البشير يكشف عن ملامح جمهوريته الثانية بعد انفصال الجنوب ويعلن طي الخلاف في دارفور

إجراءات تقشفية اقتصادية وتغيير للعملة ولجنة قومية للدستور وتعهد بعلاقات بناءة مع جوبا

الرئيس السوداني عمر البشير يخاطب البرلمان السوداني في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف الرئيس السوداني عمر البشير عن ملامح جمهوريته الثانية بعد استقلال الجنوب، وتعهد ببناء علاقة جوار مع الجنوب متميزة وإيجابية ومراعاة المصالح المشتركة والمحافظة على الروابط النفسية والوجدانية والاجتماعية الراسخة وذلك بتشكيل لجنة قومية للدستور الدائم دون أن يؤكد على هوية دستوره. كما أعلن البشير عن إصدار عملة نقدية جديدة خلال الأيام المقبلة وعن إجراءات اقتصادية تقشفية في سياق ترتيبات الشمال بعد الانفصال. وأعلن البشير عن التوقيع على اتفاق سلام مع بعض متمردي دارفور في مفاوضات الدوحة غدا الخميس.

إلى ذلك أعلن جهاز الأمن الوطني والمخابرات عن إطلاق سراح 50 من المعتقلين السياسيين، في وقت اتهم فيه حزب معارض السلطات باعتقال 25 من عناصر الحزب في شرق البلاد.

وقدم الرئيس السوداني عمر البشير يوم أمس أمام البرلمان ملامح الشمال الجديد بعد إعلان الانفصال السبت الماضي. وخاطب البشير البرلمان في أول ظهور عقب عودته من جوبا عاصمة السودان الجنوبي والمشاركة في احتفالات الدولة المنشقة عن الدولة الأم.

وكان البشير قد افتتح أول سفارة أجنبية في الجنوب، وقال: «إن دولة الجنوب ستكون الأطول حدودا والأكثر تداخلا ثقافيا وسكانيا فإنني اليوم أؤكد أمامكم ما أعلنته في جوبا أن علاقاتنا بدولة الجنوب الوليدة سيكون قوامها احترام العهود، والسعي الجاد لتعزيز الاستقرار، وبناء علاقة جوار متميزة وإيجابية ومراعاة المصالح المشتركة والمحافظة على الروابط النفسية والوجدانية والاجتماعية الراسخة بيننا وبين إخوتنا بالجنوب». ودعا البشير الجنوبيين إلى «العمل المشترك، والنظر إلى المستقبل، والبناء والتقدم».

وحول الأوضاع الداخلية وترتيبات ما بعد الانفصال تجاهل الخطاب إعلان موقف سياسي من الحوار مع الحركة الشعبية وقانونيتها، ومخاطبة قضايا المعارضة، إلا أنه شدد على ضرورة التوصل لتسوية للترتيبات الأمنية في إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ويشهد إقليم كردفان تمردا مسلحا ضد الخرطوم في أعقاب محاولة البشير نزع سلاح آلاف المقاتلين من عناصر الجيش الشعبي، من أبناء الإقليمين، وكانوا يحاربون إلى جانب الجنوبيين قبل التوصل لاتفاق سلام شامل منح الإقليمين المشورة الشعبية. وأضاف البشير أن «المشورة الشعبية هي في الأساس فرصة لإدارة حوار مع أبناء الولايتين، عبر آليات نص عليها القانون، للوصول إلى فهم مشترك، وأشار إلى أن حكومته ستعدل قانون المشورة الشعبية وتمديد فترة إجرائها». وأوضح البشير أن المبادئ التي تقوم عليها الجمهورية الثانية أساسها تأكيد الالتزام بسيادة حكم القانون وبسط العدل، وبث الروح الوطنية، وضمان حقوق المواطن، واتباع التجرد والشفافية في اتخاذ القرارات، والنزاهة في صرف المال العام، والمحاسبة، واعتماد معايير الكفاءة، ليكون الإنصاف قائدنا وحادينا، وقال: «إن السودان بحدوده الجديدة سيكون أكثر قدرة على حسن الإدارة والدفاع، وتقديم الخدمات واستكشاف الثروات وابتدار فرص الاستثمار». وأعلن البشير عن سياسة اقتصادية تقشفية جديدة، لتعويض ما نقص من مورد النفط، وذلك من خلال خفض الإنفاق العام، وترشيد الصرف ومراجعة أولويات التنمية، وتنويع الإنتاج وزيادة الصادرات وإحلال الواردات ومضاعفة الإيرادات، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وأكد وضع برنامج اقتصادي ثلاثي يقوم على تلك الأهداف، كما سيتم إجراء تعديلات لقانون الموازنة لاستيعاب المتغيرات الجديدة، مؤكدا على حزمة الإجراءات الاقتصادية، ومن بينها إصدار عملة جديدة في الأيام المقبلة وفق ما سيفصله البنك المركزي لمقابلة مستحقات الانفصال وما ترتب عليه من إجراءات إصدار عملة خاصة بدولة السودان الجنوبي.

وحول الصعيد السياسي أعلن الرئيس السوداني عن تشكيل لجنة قومية لتعديل الدستور وتقديمه للبرلمان لإجازته، ثم طرحه على السودانيين في استفتاء شعبي للتصويت عليه، والعمل على توافق وطني واسع عريض حول رؤية استراتيجية جامعة واستمرار الحوار السياسي لتشكيل تفاهمات تشمل الحكم وآلياته وهياكله في الفترة المقبلة.

وحول دارفور أعلن البشير عن اتفاق سيتم التوقيع عليه يوم غد الخميس في العاصمة القطرية الدوحة مع جماعة التحرير والعدالة، وأكد أن الاتفاق سيطوي صفحة الخلافات في دارفور.

فيما وجه البشير أجهزته الأمنية بإطلاق سراح المعتقلين الذين تجرى معهم تحقيقات ما لم تكن القضايا مرتبطة بالحركات المسلحة.

إلى ذلك أكد مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات محمد عطا إطلاق سراح 50 من المعتقلين، وكانت السلطات قد ألغت أحكاما بالإعدام صدرت ضدهم في قضية اقتحام قواتهم لمدينة أم درمان عام 2008، وأكد عطا خلو السجون من المعتقلين السياسيين، إلا أن الحزب الشيوعي السوداني اتهم الحكومة باعتقال 25 من عناصره في شرق السودان، كما نفت أسرة الصحافي أبو ذر علي الأمين نائب رئيس تحرير صحيفة «رأي الشعب» إطلاق سراحه رغم اكتمال مدته بالسجن كحكم قضائي. وقالت زوجة أبو ذر «لا علم لنا بقرار إطلاق أبو ذر، الذي كان يفترض إطلاق سراحه في الثالث من الشهر الجاري بعد أن قضى مدة حكمه بالسجن عقابا على مقالات كتبها انتقد فيها الرئيس البشير ونائبه علي عثمان محمد طه».