في لقاء «الحوار» بدمشق.. الشرع يدعو لمؤتمر شامل يمهد لانتقال ديمقراطي

200 مشارك من حزب البعث وموالون للنظام ومستقلون.. والمعارضة تقاطع.. مشارك: اللقاء امتداد لسلطة تريد أن تبقى مهيمنة على القرار

جانب من الحضور في مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد أمس في دمشق (إ.ب.أ)
TT

أكد النظام السوري أمس أنه يريد الإعداد لمؤتمر وطني شامل يهدف لوضع الأسس من أجل الانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي، في مستهل لقاء تشاوري انطلق أمس ويستمر يومين، وقاطعته المعارضة، وشارك فيه بحضور 200 مشارك من حزب البعث الحاكم، وشخصيات، مقربة من النظام، ومستقلة، بالإضافة إلى مثقفين وفنانين.

وقال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في مستهل اللقاء، إن الهدف من اللقاء هو الإعداد لمؤتمر وطني شامل. وقال «هذه بداية حوار وطني نأمل أن يفضي إلى مؤتمر شامل يمكن منه الانتقال بسوريا إلى دولة تعددية ديمقراطية يحظى فيها جميع المواطنين بالمساواة ويشاركون في صياغة مستقبل بلدهم». وقال إنه لا بديل عن الحوار «لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة»، مشيرا إلى أن «الحوار الوطني يجب أن يتواصل سياسيا وعلى كافة المستويات ومختلف الشرائح لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا».

وقال الشرع في كلمة الافتتاح، إن «مجتمعنا لن يستطيع بغير النظام السياسي التعددي الديمقراطي الذي سينبثق عن هذا الحوار أن يصل إلى الحرية والسلم الأهلي اللذين يرغب فيهما كل مواطن في أرجائه كافة». وأضاف أن «هذا الحوار لا ينطلق في أجواء مريحة سواء في الداخل أو الخارج، فالتحول في مسار القوانين والانتقال إلى واقع آخر لا يمكن أن يمر بسلاسة ومن دون عقبات طبيعية أو مفتعلة».

وعرضت المناقشات على التلفزيون السوري مباشرة، حيث ترددت أصوات ومطالبات لم تكن لتظهر في السابق على الإعلام السوري. ورغم غياب شخصيات بارزة في المعارضة، فإن الكثير من المشاركين في الجلسات الصباحية من اللقاء دعوا إلى التغيير ووضع حد للقمع وتعديل المادة الثامنة من الدستور التي تتعلق بهيمنة حزب البعث العربي الاشتراكي على الحياة السياسية والاجتماعية في البلد.

وقال محمد حبش، العضو المستقل في البرلمان إن «المخرج من وجهة نظري يتمثل في العمل على إنهاء الدولة الأمنية.. أو بتحريم الرصاص والعمل من أجل دولة مدنية ديمقراطية متحضرة فيها تعددية حزبية وسياسية وحريات إعلامية وإنهاء تحكم الحزب الواحد والسماح بقيام حياة سياسية مدنية حرة». وطالب حبش الرئيس الأسد «باقتراح تعديل فوري للدستور يرسل إلى مجلس الشعب لعرضه على أول اجتماع له ويتضمن بصراحة تعديل المادة الثامنة من الدستور والمادة الرابعة والثمانين، بحيث ينتهي حكم الحزب الواحد ويفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية وفق شروط مناسبة تضمن حق الشرفاء الوطنيين». كما طالب بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين وعدم مواجهة المظاهرات بالرصاص.. وعبر حبش عن قناعته بأن «المؤامرة لا تزيد على عشرين في المائة وثمانين في المائة هو احتقان داخلي نشأ نتيجة الظلم والقهر والقمع وممارسة دور الدولة الأمنية».

الجلسة الأولى اتسمت عموما بأجواء هادئة وما عدا كلمة المفكر طيب التيزيني، الذي انتقد الأسس التي تم بناء عليها الدعوة للقاء، وعدم تهيئة عوامل وظروف نجاحه، جاءت كل المداخلات تحت سقف المطالبة بالتغيير بقيادة الرئيس بشار الأسد، والذي صار يصطلح عليه في وسائل الإعلام السورية بـ«تحت سقف الوطن».

وسيناقش المشاركون في اللقاء على مدى يومين القضايا المدرجة في جدول أعماله وهي «دور الحوار الوطني في المعالجة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة والآفاق المستقبلية وتعديل بعض مواد الدستور بما في ذلك المادة الثامنة منه والتي تنص على أن حزب البعث هو الحاكم الأوحد، لعرضها على أول جلسة لمجلس الشعب وعدم استبعاد وضع دستور جديد للبلاد، إضافة إلى مناقشة مشاريع قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام».

