دمشق تستدعي سفيري أميركا وفرنسا للاحتجاج على زيارتيهما لحماه

طهران تستنكر زيارة السفير الأميركي إلى حماه وتعتبره «تدخلا فاضحا»

صورة من مواقع سورية معارضة على الإنترنت لمتظاهرين في حماه
TT

استدعت سوريا أمس سفيري الولايات المتحدة روبرت فورد وفرنسا اريك شوفالييه وأبلغتهما «احتجاجا شديدا» بشأن زيارتهما إلى مدينة حماه (وسط) الخميس دون الحصول على موافقة الوزارة كما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وقالت «سانا» إن وزارة الخارجية والمغتربين أبلغت السفيرين احتجاجا شديدا بشأن زيارتيهما لمدينة حماه دون الحصول على موافقة الوزارة. وأضافت أن ذلك «يخرق المادة 41 من معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تتضمن وجوب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المعتمدة لديها وعلى أن يتم بحث المسائل الرسمية مع وزارة الخارجية». وقالت الوزارة: «إن زيارتي السفيرين الأميركي والفرنسي إلى حماه تشكلان تدخلا واضحا بشؤون سوريا الداخلية وهذا يؤكد وجود تشجيع ودعم خارجي لما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد وذلك في الوقت الذي ينطلق فيه الحوار الوطني الهادف إلى بناء سوريا المستقبل».

وكان السفير الأميركي لدى سوريا، روبرت فورد، زار مدينة حماه يومي الخميس والجمعة الماضيين وعاين عن كثب الوضع في المدينة، والمظاهرات الحاشدة التي تشهدها ساحة العاصي يوم الجمعة، كما لحق السفير الفرنسي ايريك شوفالييه بالسفير الأميركي في زيارة المدينة، الأمر الذي أثار غضب النظام وصدرت عدة ردود فعل رسمية. واتهمت الحكومة السورية السفيرين بعدم الحصول على الإذن الرسمي للوجود في حماه معتبرة ذلك دليلا على تورط الولايات المتحدة في الحض على العنف والفوضى. وفي الوقت الذي تركز فيها انتقاد الحكومة السورية على تصرف السفير الأميركي، لم يصدر رد فعل مماثل حيال زيارة السفير الفرنسي، إلا أن الاستدعاء أمس شمل السفيرين.

وأعرب السفير الأميركي عن صدمته لردود الفعل الرسمية من زيارته لمدينة حماه، بينما استغربت واشنطن من انتقادات الحكومة السورية تجاه زيارة سفيرها إلى حماه، مشيرة إلى أن الزيارة كانت بعلم وزارة الدفاع السورية.

وتنص المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 على أنه «مع عدم المساس بالمزايا والحصانات، على الأشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة» وأن «كل المسائل الرسمية المعهود بحثها لبعثة الدولة المعتمدة مع الدولة المعتمد لديها يجب أن تبحث مع وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها عن طريقها أو مع أي وزارة متفق عليها».

من جهة أخرى أدانت طهران «بشدة»، أمس، زيارة السفير الأميركي، روبرت فورد، إلى مدينة حماه السورية، الجمعة الماضي، ولقاءه عددا من المتظاهرين المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، واعتبرته «تدخلا سافرا» في شؤون دمشق.

واستنكر محمد رضا رؤوف شيباني، مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط ورابطة الدول المستقلة، ما سماه «التدخل الأميركي المباشر في الشؤون الداخلية لبعض بلدان المنطقة»، في إشارة إلى سوريا.

وأشار شيباني إلى زيارة روبرت فورد، السفير الأميركي في دمشق، لمدينة حماه «خاصة في ظل الظروف الراهنة بالغة الحساسية التي تشهد جهودا حثيثة لبلورة الحوار الوطني في هذا البلد»، واصفا عمل السفير الأميركي بأنه «تدخل فاضح في الشؤون الداخلية لسوريا، وأنه يتعارض مع العرف الدبلوماسي على الصعيد الدولي»، حسبما أوردته وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية. وزعم شيباني أن «الممارسات الأميركية في المنطقة نابعة من نزعة التسلط والتدخل لدى قوى الهيمنة بهدف التغطية على صورة السلوك المنافق لأميركا التي يراها الرأي العام الإقليمي». وقال: «إن ركوب موجة الاحتجاجات الشعبية ومحاولات حرفها عن مسارها وتشجيع الحلفاء الإقليميين على نشر جيوشهم لقمع الشعوب ودفع وتشجيع الدول الغربية لجحفلة جيوشها لإسقاط الأنظمة، وكذلك الدخول غير الدبلوماسي للسفير الأميركي إلى مناطق حساسة وانضمامه للمتظاهرين بهدف تأجيج الرأي العام، تمثل بعض الأساليب التي تنتهجها أميركا في التعامل مع التطورات الجارية بالمنطقة».

وحذر من مغبة ما سماه «طرح مفاهيم جديدة تفضي إلى فرض هذا النوع من السلوك الأميركي على المجتمع الدولي». واعتبر أن «سلوك السفير الأميركي في سوريا يمهد لحالة خطيرة تحاول إظهار التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلدان وانتهاك السيادة الوطنية للبلدان بأنه حالة طبيعية».

كان السفير الأميركي قد وصل إلى حماه مع السفير الفرنسي لدى سوريا، إلا أن المسؤول الإيراني تجاهل، خلال انتقاداته، ذكر السفير الفرنسي، وخص السفير الأميركي بهجومه.

وزار السفيران الأميركي والفرنسي حماه وهي تحت حصار دبابات الجيش السوري، وأكدا من هناك، بعد التجوال في المدينة، خلوها من الجماعات المسلحة التي تهدد أمن المدينة كما تزعم السلطات السورية.