مساعد أوباما لشؤون الإرهاب: لولا السعودية لانفجرت طائرات الشحن فوق الولايات المتحدة

قال إن الرياض أنقذت حياة كثيرين.. ووصفها بأنها أفضل شريك في مكافحة الإرهاب

جون برينان («نيويورك تايمز»)
TT

اعتبر جون برينان، مساعد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، المسؤول عن قضايا مكافحة الإرهاب، أن السعودية من أفضل شركاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، كاشفا عن أنها كانت وراء إحباط محاولة إرهابية لإسقاط طائرات بعضها أميركي.

وقال ردا على سؤال من طالبة جامعة في محاضرة له بمدرسة بول نتزه للدراسات المتقدمة بجامعة بول هوبكنز أواخر الشهر الماضي، أمام جمع غفير من الخبراء والمختصين في شؤون مكافحة الإرهاب، عن موقف إيران من الثورات العربية في منطقة الشرق الأوسط: «إن (القاعدة) وإيران كان كل منهما يراقب الثورات العربية عن كثب، وأيضا يحاول استغلال عدم الاستقرار في تلك البلدان، وفي الوقت ذاته يحاولان إقامة علاقات مع مجموعات الشباب التي قامت بتلك الثورات قبل 6 أشهر، وبالتالي فإن إيران تحاول أن تخلق مشكلات لزعزعة استقرار تلك البلدان التي تشهد ثورات، وكذلك من الواضح أن إيران لديها أجندة خاصة تجاه البلدان التي توجد بها طوائف شيعية، وإيران لم تجرب ثورات الربيع بعد، ونأمل أن تكون بها حكومة ديمقراطية تلبي حاجات ومتطلبات شعبها».

وحول سؤال آخر من طالب عن المملكة العربية السعودية وردود فعلها عن «الربيع العربي» عما إذا كانت هناك خلافات حول أمور منها الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأنها تؤثر على مكافحة الإرهاب رد قائلا لقد قدمت في بداية المحاضرة باعتبار أنني «مسؤول أمني في دولة كبيرة من دول الشرق الأوسط، وإذا اطلعت على أي عدد من الكتب فستجدها تذكر أنني كنت رئيس محطة في السعودية. قد يكون ذلك صحيحا (يضحك)، فقد قضيت نحو 6 أعوام في السعودية، وكنت هناك في نهاية التسعينات (96 - 99) وكان هذا يثير إحباطي من عدة جوانب لي نظرا لمسؤولياتي الخاصة بمكافحة الإرهاب. لم يرغب السعوديون في أن يكونوا أكثر عدوانية، لكن لأن حكومتنا لم تكن راغبة في مصارحة السعوديين. واجه السعوديون عام 2003 حملة شنها تنظيم القاعدة استهدفت مساكن والحرس الوطني السعودي. لقد اتخذ الأمر طابعا شخصيا، حيث تم استهداف كثير من ضباط أمن وفي الاستخبارات والمباحث وقتلوا على أيدي (القاعدة). منذ ذلك الحين عملت المملكة العربية السعودية على تطوير قدراتها، وأستطيع القول إنها من أفضل شركاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. لقد أدركوا أنه سرطان يقبع في ديارهم، وعندما أتحدث معهم يقولون إنهم تأخروا في المشاركة في مكافحته. وعندما أفكر في وضع باكستان، يحدوني الأمل في أن يدرك الشعب الباكستاني والاستخبارات الباكستانية أنها حرب حقيقية، وأنه كان على المملكة العربية السعودية خوضها لعدة أعوام. أعتقد حاليا أنها شهادة على ما حققناه منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). عندما وضع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية متفجرات في الطابعات على طائرات الشحن، كانت تلك الطائرات ستنفجر لولا المعلومات التي حصلنا عليها من المملكة العربية السعودية. أتذكر أنني كنت ألقي خطابا في واشنطن وأخبروني أن الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي، يريد أن يحادثني في مكالمة هاتفية بشكل عاجل. لذا عاودت الاتصال به وزودني بالمعلومات، وتم توصيلها من خلال قنوات أخرى وكانت تتضمن تفاصيل عن مكان المتفجرات واستطعنا تحديد مكانها قبل موعد إقلاع الطائرة. لقد أنقذ هذا حياة الكثيرين من دون شك، فقد كان من الممكن أن تنفجر طائرتان في الجو ربما فوق الولايات المتحدة لو لم تزودنا المملكة العربية السعودية بتلك المعلومات.