من جهة أخرى، قال الباحث والكاتب القريب من المعارضة الطيب تيزيني، إن «هناك مقومات كان يجب أن يبدأ بها الاجتماع»، مشيرا إلى أنه «حتى الآن يلعلع الرصاص في حمص وحماه». وقال «كنت أتمنى أن يتوقف هذا أولا. كان هذا ضروريا». وأضاف «كنت أتمنى من نائب الرئيس الشرع أن يبحث هذه النقطة، وأن تأتي في صلب برنامج العمل». وطالب تيزيني بـ«عملية تفكيك الدولة الأمنية». وقال «هذا شرط لا بديل عنه، وإذا ما بدأنا بمعالجة المسائل، الدولة الأمنية تريد أن تفسد كل شيء». وأضاف «كان يجب إخراج السجناء الذين بقوا سنوات في السجن وهم بالآلاف. كان هذا أجمل هدية للشعب والمؤتمر». وخلص الطيب تيزيني إلى القول «أدعو إلى أن يكون المؤتمر فعلا لقاء تاريخيا يؤسس لدولة القانون التي انتهكت حتى العظم». وطالب تيزيني بإعادة بناء الإعلام السوري. وقال «هناك مهمات كبرى ينبغي أن تبدأ قبل هذا اللقاء، إنه لقاء تشاوري إعلامي بعد أن يكون الإعلام السوري قد أعيد بناؤه، هناك خطوات غابت ولكن نستطيع أن نصنع من الرذيلة فضيلة».

وأكد الشرع أن «معاقبة أشخاص يحملون رأيا سياسيا مختلفا بمنعهم من السفر أو العودة للوطن سيقودهم إلى التماس الأمن والحماية من مجتمعات أخرى». وقال «سيصدر قرار من القيادة يقضي بعدم وضع عقبات غير قانونية في وجه سفر أو عودة أي مواطن وقد أبلغ وزير الداخلية بهذا القرار لتنفيذه خلال أسبوع». وفي خطاب ألقاه في 20 يونيو (حزيران) في جامعة دمشق، دعا الرئيس الأسد إلى «حوار وطني يمكن أن يؤدي إلى تعديل الدستور أو إلى دستور جديد». وأوضح أنه لا يمكن التسرع في اتخاذ قرار في شأن الإصلاحات المطروحة، واقترح انتظار انتخاب مجلس شعب جديد مقرر في أغسطس (آب).

وأعلن الشرع أن «التطبيق الكامل للقوانين التي صدرت ولم تسمح الظروف السائدة أن تدخل حيز التنفيذ، لا سيما قانون رفع حالة الطوارئ كفيل أن ينقل سوريا إلى مرحلة جديدة متقدمة»، مشيرا إلى أن ذلك «يتطلب من الجميع التحلي بروح المسؤولية التاريخية، فالتظاهر غير المرخص يؤدي إلى عنف غير مبرر». وقال الشرع إن «مجتمعنا لن يستطيع بغير النظام السياسي التعددي الديمقراطي الذي سينبثق عن هذا الحوار أن يصل للحرية والسلم الأهلي». وأضاف أن «الحوار يجب أن يتواصل سياسيا لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا».

من جانبها، دعت المستشارة الإعلامية والسياسية بالقصر الرئاسي بثينة شعبان المعارضة لأن «تتحلى بالدور الإيجابي، وأن تكون بناءة وتسهم في إنقاذ الوطن وألا تعتمد على الاستقواء بالخارج». وعلى هامش المؤتمر وخلال الاستراحة قالت بثينة شعبان في تصريحات صحافية إنه لم يكن في اللقاء التشاوري «أي شيء محرم» وإن الجميع «تحدث بما يشاء وهم يتشاورون حول الأزمة وآفاق حلها»، مؤكدة أن «الحوار هو الطريق الوحيد للخروج من الأزمة وحل كل القضايا الإشكالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وبحسب شعبان فأن «كل شرائح الشعب السوري شاركت في اللقاء والحوار مستمر للأيام المقبلة».

وتعليقا على غياب المعارضة عن جلسات اللقاء التشاوري، قالت شعبان «من غاب عن هذا الحوار مارس دور المعارضة السلبية، وأنا أدعو كل المعارضة إلى أن تتحلى بالدور الإيجابي، وأن تكون بناءة وتسهم في إنقاذ الوطن وألا تعتمد على الاستقواء بالخارج، وخاصة أن كل البلدان التي استقوت بالخارج كان مصيرها مأساويا». وأوضحت المستشارة «نحن كشعب سوري قادرون على حل مشكلاتنا وطاولة الحوار هي النموذج الأمثل للخروج بالبلد من هذه الأزمة والانتقال بسوريا إلى سوريا جديدة».