسة في الإليزيه.

وبخلاف الجمعيات النسائية التي تعاطفت معها، فقد قوبل موقفها بالتشكيك والاستخفاف، وجرى تفسيره على أنه محاولة لركوب الموجة والاستفادة من الأزمة التي يمر بها متهم لم تثبت إدانته. وتكشف والدتها أن الناس كانوا يسخرون منها في الشارع وعندما تنزل لشراء الخبز، ويسمعونها تعليقات مؤذية، لذلك فإن ساحة القضاء هي المكان الأمثل لتستعيد ابنتها توازنها، بعيدا عن المضايقات اليومية، وتبني حياتها من دون عقد مكبوتة ولا منغصات. ويبدو أن الشهرة المطلوبة قد تحققت لها بالفعل، نظرا لأن صورها وأخبارها تتصدر الصحف ونشرات الأخبار في فرنسا منذ 3 أيام. وليس غريبا أن تكون عدة دور نشر تجري وراءها للفوز بكتاب تروي فيه مغامرتها الوئيدة مع «زير النساء» الفرنسي/ أو السياسي الاشتراكي الذي يمشي فوق الملايين.

أما محامي تريستان، فقال إن قرار موكلته هو ثمرة تفكير طويل وهي لم تنتظر تطورات قضية نفيساتو في نيويورك لتتقدم بشكواها أمام القضاء. ويحتاج الأمر إلى مهلة من الوقت لتبت النيابة العامة في قبول الدعوى أو رفضها لمرور الفترة الزمنية المحددة. وفي انتظار القرار، جاء الرد سريعا من محامي ستروس – كان، الذي أعلن أنه سيتقدم بشكوى مضادة بتهمة «التشهير الكلامي»، مؤكدا أن موكله يعتبر اتهامات تريستان من بنات المخيلة.