نذر مواجهة بين المجلس العسكري والقوى السياسية في مصر

الجيش أعاد فتح الطرق السريعة بالقوة.. وشباب الثورة هددوا بالتصعيد

مصريون يواصلون الاعتصام والتظاهر بميدان التحرير لليوم الثالث على التوالي أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم استجابة رئيس الوزراء المصري، الدكتور عصام شرف، لعدد من مطالب المعتصمين في ميادين مصر، بدا المشهد السياسي أكثر غموضا، أمس، وسط نذر صدامات بين شباب الثورة والمجلس العسكري (الحاكم)، وبينما دخلت كل أطراف اللعبة السياسية في البلاد الغرف المغلقة لبحث الموقف المشتعل، تدخلت عناصر من الجيش المصري لفتح الطرق التي أغلقها الثوار، وللحيلولة دون وصول عدد منهم لقناة السويس، بعد أن هددوا بإغلاقها، أمس، ردا على خطاب شرف.

واتفقت غالبية القوى السياسية المصرية، أمس، على رفض القرارات التي أصدرها شرف، والتي شملت إنهاء خدمة الضباط المتهمين في قتل الثوار، وتسريع محاكمة عناصر النظام السابق. ورأى شباب ثورة 25 يناير وممثلو القوى السياسية أن القرارات غير كافية، ولا ترقى لمطالب وطموح الشعب المصري، واصفين الخطاب بـ«المخيب للآمال» واعتبروه أداة لامتصاص غضب الشارع، مؤكدين استمرارهم في الحشد لمليونية الثلاثاء المقبل.

وفي خطوة تصعيدية، قام الثوار بإغلاق المجمع الرئيسي للمصالح الحكومية الحيوية بالقاهرة، كما قاموا بقطع طريق العين السخنة، وسط انتقادات عدد من القوى السياسية لهذه الإجراءات التصعيدية، لكن شباب الثورة هددوا باتخاذ إجراءات متشددة، ولوحوا بعرقلة مسار مترو الأنفاق، الذي يعد أهم وسيلة مواصلات لسكان العاصمة.

وقال الشباب، الذين دعوا إلى العصيان، إن تنفيذ العصيان «سيمثل وسيلة ضغط أكبر وأسرع على المجلس العسكري»، وقالت الناشطة السياسية، أسماء محفوظ: «إن غلق المجمع يعد خطوة أولى، في إطار عدة خطوات تصعيدية لإجبار الحكومة على تنفيذ مطالب الثوار، منها قطع الطرق، وإغلاق مقر مجلس الوزراء، ومنع أي شخص من الدخول إليه».

كما هدد أحد الشباب المعتصمين، بعد اعتلائه منصة بالتحرير، بإعطاء مهلة للمجلس العسكري 24 ساعة لتنفيذ مطالب الثورة، وفي حال عدم تنفيذها «سيتم قطع خط المترو». وقال بلال دياب، المتحدث الإعلامي للجبهة الوطنية للتغيير السلمي، إن «قرار التصعيد له ما يبرره، نظرا لتجاهل المجلس العسكري لنا حتى هذه اللحظة، وهي وسيلة أكثر حدة من وسائل الضغط».

لكن في المقابل، أكد مصطفي شوقي، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، أن الاعتصام لا يستدعي إغلاق المجمع، وأي وسيلة للضغط يجب أن تؤخذ بقرار جماعي من جميع القوى المعتصمة.

ومن جانبه، أكد الدكتور عمرو حمزاوي أحد قياديي حزب «مصر الحرية»، أنه يرفض تعطيل مصالح الناس، وطالب بتسيير الحياة اليومية، مشيرا إلى «الشرق الأوسط»، بأن خطاب شرف به بعض القرارات الجيدة، والبعض الآخر يحتاج إلى توضيح أكثر وتوقيت زمني محدد.

وقال الناشط السياسي، جورج إسحاق، المنسق العام الأسبق لحركة كفاية في كلمة للمعتصمين بالميدان، إنه قدم بيانا وقع عليه 130 حركة وحزبا، طالبوا فيه بحظر محاكمة المدنيين عسكريا، والإفراج الفوري عن جميع المدنيين الذين حوكموا عسكريا، وإعادة محاكمتهم أمام القضاء المدني، وإلغاء قوانين تجريم الاعتصامات، وتخصيص دوائر قضائية خاصة لمحاكمة المتهمين بقتل الشهداء، وتعيين وزير داخلية سياسي مدني، وتحديد حد أدني للأجور لا يقل عن 1200 جنية، والتطهير الفوري لحكومة شرف.

وهدد بيان الحركات والأحزاب بأنه إذا لم تتحقق المطالب فسوف يحتفظون بحقهم في الإضراب العام والعصيان المدني. وبينما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين ترحيبا حذرا بإجراءات شرف التي اعتبرتها «غير كافية»، قال الدكتور محمود غزلان، المتحدث باسم الجماعة إن جماعة الإخوان ستواصل ضغوطها على الحكومة من أجل تحقيق باقي مطالب الثورة، وستشارك في أي فعاليات مقبلة للضغط على الحكومة والمجلس العسكري. وفي غضون ذلك، سادت حالة من الاستياء والسخط في أوساط ضباط الشرطة بمختلف مديريات الأمن بالمحافظات والمواقع الشرطية الأخرى، بسبب القرار الذي أصدره شرف بإنهاء خدمة ضباط الشرطة المتهمين بقتل الثوار خلال أحداث ثورة 25 يناير.

وعلى الصعيد الرسمي، قال مصدر أمنى رفيع المستوى بوزارة الداخلية المصرية إن قرار إنهاء خدمة الضباط المتهمين بقتل الثوار الصادر من مجلس الوزراء المصري هو قرار سياسي، ليس لوزارة الداخلية أي شأن به.

ومن جانبه، صرح اللواء منصور العيسوي، وزير الداخلية، بأنه سينفذ القرار الخاص بالضباط المتهمين بقتل المتظاهرين وفقا للقانون. وأكد العيسوي أن القرارات الخاصة بالضباط المحالين أمام المحاكم المختلفة بتهمة قتل المتظاهرين في أيدي وزارة الداخلية، مشيرا إلى أنه يجري حاليا اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها.

وشدد على أنه منذ يومه الأول بالوزارة تعهد بعدم إصدار أي قرار مخالف للقانون، وأنه مستعد لتقديم استقالته من وزارة الداخلية في أي وقت إذا شعر بأن هناك قرارات ستمرر دون رغبته، ولكنه أكد أن كل القرارات التي صدرت والتي ستصدر من وزارة الداخلية في الفترة المقبلة ستكون وفقا للقانون. وأشار العيسوي إلى أن حركة تنقلات الشرطة سوف تصدر الأربعاء المقبل، وسترضى كافة فئات الشعب.

واستنكر الائتلاف العام لضباط الشرطة قرار رئيس الحكومة، الذي سيطبق، حسب قولهم، على ما يزيد على 400 ضابط شرطة من الضباط المتهمين بقتل الثوار، واصفين القرار بالتعسفي، مشيرين إلى أن القرار يفتقد إلى أدنى درجات مبادئ الشرعية والعدالة.

وامتنع الكثير من ضباط الشرطة بمديريات أمن القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والسويس عن تسلم خدماتهم احتجاجا على قرار رئيس مجلس الوزراء، وتضامنا مع زملائهم، بينما ترك معظم الضباط المطلوبين للمحاكمات حاليا، ممن سيشملهم قرار إنهاء الخدمة، مقار عملهم بالفعل، وأبلغوا قياداتهم بذلك.