ميادين محافظات مصر تستعيد روح ميدان التحرير في جمعة «الثورة.. أولا»

مليونياتها اشتعلت في «الأربعين» بالسويس.. و«القائد» بالإسكندرية.. و«الساعة» بدمنهور.. و«الفردوس» بالإسماعيلية

مظاهرات حاشدة في ميدان القائد بالإسكندرية طالبت المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية بـ«تنفيذ مطالب الثورة» أمس (رويترز)
TT

في مشهد استلهمت فيه ميادين مصر روح ميدان التحرير ممتزجة بروح مدينة السويس التي حافظت على جذوة الثورة مشتعلة في أيامها الأولى، استجابت المحافظات للدعوة المليونية التي أطلقتها قوى سياسية في ميادين «مستشفى شرم الشيخ بجنوب سيناء والأربعين بالسويس والقائد بالإسكندرية والساعة بدمنهور والفردوس بالإسماعيلية والممر بشمال سيناء»، للمطالبة بسرعة تطهير وزارة الداخلية والمحاكمة الجادة لقتلة شهداء ثورة «25 يناير».

وشارك مئات الآلاف في مظاهرات بمختلف المدن المصرية، والتي طالبت المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية بـ«تنفيذ مطالب الثورة». وفي مدينة السويس، أطلق 4 مسلحون النار على المتظاهرين الذين احتشدوا في ميدان الأربعين، وتمكن المتظاهرون من القبض عليهم وتسليمهم إلى قوات الجيش الثالث الميداني، الذي تعهد بإحالتهم فورا إلى المحاكمة العسكرية، وتبين من فحص هويات المسلحين أنهم من محافظة القاهرة.

وردد المتظاهرون هتافات: «الشرطة هيه هيه رافعة شعار البلطجية»، و«القصاص القصاص». وأعلن المتظاهرون الدخول في اعتصام مفتوح، مطالبين بسرعة محاكمة الضباط المتورطين في قتل الثوار، وإقالة وزير الداخلية اللواء منصور عيسوي. وشدد المتظاهرون على ضرورة تطهير الداخلية من القيادات الفاسدة. واعتبروا قرارات الإفراج عن الضباط المتهمين بقتل الثوار في محافظة السويس سهما مسموما في قلب الثورة.

وأكد أحمد مصطفى، شقيق الشهيد محمد مصطفى الذي قال إنه «استشهد برصاص ضابط قسم الجمرك بالسويس»، أنه لن يتنازل عن حق أخيه، قائلا لـ«الشرق الأوسط» سوف ندخل في اعتصام مفتوح، ولن نفض اعتصامنا حتى تتم محاكمة الضباط المتورطين في قتل المتظاهرين في السويس، وإعادة القبض عليهم بعد أن أخلت المحكمة سبيلهم، فضلا عن ضم العادلي وزير الداخلية الأسبق ومبارك في القضية.

وشهدت السويس انتشارا غير مسبوق للجان الشعبية، وتم تشكيل كردون أمني حول الميدان وتفتيش جميع الراغبين في دخول الميدان. وقامت قوات الجيش الثالث الميداني بتوزيع بيانين على المتظاهرين الأول يحمل اسم «مواطنو السويس الشرفاء» يؤكد أن الجيش جزء من نسيج الوطن ويحذر من «الوقيعة بين الجيش والشعب»، والثاني يحمل اسم «شعب السويس الكريم» يشيد بتاريخ السويس البطولي. وأشار البيان إلى أن الشعب المصري يدين بنجاح الثورة لأرواح شهداء السويس الطاهرة وتضحيتهم العظيمة التي وضعت مصر على طريق الحرية.

وفي مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، حيث مقر إقامة الرئيس المصري السابق حسني مبارك، شهد محيط ميدان مستشفى شرم الشيخ الدولي تشديدات أمنية غير مسبوقة لقوات الشرطة التي حاصرت المستشفى لمنع أي اقتحام محتمل للمستشفى من قبل متظاهري شباب ثورة «25 يناير» الذين انطلقوا في مظاهرة حاشدة أمس من مسجد المصطفى بوسط المدينة لمحاصرة المستشفى الذي يجري فيه التحفظ على مبارك المحبوس احتياطيا في قضايا تضخم ثروته وقتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل.

وقال مصدر طبي بمستشفى شرم الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: «إن المستشفى شهد تعزيزات أمنية شديدة ليلة أول من أمس، خوفا من اقتحام المتظاهرين المستشفى لطرد مبارك»، لافتا إلى تلقي إدارة المستشفى تهديدات من مجهولين باقتحامها بالقوة وطرد مبارك، موضحا أنه تم إبلاغ الجهات الأمنية التي فرضت طوقا أمنيا حول المستشفى وعززت من إجراءات التفتيش للمترددين على المستشفى.

