«الإخوان» والسلفيون يشاركون في جمعة «الثورة أولا».. ووزير الداخلية: لن ندخل ميدان التحرير

تأييد القضاء لإخلاء سبيل ضباط شرطة متهمين بقتل المتظاهرين يشعل السويس

تبرئة ضباط شرطة متهمين بقتل المتظاهرين في ثورة يناير أشعلت حالة من الغضب في مدينة السويس أمس وأدت إلى العديد من الاعتداءات (رويترز)
TT

في خطوة مفاجئة، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها في المظاهرة المليونية التي دعت لها عدة قوى سياسية في ميدان التحرير غدا «الجمعة»، تحت شعار «الثورة أولا». وقالت الجماعة، في بيان لها أمس تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، «سبق أن قررت جماعة الإخوان المسلمين يوم السبت الماضي عدم المشاركة في هذه الفعالية لأسباب متعددة؛ أهمها استهداف المطالبة بالدستور أولا، بما يقتضيه ذلك من التفاف على إرادة الشعب التي تجلّت في استفتاء مارس (آذار) الماضي، إضافة إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية، وإطالة الفترة الانتقالية، وامتداد إدارة المجلس العسكري للبلاد، واستمرار بطء عجلة الاقتصاد وتوقف الاستثمار، ثم حدثت بعد ذلك أحداث مثبطة أدت إلى تكريس القرار السابق، وهي تفاقم ظاهرة البلطجة، ومحاولة استثمار البلطجية لمعاناة أهالي الشهداء والاشتباكات التي حدثت في النصف الأخير من الأسبوع الماضي».

وأشارت الجماعة إلى حدوث مستجدات طرحت موضوع المشاركة للمناقشة مرة أخرى، منها «التخلي عن مطالب (الدستور أولا)، واقتناع أغلب القوى السياسية بإجراء الانتخابات أولا، إضافة إلى المظالم التي يعاني منها أهالي الشهداء، والتباطؤ الشديد في محاكمات الطغاة والقتلة والمفسدين؛ الذي يصل إلى ما يشبه التدليل في حق الرئيس المخلوع وأسرته، وكذلك إطلاق سراح الضباط المتهمين بقتل الشهداء، ومحاكمة بعضهم وهم مطلقو السراح». وقال البيان «هذه الأمور غير القانونية وغير المنطقية وغير العادلة تجعلنا نتساءل: من الذي يحمي المجرمين.. وما مصلحته في ذلك؟ لذلك قررت الجماعة المشاركة في مظاهرة الجمعة على أن تكون هذه الفعالية هي الخطوة الأولى من فعاليات أخرى سنعلن عنها بإذن الله في حينها».

وقال الدكتور محمود غزلان، عضو مكتب الإرشاد والمتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين «لم نعلن مشاركتنا خشية الانتقادات التي وجهت لنا بعد غيابنا عن المظاهرة التي أطلق عليها (جمعة الغضب الثانية)». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كنا قد قررنا عدم المشاركة في مظاهرة الغد، لكن بعد مراجعة الموقف في ضوء المستجدات الأخيرة قررنا المشاركة، والبيان الذي أصدرته الجماعة به حيثيات المشاركة».

وأعرب عن توقعه بأن يمر اليوم بهدوء ودون أحداث عنف مثل تلك التي حدثت في الميدان يومي 28 و29 يونيو (حزيران) الماضي، قائلا «لا أعتقد أن تلك الأحداث ستتكرر، لأنه في حالة التجمعات الكبيرة لا تحدث أعمال عنف»، مشيرا إلى وجود لجان شعبية ستتولى تأمين مداخل ومخارج الميدان وتفتيش المتظاهرين لمنع دخول أي أسلحة سواء نارية أو بيضاء. وأوضح أن «الإخوان» سيشاركون على كل المستويات سواء من القيادات أو الشباب، قائلا «لا يوجد فرق بين القادة والشباب في الجماعة فكلنا (إخوان)». كما أعلن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عن مشاركته في مظاهرات الغد «تدعيما لمطالب الثورة التي توافق عليها الجميع». ودعا أمين عام حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد سعد الكتاتني في تصريحات له أمس جميع المصريين للمشاركة في هذه المظاهرات، مطالبا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالاستجابة لمطالب الثوار التي توافقت عليها كل القوى الوطنية. وأكد أن قرار الحزب بالمشاركة يأتي للتأكيد على استمرار التوافق الوطني وعدم إعطاء أي فرصة لتفرقة قوى الثورة، خاصة بعد تجاوز العناوين الخلافية التي كانت قد رفعت كأساس في بداية الدعوة للمظاهرات.

يأتي ذلك فيما كثفت الحركات والأحزاب السياسية دعواتها للمشاركة في مظاهرة الغد، فقد أعلن السلفيون وحزبا العدل ومصر الحرية (تحت التأسيس) وحركة شباب 6 أبريل، وصفحة «كلنا خالد سعيد» على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي مشاركتهم.

ورصدت «الشرق الأوسط» قيام مجموعة من ناشطي حركة شباب 6 أبريل على مدار يومي أمس وأول من أمس بتوزيع بيان بعنوان «لماذا نشارك في مظاهرة 8 يوليو؟» على السيارات والمارة في ميادين التحرير وطلعت حرب ورمسيس وشوارع ومقاهي وسط القاهرة، فيما ظهرت في الشوارع ملصقات تدعو للمشاركة في مظاهرة الغد.

وعادت خيام المعتصمين للظهور مرة أخرى في الحديقة المستديرة التي تتوسط الميدان، ووعد الناشط السياسي المهندس ممدوح حمزة بإقامة مظلة بلاستيكية فوق الحديقة تسع خمسة آلاف شخص لحماية المتظاهرين غدا من حرارة الشمس المتوقعة.

