المجتمع الدولي يسارع إلى الاعتراف بدولة السودان الجنوبي

أوباما: واشنطن شريك للدولة الجديدة.. والصين تأمل أن يحترم الشمال والجنوب حسن الجوار

TT

سارع المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي ودول كبرى أخرى، إلى الاعتراف بدولة السودان الجنوبي الحديثة العهد، مؤكدا دعمه هذا البلد الذي يعتبر من أكثر البلدان فقرا في العالم وأعلن السبت استقلاله.

وفي بيان يعلن اعتراف واشنطن الرسمي بالسودان الجنوبي، قال الرئيس باراك أوباما: «في حين يبدأ سودانيو الجنوب مهمة بناء بلدهم الجديد الصعبة، تعد الولايات المتحدة بأن تكون شريكتهم في سعيهم إلى الأمن والتنمية والحكم الذي يلبي تطلعاتهم واحترام حقوق الإنسان».

من جهتها، أملت الصين، وهي أكبر شريك تجاري للسودان وأكبر مستثمر في صناعته النفطية، أن يحترم الشمال والجنوب «حسن الجوار وأن يكونا شريكين وشقيقين إلى الأبد» كما أعلن الموفد الخاص للرئيس هو جينتاو في الاحتفالات بالاستقلال.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي حضر الاحتفالات في العاصمة جوبا عن ارتياحه لفتح «صفحة جديدة للسودان الجنوبي وحض البلدين الجارين على إقامة علاقات ثقافية وسياسية وتجارية إيجابية وسلمية».

غير أنه استذكر أنه لا بد من «الإصغاء لصوت شعب أبيي - الولاية الحدودية المتنازع عليها - وجنوب كردفان»، الولاية النفطية الوحيدة في الشمال التي تشهد معارك بين القوات الحكومية وميليشيات موالية للجنوب.

من جانبه، أكد الاتحاد الأوروبي أنه «يدرس اتفاق شراكة مع جمهورية السودان الجنوبي (...) ويشجع قادتها على احترام التعددية والتنوع بهدف إقامة مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة ويقوم على القانون واحترام حقوق الإنسان».

كذلك التزمت الدولتان العضوان في الاتحاد والعضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي بريطانيا القوة الاستعمارية سابقا في السودان وفرنسا، على تقديم الدعم للسودان الجنوبي.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في بيان: «أننا نرحب بالسودان الجنوبي بين مصاف الأمم، كما نتطلع لمد أواصر أوثق بين بريطانيا والسودان الجنوبي خلال الشهور والأعوام المقبلة».

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إنه «يرحب باستقلال السودان الجنوبي.. ويهنئ سلطات الشمال والجنوب وكذلك شعبي هذين البلدين لأنهما عرفا كيف يجتازان سلميا هذه المرحلة التاريخية».

وأضاف البيان أن فرنسا «تؤكد دعمها للسودان الجنوبي حكومة وشعبا بهدف بناء دولة ديمقراطية وإحلال السلام والأمن والتطور في كل أرجاء البلاد». وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «الآن تبدأ مهمة دعم السودان الجنوبي على طريق الاستقرار مما سيؤمن للناس السلام والأمن والتنمية الاقتصادية».

من جهتها، اهتمت الصحف الفرنسية بإعلان دولة الجنوب رسميا استقلالها عن حكومة الخرطوم السبت. ووصفت صحيفة «درنير نوفل دالزاس» الفرنسية الصادرة أمس دولة السودان الجنوبي «بالوليد الضعيف». واستهلت الصحيفة تعليقها قائلة: «يجب على السلطات في هذه الدولة بعد أن تخبو الفرحة بالاستقلال أن تشمر عن ساعديها من أجل بناء المستشفيات وتعليم ثلاثة أرباع الشعب القراءة والكتابة وزراعة الحقول». وذكرت الصحيفة أن هذه هي أولويات كل الدول التي تعيش بشكل أساسي على الزراعة.