لذا تعد المملكة العربية السعودية مثالا جيدا للاستثمارات التي قمنا بها في الشراكة من أجل مكافحة الإرهاب. أحب تخيل مثل هذا المثال الناجح خلال الـ10 سنوات المقبلة في تلك البلاد، خصوصا باكستان، حتى نخرج من هذا المأزق. لكن يبدو أن المعركة طويلة وأحيانا صعبة، لكننا مستعدون لها».

وقال برينان إن «تنظيم القاعدة الذي يشكل أكبر تهديد ملموس للولايات المتحدة، والتنظيمات التي ترتبط بها وأنصارها، تحتل جميعا مركز الصدارة في استراتيجية الرئيس باراك أوباما لمكافحة الإرهاب الحالية».

وأكد برينان: «إننا نسعى إلى تصفية هذا الشر الذي يسمي نفسه (القاعدة) بصورة تامة، لا أكثر ولا أقل». وأوضح برينان أن أوباما عمل منذ تولى الحكم «على استعادة رؤية إيجابية للقيادة الأميركية في العالم.. قيادة لا تحدد من خلال التهديدات والمخاطر التي سنعارضها، بل من خلال الأمن والفرص التي تقدم شراكة أميركا مع الناس حول العالم». وأضاف: «التقدم السلمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي يقوض الادعاء بأن الطريق الوحيد لتحقيق التغيير هو من خلال العنف». وأكد برينان أن «التغيرات السياسية الاستثنائية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. قد تجلب تحديات جديدة وعدم يقين على المدى القصير، كما نرى في اليمن»، لكن «نحن نعمل بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء للتأكد من أن هذه الجهات لا تنجح في خطف لحظة الأمل هذه لغاياتها العنفية الخاصة بها».

وأوضح برينان، مستشار أوباما لمكافحة الإرهاب، أن هذه الاستراتيجية تعتبر الأولى التي أعلنت بوضوح منذ وصول أوباما إلى السلطة، وتضفي «الصفة الرسمية» على التبدلات التي حصلت منذ مطلع 2009.

وأكد برينان أن خفض التهديد «يمر أولا بالتقدم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يشكل ترياقا فاعلا لمحاربة التطرف، وتحسين صورة أميركا في العالم». وزاد: «في هذا الشأن، تثبت الثورات العربية رفض السكان آيديولوجية القرون الوسطى لـ(القاعدة)».

وأعلن لدى تقديمه ملخص الاستراتيجية الجديدة في مدرسة الدراسات الدولية الواعدة المتقدمة لجامعة جونز هوبكنز، أنه من أجل حل هذه المهمة، تعتزم الولايات المتحدة في المرتبة الأولى، القضاء على «نواة (القاعدة)»، وقادتها الذين يوجدون في مناطق القبائل في باكستان، وكذلك منع «إنشاء مخبأ آمن لها في منطقة حدود باكستان - أفغانستان».

كما أعلن برينان أن إدارة باراك أوباما ترى أن مهمة تصفية تنظيم القاعدة بصورة تامة، لا تفرض على واشنطن شن حرب شاملة.

وأكد المسؤول الأميركي عزم الولايات المتحدة على مكافحة «القاعدة» وأنصارها، بما في ذلك «خارج حدود جنوب آسيا». وأكد برينان أن هذا مع ذلك، «لا يتطلب حربا عامة، وإنما يتطلب تركيز الاهتمام على مناطق محددة، بما فيها التي نستطيع ذكرها، مثل: اليمن والصومال والعراق والمغرب».

ووعد برينان بأن الولايات المتحدة لدى تنفيذ استراتيجيتها الجديدة لمكافحة الإرهاب، ستستخدم «مختلف الوسائل.. في مختلف بقاع العالم». وحذر برينان: «إننا في بعض الأماكن، مثل منطقة القبائل بين أفغانستان وباكستان، سنستخدم القوة حتما». وأضاف أن واشنطن ستركز الاهتمام في مناطق أخرى من الكرة الأرضية على «تدريب قوى الأمن في البلدان الأخرى»، وقطع قنوات تمويل «القاعدة»، و«التعاون الاستخباراتي الوثيق لأغراض التصدي للإرهاب».

