اللقاء التشاوري ينطلق اليوم في دمشق وسط غياب معظم وجوه المعارضة.. والحملة الأمنية والعسكرية مستمرة

«هيومان رايتس ووتش»: جنود أرغموا على إطلاق النار على المتظاهرين العزل تحت التهديد بإعدامهم

TT

رغم إعلان الشارع السوري رفضه للحوار مع النظام، ووسط مقاطعة غالبية أطياف المعارضة السورية، يفتتح اليوم في مجمع صحارى اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل الذي أعلن عنه الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته على مدرج جامعة دمشق قبل عدة أسابيع.

وقالت مصادر متابعة إن المشاركين هم من البعثيين، ومن أحزاب الجبهة (تحالف الأحزاب المنضوي تحت الحزب الحاكم) كممثلين عن السلطة، إضافة إلى نواب بمجلس الشعب واقتصاديين ورجال أعمال من الموالين للنظام، لكنهم سيشاركون بصفتهم مستقلين ومعارضة، والتي يمثلها النائب والداعية الإسلامي محمد حبش من الذين يرون أن مشروع الإصلاح لا يمكن أن يقوده إلا الأسد. ولم تستبعد المصادر حضور قلة قليلة من شخصيات وأحزاب معارضة من تلك التي لم تعلن رفضها الحوار مع السلطة.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «شخصيات من مختلف أطياف الشعب السوري تمثل قوى سياسية حزبية ومستقلة ومعارضة وأكاديميين وناشطين شبابا» ستشارك في المؤتمر. في حين كتب المعارض والكاتب السياسي ياسين حج صالح على صفحته بموقع «فيس بوك»، أن «الانتفاضة هي السياسة الواجبة للمعارضة السورية اليوم، ولا لزوم لسياسة غيرها».

ومن جانبه، شكك كاتب السيناريو المستقل سامر رضوان في جدوى الحوار، وكتب على صفحته «من بدأ كضارب طبل في بداية الأزمة لن ينتهي كعازف كمان.. فلا تتعب نفسك بالحوار مع العصا.. سيتمكنون من المراوغة حتى لو أخرجت لهم مصحفا على شكل أغنية ووردة.. ومن برر القتل مرة سيبرره ألف مرة.. وكل تحت ذريعة تريح ضميره غير الموجود أصلا».

وبحسب وكالة «سانا»، سيناقش اللقاء التشاوري على مدى يومين القضايا المدرجة على جدول أعماله، وهي «دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية، وتعديل بعض مواد الدستور بما في ذلك المادة الثامنة منه لعرضها على أول جلسة لمجلس الشعب، وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد، إضافة إلى مناقشة مشاريع قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وقانون الإعلام». وبحسب البرنامج الرسمي، سيبدأ اللقاء التشاوري أعماله بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمتا على أرواح الشهداء، ثم يلقي فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية ورئيس هيئة الحوار التي دعت للمؤتمر كلمة الافتتاح.

وجاء ذلك في وقت قالت فيه منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس إن جنودا وعناصر من قوات الأمن السورية أكدوا أنهم أرغموا على إطلاق النار على المتظاهرين العزل تحت طائلة التهديد بإعدامهم إذا رفضوا ذلك. وأكدت المنظمة التي حصلت على شهادات 12 جنديا فارا لاجئا في لبنان وسوريا وتركيا، أن «المنشقين (عن الجيش) يؤكدون أن من يرفض إطلاق النار على المتظاهرين قد يعرض نفسه إلى القتل».

وأفاد البيان الصادر عن المنظمة بأن «مسؤوليهم قالوا لهم إنهم سيقاتلون متسللين سلفيين وإرهابيين، لكنهم فوجئوا بمتظاهرين عزل، وتلقوا الأمر بإطلاق النار عليهم مرارا». ونقلت المنظمة عن الجنود أن العسكريين يحملون بنادق كلاشنيكوف ومسدسات كهربائية لقمع المتظاهرين.

وقالت سارة لياه ويتسون، المسؤولة في فرع «هيومان رايتس ووتش» في الشرق الأوسط، إن «شهادات أولئك المنشقين دليل على أن المتظاهرين القتلى لم يسقطوا عرضا بل نتيجة سياسة قمع إجرامية قررها كبار المسؤولين السوريين لتفريق المحتجين». وأضافت أن ثمانية جنود وأربعة عناصر من قوات الأمن، قدموا معلومات دقيقة حول المظاهرات وأسماء مسؤوليهم.

من جهته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن السلطات السورية اعتقلت أكثر من 200 شخص خلال المظاهرات التي عمت أنحاء البلاد الجمعة تحت شعار «لا للحوار» مع نظام الرئيس بشار الأسد. وقال المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان إن «السلطات الأمنية السورية اعتقلت خلال المظاهرات التي عمت الأراضي السورية أمس (أول من أمس الجمعة) أكثر من 200 متظاهر في حمص ودمشق وريفها وبانياس وإدلب». وأضاف أنه من بين المعتقلين المخرج المسرحي أسامة غنم الذي اعتقل «لدى مشاركته في مظاهرة بحي الميدان بدمشق ولا يزال مصيره مجهولا»، مشيرا إلى أن غنم (36 عاما) يحمل شهادة دكتوراه من فرنسا في اختصاص المسرح الفرنسي المعاصر، ويعمل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق أستاذا. وأكد المرصد أن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد الرئيس بشار الأسد «أكثر من 12 ألف مواطن (...) لا يزال آلاف منهم قيد الاعتقال».

ودان المرصد «بشدة استمرار السلطات الأمنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي في حق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ»، مكررا مطالبته للسلطات السورية «بالإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية احتراما لتعهداتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي وقعت وصادقت عليها».

وقتل 14 مدنيا على الأقل أول من أمس الجمعة في سوريا برصاص قوات الأمن التي كانت تحاول تفريق مظاهرات مناهضة للنظام أقيمت في مدن ومناطق عدة في البلاد، بعد دعوة أطلقها ناشطون مؤيدون للديمقراطية للتظاهر تحت شعار «لا للحوار» مع نظام بشار الأسد.

كما أعلن رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد، أن الجيش السوري انتشر أمس في قريتين في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب (شمال غرب) حيث قام بحملة دهم وتفتيش. وقال عبد الرحمن «اقتحمت صباح اليوم 27 دبابة من الجيش السوري بلدة كفرحايا في جبل الزاوية في إدلب، وقام الجنود بتفتيش المنازل والتنكيل بالأهالي وتحطيم أثاث منازل نشطاء مطلوبين على القوائم». وأضاف أن الجنود «قاموا أيضا بمصادرة أجهزة كومبيوتر وهواتف نقالة من بعض المنازل، وهناك استياء في البلدة من هذه التصرفات». وتابع عبد الرحمن أن الجنود «اقتحموا بعدها قرية الزابور المجاورة وفعلوا الأمر نفسه من تفتيش ومداهمات». وكان أكثر من 300 شخص اعتقلوا في منطقة جبل الزاوية الأسبوع الماضي.