اليمن: 10 قتلى في الاحتفالات بظهور صالح الأول

5 قتلى في مواجهات بين الحوثيين وعناصر المعارضة في الجوف

آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء أمس مطالبين برحيل الرئيس علي عبد الله صالح (إ.ب.أ)
TT

عادت الحشود المليونية إلى التظاهر في العاصمة اليمنية صنعاء وباقي المدن، بعد أول ظهور تلفزيوني للرئيس اليمني علي عبد الله صالح إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها الشهر الماضي، في وقت لقي فيه 10 أشخاص مصرعهم في إطلاق النار الذي قام به أنصار الرئيس صالح احتفاء بظهوره.

وشهدت ساحة شارع الستين بصنعاء مظاهرة حاشدة تلبية لدعوة شباب الثورة فيما أطلق عليها «جمعة رفض الوصاية»، حيث رددوا شعارات تطالب برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح ورفضوا الوصاية الخارجية على اليمن وعلى الثورة.

وندد المتظاهرون بقيام من وصف بـ«بقايا النظام العائلي» وأنصار صالح بإطلاق النار احتفاء بظهوره الأول على شاشة قنوات التلفزة اليمنية، مساء أول أمس، منذ تعرضه لمحاولة اغتيال في 3 يونيو (حزيران) الماضي.

وسقط ما لا يقل عن 10 أشخاص قتلى في الاحتفالات التي تلت ظهور الرئيس علي عبد الله صالح، وقالت مصادر محلية إن بين القتلى امرأة وطفلين، حيث أطلقت المعسكرات التابعة للجيش والأمن الموالية لصالح وأنصار الحزب الحاكم، الرصاص في الهواء من مختلف أنواع الرشاشات بصنعاء وعواصم المحافظات.

وربطت مصادر سياسية بين ظهور صالح وتوقيته، حيث صادف ذكرى انتصار «قوات الشرعية» كما كانت تسمى، أي القوات الشمالية، على قوات الحزب الاشتراكي الجنوبية في حرب صيف عام 1994، وعبرت بعض القوى الجنوبية عن استيائها للتوقيت لأنه «يعيد التذكير باحتلال الجنوب»، حسب ما قال معارض جنوبي لـ«الشرق الأوسط».

واعتبر المراقبون الحشود التي خرجت ترفض التدخلات وتطالب بحسم ثوري وبتشكيل مجلس انتقالي، أنها جاءت كرد طبيعي على ظهور صالح ودعوته مجددا للحوار وإلى تقاسم السلطة، وهو المطلب المرفوض من شباب الثورة والمعارضة الذين يطالبون برحيل صالح وأبنائه وأقربائه عن الحكم.

وفي سياق ردود الفعل، دعت اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة «جميع أبناء شعبنا اليمني العظيم وقواه الشبابية والشعبية إلى استكمال عملية الإسقاط الكامل للنظام، وذلك بالقبض على أولاد الرئيس المخلوع وأبناء أخيه ومحاكمتهم على ما ارتكبوه من جرائم وقتل للمتظاهرين سلميا، فضلا عن جرائم الاستيلاء على الأموال العامة والخاصة».

كما دعت اللجنة في بيان صادر عنها، إلى عدم مجيء يوم 17 يوليو (تموز) الجاري الذي يصادف ذكرى تولي صالح للحكم في شمال اليمن سابقا، والذي وصفته بـ«اليوم المشؤوم»، إلا «وقد ألقي القبض على أحمد علي عبد الله صالح، ويحيى وعمار وطارق محمد عبد الله صالح وطالتهم يد العدالة».

واعتبرت اللجنة أن «وجود المخلوع على قيد الحياة، سيحقق هدفا مهما من أهداف الثورة الشبابية الشعبية، وهو محاكمته جنائيا ومدنيا على ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب اليمني»، وطالبت المملكة العربية السعودية بـ«سرعة إعادته إلى اليمن ليحاكم، وينال الجزاء العادل تجاه ما ارتكب من جرائم مدنية وجنائية طيلة 33 عاما من حكمه البائس»، على حد تعبير البيان. كما شهدت صنعاء مظاهرة مضادة لأنصار الرئيس علي عبد الله صالح الذين احتشدوا في ميدان السبعين فيما أطلق عليها «جمعة الحمد والشكر».

وحسب مصادر رسمية، فإن ملايين المواطنين بعد أن أدوا صلاة الجمعة في «ساحة ميدان السبعين والشوارع والأحياء المحيطة في صنعاء وكذا الساحات والميادين العامة في جميع عواصم المحافظات والمديريات، دعوا فيها بالشفاء العاجل لفخامة رئيس الجمهورية، وكبار مسؤولي الدولة الذين أصيبوا معه في الحادث المشين، ودعوا بالمغفرة والرحمة للشهداء الأبرار الذين اختارهم الله إلى جواره في أعلى عليين».

وأضافت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أنه «عقب ذلك شاركت الجموع الغفيرة من المواطنين في مهرجانات ومسيرات جماهيرية حاشدة تأكيدا لتمسكهم وحبهم وولائهم لقائدهم وباني نهضة اليمن الحديث، حكيم وربان ومحقق إنجازات ومكاسب الدولة اليمنية الحديثة فخامة رئيس الجمهورية»، وأردفت: «وأكدت الحشود تأييدها المطلق للشرعية الدستورية، ورفض أي محاولات للانقلاب عليها أو أي مشاريع تآمرية للانزلاق بالوطن نحو الفتن والشقاق والتشرذم».

واستمر أنصار النظام اليمني في الاحتفال طوال ساعات ليل أول من أمس وحتى ظهر أمس، وفي صنعاء أيضا، حذرت قبائل «أرحب» بشمال العاصمة وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري، ورئيس جهاز الأمن القومي (المخابرات) علي محمد الانسي، من «مغبة التسويق لحجج كاذبة هدفها التغطية على جرائم النظام وتشويه سمعة أبنائها الأحرار»، وذلك على خلفية القصف المتواصل منذ أسابيع على المنطقة من قبل قوات الحرس الجمهوري.

وقتل وجرح العشرات من سكان «أرحب» جراء القصف الجوي والمدفعي المتواصل، كما تهدمت العديد من المنازل في قرى المنطقة ومنطقتي نهم والحيمة الخارجية بغرب صنعاء.

على صعيد آخر، عاد التوتر إلى محافظة الجوف بشرق اليمن، حيث قتل 5 أشخاص وجرح آخرون في تجدد المواجهات المسلحة بين الحوثيين وعناصر المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك»، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن المواجهات دارت في مدينة الحزم، عاصمة المحافظة واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام، استولى الحوثيون والقبائل الموالية لأحزاب المعارضة على محافظة الجوف التي كانت في مقدمة المحافظات التي خرجت عن سيطرة الحكومة المركزية في صنعاء، وبات لها مجلس محلي شعبي يدير شؤونها، لكن ما لبث الطرفان أن اقتتلا منذ اليوم الأول لسقوط المحافظة وفرار جميع المسؤولين المدنيين والعسكريين منها.

وينشط الحوثيون في محافظة الجوف بعد أن توسع نشاطهم فيها، غير أن القبائل الموالية للمعارضة ما زالت تسيطر على جزء كبير من المحافظة في ظل محاولات الحوثيين التوسع والسيطرة على الكثير من المناطق.