الفرحة تعم جوبا مع تطلع أبناء السودان الجنوبي للمستقبل

بعد الاستقلال بات على دولة الجنوب أن تثبت أنها قابلة للحياة

TT

استمرت الاحتفالات في شوارع جوبا أمس بعد يوم من استقلال جنوب السودان ليصبح أحدث دولة في العالم. وازدحمت الشوارع بالسكان ولوح الكثير منهم بأعلام بلدهم الجديد، ورفعوا لافتات تحمل رسائل للنوايا الحسنة لبدء عهد جديد.

وقال لابور أندرو، وهو مقيم في جوبا، لـ«رويترز»: «سنتولى شؤون أنفسنا، وبالتالي ستكون الأشياء بجوارنا، وسنلمسها بدلا من السفر بعيدا، والحصول على جوازات سفر من مكان ما، الوقت يمر وتحدث أشياء تعطلنا، لكن هنا ستكون الأشياء بيننا، وسنحصل عليها في الوقت الذي يناسبنا».

وقال ماريال كوير، وهو من سكان جوبا أيضا: «ما زلنا نحتفل منذ الليلة الماضية. كنا وما زلنا نرقص. سنحتفل طوال هذا الشهر». واستقلت الدولة، التي أصبحت الدولة الأفريقية الرابعة والخمسين، رسميا عن حكومة الخرطوم بالشمال، بعد 6 أشهر من تصويت نحو 99 في المائة من الجنوبيين لصالح الانفصال، في استفتاء أجري في يناير (كانون الثاني) الماضي.

بعد إعلان استقلاله أول من أمس، بات على السودان الجنوبي أن يثبت للعالم أنه بحق بلد قابل للحياة، على الرغم من فقره المدقع وظروفه الجيوسياسية الصعبة، إثر عقود من الصراع الدامي مع الشمال. وتناهز مساحة جنوب السودان ربع مساحة السودان القديم، وغالبية سكانه، وعددهم 8.5 مليون نسمة، يدينون بالمسيحية، وقد انفصل عن الشمال المسلم بعد نحو نصف قرن من الحروب بين المتمردين الجنوبيين وقوات الخرطوم، تخللته بضع سنوات من الهدوء النسبي.

وأعلن رئيس برلمان جنوب السودان، جيمس واني إيغا، استقلال الجنوب، في احتفال أقيم في جوبا وحضره الآلاف من الجنوبيين الذين عمهم الفرح العارم، وحضره أيضا زعماء وقادة من أنحاء مختلفة من العالم، بينهم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون.

وقد سارع المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، بالاعتراف بالبلد الأفريقي الوليد، الذي دمرته حرب خلفت ملايين القتلى، وتعهدت بتقديم الدعم له.

وأكد سلفا كير، أول رئيس لجنوب السودان، في كلمة ألقاها، أن سلطات هذا البلد الجديد أمامها مهمة ضخمة.

وقال: «يقول خصومنا إنه لا أمل لنا - معولين على سقوطنا في براثن حرب أهلية - ما إن يتم رفع علمنا»، مكررا عرضه العفو عن المتمردين على الجيش الجنوبي الذين يتخلون عن السلاح.

وثمة مشكلة أخرى كبيرة تواجه جنوب السودان تتعلق بالأمن على حدوده مع الشمال، خاصة بمحاذاة ولاية جنوب كردفان، الولاية الوحيدة المنتجة للنفط في الشمال، التي شهدت اندلاع قتال في الخامس من يونيو (حزيران) بين قوات الخرطوم والميليشيات الموالية للجيش الشعبي (الجنوبي) لتحرير السودان. وهناك أيضا منطقة أبيي المتنازع عليها مع الشمال، التي احتلتها قوات الخرطوم في 21 مايو (أيار)، مما أسفر عن نزوح أكثر من 100 ألف نسمة باتجاه الجنوب. وصرح كير بقوله: «أتعهد أمامكم اليوم بالعمل على تحقيق السلام العادل والدائم للجميع».

من جانبه، دعا رئيس السودان، عمر البشير، الذي حضر مراسم استقلال الجنوب في جوبا، أول من أمس، إلى السلام وإلى علاقات أخوية بين الجنوب والشمال، وقال: «مسؤوليتنا المشتركة تتمثل في بناء الثقة»، مما يسمح بتسوية «المسائل العالقة»، في إشارة بالأخص إلى تقاسم الثروات النفطية ووضع المناطق الحدودية المتنازع عليها.