وتوقع «هلاك القيادة الأساسية لـ(القاعدة) خلال السنوات المقبلة». وأعلن برينان أن «هذا سيستغرق وقتا، ولكن يجب أن يكون الجميع واثقين من أن (القاعدة) أخذت تتقهقر». واستنادا إلى المواد التي استولت عليها القوات الخاصة الأميركية من مخبأ أسامة بن لادن في مدينة أبوت آباد الباكستانية بعد تصفيته، أكد أن زعيم «القاعدة» كان «قلقا على حيويتها في المستقبل البعيد». وأعلن الخبير الأميركي أن «بن لادن كان يشعر بكل وضوح أن (القاعدة) تخسر المعركة الأكبر في سبيل كسب المناصرين (في الشرق الأوسط)»، و«حتى عكف على دراسة إمكانية تغيير اسم التنظيم».

وذكّر برينان بأن «(القاعدة) تسعى إلى استنزافنا ماليا عبر جرنا إلى حروب طويلة باهظة التكلفة تثير أيضا الشعور المناهض للأميركيين، لذا نعمل في عهد أوباما على وضع حد للحروب في العراق وأفغانستان. لكننا لا نزال نريد القضاء على آفة (القاعدة)، مما يتطلب تفكيك قلبها عبر مهاجمة قادتها اللاجئين في مناطق القبائل شمال غربي باكستان، ومنعهم من إيجاد مخابئ لهم. كما يجب مهاجمة التنظيمات المتفرعة في اليمن والصومال والعراق أو المغرب العربي».

وقال إن «القاعدة» تسعى إلى «استنزاف الولايات المتحدة ماليا» عن طريق جرها إلى حروب غالية التكاليف طويلة، وتحرض أيضا على تصعيد المشاعر المعادية لأميركا. ووعد المتحدث باسم البيت الأبيض: بـ«مواصلة المسيرة.. وسنتذكر أن أفضل رد ليس نشر جيوش كبيرة في الخارج، وإنما على الأرجح، استخدام الاستئصال الانتقائي ضد التنظيمات التي تهددنا».

ووعد برينان بأن الولايات المتحدة لدى تنفيذ استراتيجيتها الجديدة لمكافحة الإرهاب، ستستخدم «مختلف الوسائل.. في مختلف بقاع العالم». وحذر برينان: «إننا في بعض الأماكن، مثل منطقة القبائل بين أفغانستان وباكستان، سنستخدم القوة حتما». وأضاف أن واشنطن ستركز الاهتمام في مناطق أخرى من الكرة الأرضية على «تدريب قوى الأمن في البلدان الأخرى»، وقطع قنوات تمويل «القاعدة»، و«التعاون الاستخباراتي الوثيق لأغراض التصدي للإرهاب». وأكد أن أغلب ضحايا «القاعدة» من الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال المسلمين، و«(القاعدة) لا علاقة لها بالدين، ويديرها مجموعة من القتلة المجرمين».

وأعلن برينان أن الولايات المتحدة تعتبر إيران وسوريا من الممولين الرئيسيين للإرهاب في العالم. وأشار مستشار مكافحة الإرهاب إلى أن الاستراتيجية «تعترف بأن هناك تنظيمات وبلدانا صغيرة تدعم الإرهاب لتقويض المصالح الأميركية». وأكد المسؤول في البيت الأبيض أن «إيران وسوريا تبقيان البلدين الأساسيين الممولين للإرهاب». وأضاف أن حركة حزب الله اللبنانية المتطرفة وحركة حماس الفلسطينية «تهددان إسرائيل ومصالحنا في الشرق الأوسط». وحذر: «بالتالي، فإننا سنواصل استخدام كل وسائلنا السياسية الخارجية من أجل التصدي للأخطار التي تهدد أمننا القومي من جانب هذه الأنظمة وهذه المنظمات الإرهابية».