السعودية: القطاع الخاص يفتح أذرعا استثمارية بملياري دولار في التعليم العام

تربويون: على وزارة التربية والتعليم أن تخفض القيود على المدارس الأهلية لتكون داعمة

استثمارات كبيرة لإنشاء مدارس عالمية خاصة في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

قدر خبير تربوي في السعودية حجم الاستثمارات السنوية بقطاع التعليم الأهلي بأكثر من خمسة مليارات ريال، في ظل توجه القادة في السعودية إلى دعم كل القطاعات التعليمية، والتي توفر مليارات الريالات على وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في السعودية.

وقال لـ«الشرق الأواسط» عبد العزيز حنفي، عضو لجنة التعليم الأهلي للبنين في الغرفة التجارية في محافظة جدة، إنه في كل دول العالم لا تستطيع الحكومة توفير التعليم المجاني بجميع مراحله من الابتدائية إلى الجامعية، لأن ذلك يتطلب تخصيص مبالغ مالية كبيرة تعجز عنها بعض الدول خاصة العربية والإسلامية، لأن ذلك يؤثر على ميزان المدفوعات في تلك الدول. وزاد في حديثه «إذا وجد التعليم التقليدي في بعض تلك دول فهو سيئ، لذلك فتحت معظم الدول المجال للقطاع الخاص للشراكة في التعليم بصفة عامة والتعليم المهني على وجه الخصوص، خاصة في السعودية، لتفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لدعم التعليم الأهلي. وقد تميزت المدارس الأهلية بالانضباط والاهتمام بالطلاب وتوفير المعلمين الأكفاء برواتب عالية خاصة في المدارس الكبيرة، مما أوجد طلابا متفوقين معتمدين على أنفسهم ولديهم مهارات ولغات متعددة طبقا للمنهج المعتمد لهم».

وأضاف حنفي أن «التعليم الأهلي بلا شك مكمل للتعليم الحكومي، وعلى وزارة التربية والتعليم أن تخفض من القيود على المدارس الأهلية بحيث تكون داعمة وليس متصادمة، ومع الأسف الوزارة تسعى إلى ذلك لكن بعض الموظفين في إدارات التعليم يرون تقليص دور المدارس الأهلية بالبيروقراطية، ويعتقدون أنها قائمة على تدليل الطلاب ومنحهم الشهادات، وهذا غير صحيح تماما، وعليهم تطوير الشراكة لدعم مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، فالمدارس الأهلية قائمة على توفير تعليم جيد يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والمختبرات التعليمية التي لم تستطع بعض المدارس الحكومية توفيرها».

وحول الاستثمارات في التعليم الأهلي أوضح عضو لجنة التعليم الأهلي «بالتأكيد كبيرة ومتفاوتة بين منطقة وأخرى، وتميزت المنطقة الغربية بالسبق بوجود مدارس أهلية للبنين والبنات قبل خمسين عاما تخرج فيها الكثيرون ممن خدموا البلاد، كذلك التعليم الجامعي الذي وفر الكثير من التخصصات العلمية وغير المتوفر بعضها في جامعاتنا، وفي تقديري فإن حجم تلك الاستثمارات لن يكون أقل من 5 مليارات ريال إن لم يكن أعلى من هذا الرقم». وزاد «مع الأسف العديد من الدول العربية المجاورة كانت تقيم جامعات لأبنائنا وبناتنا الذين لم يستطيعوا أن يحصلوا على فرص للتعليم الجامعي بسبب عدم توافر الأماكن، فأصبحت الجامعات الحكومية المحلية تتطلب نسبا عالية للقبول، مما حرم الكثير من أبنائنا من الالتحاق بالجامعات». وشدد عضو اللجنة على ضرورة قيام الشراكة بالتكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، وأن تركز الحكومة على وضع الأنظمة والقوانين التي تدعم التعليم الأهلي وتوفر له المناخ الصحي للعمل».

ويرى حنفي أن «نجاح التعليم يتطلب توفير الأوقاف اللازمة، لأن الاعتماد على الرسوم لا يمكن أن يغطي المصاريف المطلوبة، لذلك اتجهت جامعاتنا إلى إقامة الكراسي العلمية، وهي خطوة جيدة لدعم التعليم الجامعي، ونحن في حاجة أيضا إلى دعم التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والمهني بأوقاف، وهنا يأتي دور رجال المال والأعمال لتوفير الأوقاف المطلوبة والتي سوف تنهض بالتعليم بمشيئة الله».

من جهة أخرى، ودعما لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فقد أعلنت مجموعة «الرشيد»، إحدى الشركات الرائدة في السعودية، عن توقيع مؤسسة «الرشيد للاستثمارات البترولية»، إحدى أهم مؤسساتها والمملوكة كليا للمجموعة، اتفاقية شراكة مع «رافلز بي تي الشرق الأوسط للتعليم» المحدودة، وذلك بهدف إنشاء مجموعة مشتركة تحت اسم «رافلز للتعليم في الشرق الأوسط»، تعمل طبقا للوائح والأنظمة المعمول بها في السعودية. كما نصت الاتفاقية على أن الهدف من تأسيس مجموعة «رافلز للتعليم في الشرق الأوسط» تقديم الخدمات التعليمية المتميزة في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، والتي ستشمل تأسيس وإدارة الجامعات والمعاهد ومراكز التدريب ودور الحضانة والمدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، بالإضافة إلى قطاع التدريب المهني والخدمات الاستشارية التعليمية.