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من «ضعف الوليد» الجديد للمجتمع الدولي، فإنه لم يعد عليه أن يخاف من «الشريعة الإسلامية التي كان شمال السودان يسعى لإجباره عليها».

وأشارت الصحيفة إلى أن دولة الجنوب يمكنها أيضا أن تضع في حسبانها وجود النفط في أراضيها لكنها طالبت بأن تخصص عوائده لصالح كل الشعب وليس لفئة قليلة. وقالت الصحيفة إنه في هذه الحالة يمكن للجنوب أن يطالب بمساعدة فاعلة من المجتمع الدولي.

كما عبر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي عن ترحيبه بولادة دولة السودان الجنوبي داعيا إلى «تسوية تفاوضية» للمسائل العالقة بين جوبا والخرطوم.

ونقل بيان عن الأمين العام إشادته باعتراف حكومة السودان بالدولة الجديدة مؤكدا «ضرورة الحفاظ على علاقات سلمية بين الدولتين وتعزيز الروابط القوية بين الخرطوم وجوبا بهدف ترسيخ السلام». وشدد أوغلي على «التوصل في أقرب الآجال إلى تسوية تفاوضية للقضايا العالقة في اتفاقية السلام الشامل» التي وقعت في نيفاشا الكينية عام 2005.

ومن المشكلات الكبرى التي يواجهها السودان الجنوبي ضمان الأمن على حدوده مع الشمال، خصوصا على طول ولاية جنوب كردفان الشمالية التي تشهد مواجهات منذ 5 يونيو (حزيران) الماضي. وهناك أيضا منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب.

وأكد الرئيس السوداني عمر البشير في حفل إعلان استقلال السودان الجنوبي في جوبا أن نجاح الدولة الوليدة هو نجاح لبلاده، مجددا مطالبته الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة برفع العقوبات عن الخرطوم.

واعترفت مصر البلد الأبرز في المنطقة أيضا بالسودان الجنوبي وأعلنت الخارجية المصرية الجمعة أن نائب رئيس الوزراء المصري يحيى الجمل ترأس الوفد المصري في جوبا لحضور مراسم استقلال جمهورية السودان الجنوبي.

وقررت الحكومة الأردنية السبت الاعتراف باستقلال دولة السودان الجنوبي وإقامة علاقات دبلوماسية معها.

كذلك اعترفت بالسودان الجنوبي كندا وتركيا وسويسرا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا وكينيا. كما اعترفت ليبيا التي تشهد حربا أهلية رسميا بالسودان الجنوبي كدولة «مستقلة وذات سيادة».

وأشاد الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان الموجود في جوبا «ببزوغ فجر جديد» لشعب السودان الجنوبي، متعهدا بتقديم الدعم والمساعدة للدولة الجديدة، بحسب بيان صادر عن مكتبه الإعلامي.

من جهته، نقل رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ إلى كير أطيب تمنيات بلاده، وذلك في رسالة إشادة بالتزام جوبا بحل «كل المشكلات العالقة بشكل سلمي» مع الخرطوم. إلى ذلك، بعث رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ببرقية إلى سلفا كير رئيس جمهورية السودان الجنوبي بعد إعلان استقلال بلاده رسميا السبت. وقال بارزاني في البرقية التي حصلت عليها وكالة الصحافة الفرنسية: «تلقينا بكثير من السعادة إعلان استقلال السودان الجنوبي، بعد نضال خاضه شعب الجنوب على مدى خمسة عقود».

وأضاف بارزاني الذي ينحدر من أسرة قادت النضال ضد نظام الرئيس الأسبق صدام حسين وأسهمت في الحصول على منطقة حكم ذاتي في شمال العراق منذ عام 1991: «باسمي وباسم شعب كردستان نهنئ سيادتكم وشعب جنوب السودان، على ثمرة نضالكم الطويل من أجل نيل الحرية».