ولأول مرة في مظاهرات الثورة في مصر رفع الإخوان العلم الخاص بالجماعة وهو باللون الأخضر، كما علقوا لافتات وشارات عليها شعار الجماعة وهو «سيفان متقاطعان على مصحف» واسم الجماعة، ونشروا قائمة بمطالبهم إلى المجلس العسكري تصدرها مطلب «الإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية واحترام الاستفتاء الشعبي»، وهو ما المطلب الذي اتفق المشاركون على تنحيته لوجود خلاف عليه مع القوى السياسية التي تطالب بكتابة الدستور أولاً.

كما ألقى بعض قيادات الجماعة على منصتهم الرئيسية بعض الخطب والكلمات التي تسرد تاريخ الجماعة وتعرضهم لعمليات تنكيل من النظام السابق، وأسباب رفضهم عدم المشاركة في المليونية منذ البداية قبل أن يتراجعوا عن قراراهم.

وبرر شباب الثورة رفضهم استقبال الإخوان بـ»تراوح موقفهم» من المشاركة منذ بداية الدعوة إلى المليونية ما بين إعلان الرفض ثم القبول، إلى جانب إعلانهم أن مشاركتهم ستقتصر على التظاهر دون الاعتصام. وعلق محمد سليمان، أحد شباب الثورة، على موقف الإخوان قائلا: «أرادوا المشاركة بعد التأكد من اتفاق الجميع على المليونية، ولكنهم ما زالوا يحاولون عدم فقد حبال الود مع النظام برفضهم للاعتصام.. على كل حال أهلا بهم كمشاركين، ولكن لن نسمح لهم مجددا بركوب الثورة!».

وكشف المصدر الطبي عن أن أفراد الفريق الطبي المعالج للرئيس السابق، أكدوا أن صحته تحسنت كثيرا وتماثل للشفاء. وعلق أيمن حافظ، عضو ائتلاف شباب الثورة بشرم الشيخ، بقوله: «مظاهرة أمس خطوة لاستكمال ممارسة الضغط على السلطات المصرية لخروج مبارك من شرم»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن معظم من شارك في مظاهرة أمس شباب تضرروا من وجود مبارك في شرم الشيخ».

وشهدت محافظات مصر مسيرات ومظاهرات للتأكيد على مطالب الثورة.. ففي ميدان ساحة مسجد القائد إبراهيم بوسط مدينة الإسكندرية، انطلقت مظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الآلاف، جابت الشوارع للمطالبة بسرعة محاكمة رموز الفساد. وأعلن المتظاهرون مواصلة الاعتصام أمام ساحة مسجد القائد الذي بدأوه أول من أمس.

وفي ميدان الفردوس بالإسماعيلية والممر بشمال سيناء، ردد المتظاهرون هتافات: «القصاص القصاص من اللي ضربنا بالرصاص»، و«دم بدم رصاص برصاص إحنا كرهنا الظلم خلاص»، و«مش هنفرط مش هنبيع حق الثورة مش هيضيع»، و«يا اللي بتسأل عاوزين إيه القصاص والعدل يا بيه»، و«ثورة كاملة يا إما بلاش نص ثورة متلزمناش».

ومن أمام ميدان المحطة في بني سويف طافت المظاهرات المدينة للمطالبة برحيل بقايا النظام السابق في الحكومة الحالية، وردد المتظاهرون هتافات: «مش هنخاف من الداخلية.. عايزين حكومة حرة أبية».

وفي ميدان الساعة بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، نظمت القوى السياسية والوطنية وقفة احتجاجية، حضرها آلاف المواطنين ورفعوا خلالها اللافتات المطالبة بمحاكمة مبارك وأعوانه وتطهير الداخلية ممن وصفوهم بـ«رجال حبيب العادلي»، ووزعوا بيانا بعنوان «الثورة أولا». ورددوا هتافات «يا مشير يا مشير.. الشرعية من الجماهير»، و«الشعب يريد محاكمة السفاح».

وفي ميدان المحافظة بمحافظة مطروح، رفع المتظاهرون اللافتات مطالبين بالمحاكمة العلنية والفورية لقيادات النظام السابق وقتلة الشهداء وإعدامهم، وأصدر حزب الحرية والعدالة الحزب الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين بيانا جاء فيه: «إن الإخوان يرون أن تستمر فعاليات الثورة في صورة منضبطة لا تخرجها عن أهداف الثورة المعلنة (...) وأهمها استبعاد ضباط أمن الدولة السابقين وعدم إعادة توظيفهم في الأمن الوطني».