من جهته، أوضح عبد الله الرشيد، رئيس مجموعة «الرشيد»: «نحن نؤكد دائما على التزامنا تجاه الوطن من خلال الاستثمار محليا في مجموعة من الشركات والمؤسسات العالمية الرائدة، وذلك بهدف استقطاب أعلى مستويات الخبرة العالمية والمتخصصة إلى المملكة العربية السعودية، حيث أسهمت الاستثمارات التي قمنا بتنفيذها سواء من خلال رؤوس الأموال أو إضافة المزيد من الوحدات الصناعية في توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين بشكل ملحوظ، كما أسهمت في ترسيخ مهارات المعرفة والدراية الفنية وتطوير القدرات التكنولوجية والصناعية لديهم».

إلى ذلك، صرحت الدكتورة وفاء الرشيد، رئيسة مجلس إدارة مجموعة «رافلز للتعليم في الشرق الأوسط» المحدودة «إيمانا منا بأهمية التدريب، سنعمل من خلال مجموعتنا على بذل كل الجهود لمساندة المبادرات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود مؤخرا، من أجل النهوض بالقدرات والمواهب لدى المواطنين السعوديين وتوفير المزيد من فرص العمل لهم».

وأضافت الرشيد «نهدف من خلال مجموعتنا إلى توفير فرص التعليم والتدريب طبقا لأعلى المستويات والمعايير العالمية، من أجل مساعدة الشباب السعودي على تولي مراكز حيوية في مجالات متنوعة مثل الهندسة والتصميم والتقنية، وهو ما سينعكس على المستقبل المهني والوظيفي لهم، ويسهم في ضمان مستقبل باهر من خلال إعداد أجيال جديدة تتمتع بالمهارات اللازمة لسوق العمل».

وتخطط مجموعة «الرشيد» لاستثمار نحو 300 مليون ريال سعودي على مدى 5 أعوام في المجموعة الجديدة، لتبدأ أعمالها في الرياض ثم تنتقل إلى باقي دول منطقة الشرق الأوسط.

وتمثل هذه الشراكة خطوة رئيسية في مجال زيادة وتطوير الخبرات في المملكة العربية السعودية، وذلك تماشيا ودعما للخطة التي تم الإعلان عنها مؤخرا من قبل الحكومة السعودية لزيادة عدد الفرص الوظيفية للمواطنين في السعودية ضمن القطاع الخاص، وهي جزء من الاستراتيجية الموضوعة والجهود المبذولة للحد من معدلات البطالة في المملكة، وتوفير المزيد من فرص العمل للجيل السعودي الشاب. وأشار يوسف بن محمد الشافي، رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية، في حديث سابق، إلى أن زيادة رواتب معلمي ومعلمات المدارس الأهلية ستضطر المدارس إلى زيادة رسومها، إضافة إلى إعادة النظر في إنفاقها على البرامج والأنشطة الصيفية، وكذلك رفع أنصبة المعلمين للحد الأعلى.

وأوضح المهندس الشافي أن صعوبات تواجه التعليم الأهلي تكمن في توفير المرفق لأسباب عدة، منها أن يكون المرفق مخصصا كمرفق تعليمي؛ حيث إنه لا يحق لأصحاب المدارس الترخيص على إقامة مدرسة أهلية – على الرغم من أن الأرض مرفق تعليمي - إلا بعد الحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم، حتى وإن ملك المرفق صاحب المدرسة وبصك شرعي، ولو لم تحتج الوزارة هذا المرفق إلا بعد سنوات عدة.

وأشار إلى سعي اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي للسماح للمدارس الأهلية بالبناء على هذه المرافق، مع أخذ الإقرار عليها بأن يتم نزع ملكيتها متى احتاجتها الوزارة، إلا أنه بين أن ذلك لم يكن مقنعا لمسؤولي الوزارة.

وقال المهندس الشافي «الخيار الآخر أن نمتلك أرضا غير مرفق، وفي هذه الحالة فإن شروط بناء مدرسة أهلية عليها تكون تعجيزية، فلا بد أن تكون هذه الأرض على شارع تجاري، وهذا مخالف للمعمول به في كل الدول المتقدمة؛ لأن الشارع التجاري فيه من الخطورة والإزعاج على الطلاب والطالبات ما فيه، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأرض عن الشوارع التجارية»، موضحا أنه ما دامت المدارس تتقاضى رسوما دراسية فإنها تُعامَل كأي منشأة تجارية.

وأضاف المهندس الشافي أن ما يزيد على 70 في المائة من المدارس الأهلية رسومها متدنية، مشيرا إلى ضرورة أن يتم وضع حد لأنماط بعض المدارس الأهلية غير الجيدة التي تعتمد في جذب طلابها على الدرجات، لافتا إلى أن تلك الأنماط تسيء للتعليم وللاستثمار فيه.