ودعا ائتلاف شباب الثورة، الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء إلى المشاركة في المظاهرة غدا، فيما دعت اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة الدكتور شرف إلى تطهير الحكومة من وزراء وعناصر النظام السابق، وإبعاد المحافظين وقيادات وزارة الداخلية المنتمين للنظام السابق والذين يقودون الثورة المضادة. وطالبت اللجنة المجلس العسكري بأن يكون شريكا في الثورة وحاميا لها كما كان في البداية، وأن يساند حكومة الثورة ويدعمها في فرض الأمن في الشارع المصري. وتضم اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة في عضويتها الكثير من الحركات السياسية، على رأسها الجمعية الوطنية للتغيير وجماعة الإخوان المسلمين، وأقباط مصر الأحرار، ومجلس أمناء الثورة، وائتلاف مصر الحرة، وتحالف ثوار مصر، والأكاديميون المستقلون، وائتلاف شباب الباحثين، واتحاد جامعات مصر، وائتلاف إذاعة الثورة حركة شباب 25 يناير، وحملة دعم البرادعي، واتحاد شباب الثورة، وجمعية حماية الوحدة الوطنية، والعديد من الائتلافات الأخرى.

وبينما غابت مدرعات القوات المسلحة عن شارع الشيخ ريحان الذي تقع به وزارة الداخلية، تمركزت وبكثافة سيارات مصفحة تابعة لقوات الأمن المركزي، واصطف جنود يحملون أسلحة نارية آلية لحماية الوزارة من أي محاولة اقتحام. وكشف اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية عن أن قوات الشرطة لن تدخل ميدان التحرير خلال مظاهرة الغد، وقال في تصريحات صحافية له أمس «نحن مستعدون للمظاهرة، لكننا لن ندخل ميدان التحرير إلا في حالة الاستدعاء، وهناك خطة تأمين في المحافظات خاصة الإسكندرية والسويس والإسماعيلية، لأن الدعوة الموجودة تؤكد أن الأعداد ستكون كبيرة».

وفي محاولة منه لامتصاص الغضب الجماهيري من أداء الشرطة، أشار العيسوي إلى أن الوزارة ستجري حركة تنقلات منتصف الشهر الحالي ستكون بمثابة «تطهير للوزارة، وستضع في الاعتبار مراجعة موقف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين»، مضيفا أن «الحركة هذا العام ستكون شاملة، وأنه يضع في اعتباره المطالب التي يطالب بها شباب الثورة».

من جهة أخرى، رفضت محكمة جنايات السويس بمصر أمس طعن النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود على قرار محكمة جنايات السويس بتشكيل مغاير، بإخلاء سبيل 7 من ضباط الشرطة متهمين بقتل وإصابة 300 من المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير. فيما قررت النيابة العامة القبض على مدير أمن السويس الحالي اللواء أسامة الطويل، لاتهامه بمعاونة الضباط وأفراد الأمن المتهمين في القضية على الفرار من العدالة وتمكينهم من عدم حضور محاكمتهم أمس الأربعاء.

وكانت محكمة جنايات السويس التي تباشر محاكمة رجال الشرطة المتهمين بقتل وإصابة المتظاهرين قد قررت يوم الاثنين الماضي إخلاء سبيل المتهمين على ذمة القضية بكفالة مالية قدرها 10 آلاف جنيه لكل منهم، وهو القرار الذي أثار حفيظة أهالي الضحايا، وتسبب في حدوث اشتباكات عنيفة في أعقاب الجلسة مع قوات الجيش والأمن، وقطع الطريق بين القاهرة والسويس، الأمر الذي دعا النائب العام إلى الطعن على القرار.

وفور رفض الطعن، حاصر المئات من أهالي مدينة السويس (130 كيلومترا شرق القاهرة) مبنى مديرية أمن السويس ومجمع محاكم السويس، ورشقوهما بالحجارة، مما أسفر عن تحطيم زجاج النوافذ، قبل أن تتدخل القوات المسلحة لفك الحصار، كما منعت محاولة لاقتحام مبنى مديرية الأمن، وتم رفع درجة الاستنفار الأمني أمام مديرية أمن السويس وحول جميع أقسام الشرطة، فيما اختفى رجال الشرطة تماما من شوارع المحافظة.

ونصب المئات من أهالي المحافظة وأسر الشهداء خياما في ميدان الأربعين، وهو ميدان رئيسي بوسط مدينة السويس، تمهيدا للدخول في اعتصام مفتوح، فيما شكل تكتل شباب السويس لجانا شعبية حول ميدان الأربعين لحماية المعتصمين داخله.

وفي محافظة قنا بصعيد مصر، أعلن عدد من الحركات والأحزاب السياسية والائتلافات مشاركتها في مظاهرة الغد لتطهير البلاد من بقايا النظام السابق، والمطالبة بالتحقيق الفوري في مقتل شهداء الثورة، وهو ما اعتبروه «أقل شيء لرد حق الشهداء».

وعقدت لجنة الحريات بنقابة محاميي قنا اجتماعا أمس للتجهيز والاتفاق على ملامح وقفة الجمعة، وتبنت النقابة عددا من المطالب، منها سرعة الفصل في قضايا الشهداء والمصابين، وبثها المحاكمات بشكل علني، والإفراج الفوري عن كل المدنيين المقبوض عليهم في أحداث ميدان التحرير الأخيرة (الثلاثاء الماضي)، وإحالتهم للقضاء المدني بدلا من القضاء العسكري، ووقف ضباط الشرطة المتهمين بقتل الثوار عن العمل.