المتحدث باسم حكومة كردستان: مشكلاتنا مع بغداد سببها وجود قوى لا تؤمن بالدستور

كاوه محمود لـ «الشرق الأوسط»: قرارا إعانة العاطلين ومكافحة الفقر لم يأتيا بضغط من الشارع

TT

أثار القراران اللذان أصدرهما برهم صالح، رئيس حكومة إقليم كردستان في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء أول من أمس، والقاضيان بإطلاق منح إعانات للشباب العاطلين عن العمل وبتشكيل لجنة عليا لدراسة تخفيف نسبة الفقر في كردستان والقضاء على البطالة داخل المجتمع ارتياحا كبيرا في الأوساط الشبابية والاجتماعية، ويحتسب هذان القراران لتلك الحكومة كنقطة إيجابية في مسيرتها وتوجهها نحو المزيد من الإصلاحات وتحقيق العدالة الاجتماعية وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير الثقافة فيها الدكتور كاوه محمود أنها «لم تأت بضغط من الشارع الكردي من خلال مظاهراته الأخيرة، بل هي نقاط مدرجة في برنامج الحكومة التي يترأسها برهم صالح ويتم تنفيذها خطوة خطوة بهدف خدمة مصالح المجتمع الكردستاني».

وقال محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن القرارين جاءا على أساس القاعدة المشهورة «ما لا يدرك كله، لا يترك جله»، مضيفا «وعليه فإن حكومة الإقليم تعمل حاليا ضمن حدود الإمكانات المتاحة أمامها لحل مشكلات المجتمع وتحقيق العدالة والمساواة ودعم كافة شرائح المجتمع وخصوصا الشباب». وقال إن «وزارة العمل والشؤون الاجتماعية كلفت بإعداد مشروع لبرنامج التشغيل وتفعيل القطاع المصرفي والضريبي بما يوفر إمكانات إضافية أمام الحكومة لتنفيذ التزاماتها بتحسين الأحوال المعيشية للفرد من خلال دعم شبكة الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، ولكن هذا لا يعني عودة تدخل الدولة في كافة المجالات والتفاصيل، لأن ذلك يتناقض مع مفهوم اقتصاد السوق».

وحول ما إذا كانت القرارات الصادرة عن الحكومة هي بغرض امتصاص الغضب الشعبي في الشارع الكردي قال محمود «ليس الأمر كذلك، فقد كانت للحكومة خطوات مهمة للإصلاح منذ تشكيلها.. فنحن نتعامل مع مطالب الناس كدولة وليس كأحزاب في السلطة، وضمن هذه المنهجية نحن نعتبر أي مظاهرة أو نشاط جماهيري تعبر عن مطالب شعبية عادلة في إطار احترام القانون واحترام الاستقرار السياسي والاجتماعي حافزا ودافعا للحكومة للمزيد من الإصلاحات ودمقرطة المجتمع ومواجهة الفساد وتحقيق الشفافية لأننا منذ البداية رفعنا شعار حكومة المواطنة وهذا يتطلب أن يتعامل المواطن معنا من خلال أفعالنا وليس أقوالنا فقط».

وبسؤاله عن خطوات رئيس الإقليم مسعود بارزاني الإصلاحية وسعيه لمكافحة الفساد عبر عدة قرارات أصدرها مؤخرا، ودور الحكومة في هذا المجال قال المتحدث باسم الحكومة «دور الحكومة لن يكون غائبا في هذا المجال، فهي تتابع هذه الملفات، فعندما تكون هناك لجان في رئاسة الإقليم، بالمحصلة سيكون تنفيذ قراراتها من الحكومة».

وبسؤاله «أنت وزير من خارج الحزبين الرئيسيين، فهل تشعر بوجود هامش ديمقراطي داخل مجلس الوزراء لإبداء الرأي الحر حتى لو تناقض مع رأي وطروحات زملائك في المجلس؟»، فأجاب «نعم، هناك ديمقراطية وشفافية كاملة في عمل مجلس الوزراء، وهذه الديمقراطية الداخلية عامل فاعل في تطوير عمل المجالس، نحن لا نتعامل في مجلس الوزراء كأن هناك تحالفا سياسيا، نحن تجاوزنا هذا الأمر، لأننا نريد أن نبني دولة المؤسسات، وبالتالي نتعامل بشكل مؤسساتي بما يجعل من كل واحد من الوزراء يتجاوز كونه وزيرا لحزب سياسي معين، فهو يعمل ضمن تشكيلة لها برنامج سياسي وهذا البرنامج هو تحقيق دولة الديمقراطية والتمدن».

وبسؤاله عن سبب عدم دخول أحزاب المعارضة إلى الحكومة ما دام فيها مثل هذا القدر من الممارسة الديمقراطية، أجاب «كانت هناك دعوة من الحكومة لأحزاب المعارضة للمشاركة، والباب ما زال مفتوحا أمام أي طرف للمشاركة ولن تكون هناك إملاءات، ومن حق كل شخص أن يعبر رأيه بحرية، وعندما تكون هناك قضايا عقدية فمن الممكن معالجتها خلال الأساليب الديمقراطية فليس هناك في العالم بديل عن مفهوم الأغلبية والأقلية ما عدا بعض القضايا الاستراتيجية والمصيرية التي تحتاج إلى توافقات وطنية».

وتطرق المتحدث إلى المشكلات العالقة بين حكومتي أربيل وبغداد وعدم وجود أي إشارات بحلها في القريب العاجل وقال «الإشكاليات الموجودة في العراق ليست بسيطة وهي موجودة منذ بداية العملية السياسية، جرى اتفاق العراقيين على الدستور وفيه استحقاقات لكنها لم تنفذ لحد الآن، منها ما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها وحلها على أساس المادة 140 القضية تكمن في عدم وجود قناعة لدى البعض بتطبيق تلك الاستحقاقات الدستورية، الجانب الآخر من القضية هو إشكالية بناء الدولة الوطنية، وأعتقد أن هذه إشكالية المنطقة ككل، نحن أكدنا على بناء العراق الاتحادي الديمقراطي، ولكن البعض يتحدثون عن عراق جديد ديمقراطي فيدرالي لكنهم يتصرفون بعقلية الدولة المركزية المفرطة، وهنا تكمن الإشكالية، بتصوري الخاص بأن هذا التوجه لدى بعض السياسيين مدعوم من قبل قوى اجتماعية موجودة في المجتمع نفسه، أي هناك قوى في المجتمع تتعامل من جهة مع الوضع الجديد كونها تغييرات حصلت كأمر واقع، ولكن في دواخلهم ليسوا مقتنعين بهذه التغييرات، وهذه القوى هي التي تسند الأحزاب داخل السلطة، برأيي يجب أن ندرس هذه الإشكاليات من منطلق سوسيولوجيا اجتماعية لأنها ليست إشكاليات بسيطة، ما يتعلق بالجانب السياسي وما يتعلق بموقف حكومة الإقليم فنحن نتحدث عن استحقاقات دستورية جرى الاتفاق والتوافق بشأنها ونريد أن تطبق هذه الأمور وفقا للدستور وبأساليب ديمقراطية ودستورية».