إسرائيل تقر حدودها المائية الاقتصادية على حساب حدود لبنان

نائب في البرلمان الإسرائيلي: يوجد غاز يكفي البلدين ولا حاجة لافتعال أزمة

TT

أقرت الحكومة الإسرائيلية، في جلستها أمس، حدودها المائية الاقتصادية شمالي شرق البحر الأبيض المتوسط، لتضم مناطق شاسعة تعتبرها لبنان ملكا لها. وقررت مطالبة الأمم المتحدة بإقرار الخريطة الإسرائيلية لهذه الحدود، ورفض الخريطة التي قدمتها حكومة لبنان. ودعت إلى مفاوضات مع لبنان حول مجمل الحدود، البرية أيضا.

وادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مستهل الجلسة أن لبنان يحاول الاستيلاء على المياه الاقتصادية الإسرائيلية بهدف الاستفزاز. وقال إن الخريطة التي عرضها لبنان على الأمم المتحدة مؤخرا، تتناقض، ليس فقط مع القانون الدولي، وليس فقط مع الخريطة التي اتفقت عليها إسرائيل مع قبرص، بل حتى مع الخريطة اللبنانية السرية التي أقرت في اتفاق بين قبرص ولبنان سنة 2007. ونفى نتنياهو الأنباء التي نشرت حول خلاف إسرائيلي أميركي في الموضوع. وقال: «يبدو أن الموقف الأميركي المناهض لموقفنا سري لدرجة أنني لم أسمع به».

وكان موضوع المياه الاقتصادية بين إسرائيل ولبنان، قد انفجر مع اكتشاف آبار ضخمة من الغاز والنفط بالقرب من قبرص في البحر المتوسط، قبل سنوات. وقد قدم لبنان شكوى إلى الأمم المتحدة يتهم فيها إسرائيل بنهب حصته من المياه الاقتصادية. وجاء البحث في الحكومة الإسرائيلية، أمس، بهدف الرد على الدعوى اللبنانية.

وقد شرحت الخبيرة في شؤون الحدود الاقتصادية، روت لبيدوت، القضية القانونية في الموضوع، فقالت إن القانون الدولي يحدد لكل دولة مياها إقليمية بعمق 12 ميلا في البحر. ومع اكتشاف النفط في البحار، أقر قانون جديد يعطي الحق لاستغلال المياه بعمق 200 ميل لأغراض البحث والتطوير. وفي البحر المتوسط كان القانون يقضي برسم الحدود على أساس الخط المستقيم، ولكن هذه الحسابات تغيرت بمبادرة مصر، التي قررت الحساب على أساس الخط المائل، الذي يأخذ بالاعتبار مصالحها مقابل إسرائيل. وقد وافقت إسرائيل على المطلب المصري شرط أن يكون الحساب نفسه في الشمال أيضا. وهكذا، رسمت حدود المياه الاقتصادية بالتفاهم بين إسرائيل وقبرص من جهة، وبين قبرص ولبنان من جهة ثانية. وعليه فإن لبنان تراجع عن ادعاءاته الملكية على حقلي «تمار» و«لفيتان»، اللذين تقيم إسرائيل فيهما محطتي استخراج للغاز والنفط.

وأوضحت لبيدوت أن هناك خلافات شبيهة انفجرت في مواقع أخرى في العالم وهي مثيرة للاهتمام. ففي الخلاف بين النرويج وبريطانيا، حسم الأمر في محكمة لاهاي. وفي الخلاف بين النرويج والدنمارك حسم الأمر باللجوء إلى التحكيم، واتفق على شراكة في منطقة الخلاف. وفي الخلاف بين السعودية والسودان، اتفق على استغلال مشترك لمياه البحر الأحمر وتقاسم الأرباح. وهذه نماذج يمكن أن تصلح مثلا لتسوية الخلاف بين لبنان وإسرائيل.

من جهته، حذر رئيس اللجنة البرلمانية لشؤون البيئة في الكنيست الإسرائيلي، النائب دوف حنين، من مبادرة الحكومة الإسرائيلية لافتعال أزمة سياسية، وربما عسكرية مع لبنان، بسبب إقرار الحدود الإقليمية الاقتصادية المائية في البحر المتوسط. وقال إن المنطقة الخلافية مليئة بالغاز، وهو يكفي لازدهار البلدين، وينبغي تجنب الخلاف حولها. وقال النائب حنين، الذي يمثل الحزب العربي اليهودي اليساري (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة): «تقارير الأبحاث العلمية تشير إلى وجود مخزون هائل من الغاز على طرفي الخط الحدودي، وكذلك في المنطقة المختلف عليها. وبدلا من تحويل الأمر إلى موضوع صراع جديد مع لبنان، يجدر بنا التفتيش عن سبيل تتيح التعاون والتفاهم لما فيه مصلحة البلدين». واقترح أن تبادر الحكومة الإسرائيلية إلى تبليغ الأمم المتحدة بأنها معنية بتسوية قانونية سليمة، وأنها تقبل بحكم الأمم المتحدة في ترسيم هذه الحدود.

لكن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، رفض توجه حنين ولبيدوت، وأعلن باستعلاء: «لن نتنازل عن شبر واحد من مياهنا الاقتصادية في البحر المتوسط». وحسب صحيفة «هآرتس»، فإن أوساطا سياسية وأمنية في إسرائيل، لم تستبعد احتمال أن يصبح موضوع المياه الاقتصادية سببا لاشتعال توتر جديد في المنطقة، يجر إلى صدام عسكري جديد.