بارزاني رداً على المالكي: عدم الالتزام بالدستور هو التهلكة

القيادة الكردية ترحب بنشوء دولة السودان الجنوبي.. وتشيد بجرأة القيادة في الخرطوم

عراقي ينبش أمس في مقبرة جماعية تضم 800 رفات يعتقد أنها لأكراد قتلوا ودفنوا في عهد الرئيس الأسبق صدام حسين في منطقة قرب الديوانية جنوب العراق، أمس (إ.ب.أ)
TT

أثار إعلان تشكيل دولة السودان الجنوبي ارتياحا رسميا وشعبيا في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع فيه الشعب الكردي بإقليمه الفيدرالي ضمن خريطة الدولة العراقية، حيث وصف الزعيم الكردي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني نبأ الإعلان بأنه «يوم مضيء في تاريخ جميع شعوب العالم».

ففي برقية وجهها بارزاني إلى سلفا كير، رئيس جمهورية السودان الجنوبي، استهلها بالقول إنه «يوم مضيء ليس بالنسبة لتاريخ الشعب الجنوبي في السودان، بل لسائر الشعوب في العالم التي لها تاريخ طويل في النضال من أجل الوصول إلى الاستقلال، خاصة الشعوب التي تعرضت في يوم من الأيام لظلم التاريخ. ونحن في كردستان نستقبل بسعادة بالغة إعلان استقلال دولة السودان الجنوبي، والذي جاء بعد خمسة عقود من الصراع من أجل التحرر، وأتقدم باسمي وباسم شعب كردستان بأحر التهاني لكم ولجميع أبناء الشعب الجنوبي، وهذه التجربة هي تجربة حية تؤكد أن أي شعب إذا أراد التحرر فإنه سيحقق ذلك في يوم من الأيام، وأنا أنظر بعين الاحترام والتقدير إلى نضالكم ونضال شعبكم، وأقدر بإعجاب بالغ جرأة القيادة السودانية باحترام إرادة الشعب الجنوبي الذي عبر عنه في الاستفتاء، لذلك أتطلع إلى التعامل بهذا النفس مع جميع الشعوب التي تتطلع إلى التحرر والاستقلال». من جهته، وجه برهم صالح برقية تهنئة مماثلة إلى سلفا كير باسم حكومته، مهنئا باختياره كأول رئيس للدولة. وقال إن «الشعب الكردستاني الذي كان طوال تاريخه النضالي ضحية الظلم والقمع والاستبداد، وتعرض خلاله لمختلف جرائم الإبادة الشاملة والضربات الكيماوية ينظر بتقدير بالغ إلى إعلان دولتكم المستقلة وتحقيق الحلم التاريخي لشعبكم».

إلى ذلك، أصدر بارزاني تصريحا رسميا ردا على التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في لقاء له مع عدد من رؤساء العشائر العراقية ببغداد يوم الخميس الماضي والتي وجه خلالها تحذيراته إلى أطراف سياسية في البلاد من مغبة السعي نحو تشكيل أقاليم أخرى في العراق، موضحا بأن أي خطوة من هذا القبيل ستؤوي إلى اندلاع حرب داخلية وسيعرض وحدة الأراضي العراقية إلى الخطر. وقال بارزاني «في الحقيقة أنا مندهش من هذه التصريحات لأن أي طلب بهذا الشأن هو أمر طبيعي يتوافق مع الدستور الدائم الذي ثبت هذا الحق، وليست هناك أي مخاوف من وراء ذلك، بل بالعكس سيعزز من وحدة الشعب العراقي، وأؤكد بهذه المناسبة أن عدم الالتزام بالدستور هو الذي سيؤدي بالعراق إلى التهلكة وليس إنشاء الأقاليم الجديدة».

اللافت أن هذا السجال حول الفيدرالية أفرز تقاربا، في الرأي على الأقل، بين الأكراد ورئيس البرلمان أسامة النجيفي الذي كان المالكي يرد على تصريحاته في واشنطن بشأن إمكانية انفصال السنة في العراق نظرا لما يشعرون به من تهميش وإقصاء. فقد كان ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي يخطط لإخضاع النجيفي لاستجواب داخل البرلمان، لكن التحالف الكردستاني الذي كان النجيفي يعد من أشد خصومه رفض المضي في مثل هذا الإجراء، مشيرا إلى أنه «لا يوجد تنسيق بين النجيفي والتحالف الكردستاني بشأن تصريحاته.. إلا أن الكرد يرون أن تصريحات النجيفي في النهاية لا تبتعد كثيرا عن الإطار العام الذي حدده الدستور العراقي للفيدرالية وتشكيل الأقاليم بموجب الدستور».

إلى ذلك، أكد نائب رئيس الوزراء العراقي روز نوري شاويس، وهو الممثل الشخصي لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في بغداد، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليست هناك أي أزمة بين بغداد وأربيل بشأن التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء نوري المالكي بخصوص الفيدرالية والأقاليم والرد الذي صدر عن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني»، مشيرا إلى أن «المالكي لم يعلن أنه ضد الفيدرالية وأنه أقر بأنها جزء من الدستور العراقي، كما أن مسعود بارزاني أكد من جانبه على ثوابت الدستور العراقي وهو ما يعني أن كلا الطرفين مؤمن بالثوابت نفسها وهو ما لا خلاف عليه بالنتيجة النهائية». من جهته، أكد القيادي في دولة القانون عدنان السراج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لا خلاف حقيقيا بين المالكي وبارزاني بخصوص الفيدرالية إذن إن كليهما يؤمن بالدستور العراقي، ولكن ربما هناك خلاف لفظي ليس أكثر»، مشيرا إلى أن «المالكي أكد في كلمته على جملة حقائق قبل التفكير في الفيدرالية في هذه المحافظة أو تلك منها أن انتخابات الأقضية والنواحي لم تجر بعد كما أن هناك الكثير من الأمور لم تحدد بقانون وبالتالي فإن الاستعجال يمكن أن يؤدي إلى الانفصال بينما الفيدرالية هي الاتحاد». وبينما أكدت الناطقة باسم العراقية ميسون الدملوجي لـ«الشرق الأوسط» أن «أصل المشكلة هي قانون المحافظات»، مشيرة إلى أن «القائمة العراقية هي مع اللامركزية الإدارية، حيث إن مسك الأمور بيد شخص واحد أمر غير جائز وغير صحيح»، فقد اعتبر القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فرات الشرع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيدرالية حق دستوري لا غبار عليه ونحن نرى أن الفيدرالية في العراق قد تكون أحد الحلول، ولكنها تحتاج إلى مقومات وحكومة مستقرة وأجهزة فعالة وقوانين وسياقات وإجراءات سليمة والأهم أن الشعب هو من ينبغي أن يقرر ذلك في النهاية». وأشار إلى أن «الفيدرالية تعني في الواقع ضرب روح وفكرة الديكتاتور وهي نجحت في الكثير من دول العالم».