مؤرخ حزب الدعوة لـ «الشرق الأوسط»: من يحكم العراق هو حزب المالكي وليس حزبنا

الحسني: الأحزاب الشيعية فشلت في العملية السياسية لأنها جاءت إلى الحكم بعقلية الخوف

سليم الحسني
TT

أكد سليم الحسني، مؤرخ حزب الدعوة، أن «الحزب الموجود في السلطة الآن، لا علاقة له بحزب الدعوة الإسلامية» وإنه «حزب آخر، يمكن أن يطلقوا عليه اسم حزب دولة القانون أو حزب (رئيس الوزراء نوري المالكي) أو أي اسم آخر، وأن أي قيادي أو داعية يفهم فكر حزب الدعوة لا يمكن له أن يعترض على هذا الكلام».

وأضاف الحسني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حزب الدعوة «يرى أن رأي المرجعية ملزم لقراراته، لكن الذي حصل في دولة القانون أو حزب المالكي، أنهم خالفوا رأي المرجعية فيما يتعلق بنواب رئيس الجمهورية، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ العمل الإسلامي الحركي بشكل عام. ولم يكن ذلك إلا لإرضاء توجهات شخصية صرفة». وتابع «لقد استفاد المالكي من الوضع السلطوي، وصمم أجواء الحزب ومواقع القرار فيه، بما يخدم توجهاته الخاصة، وليس هناك قيادات حقيقية، إنما مجموعة محدودة من الأشخاص أغرقهم (المالكي) بالامتيازات فدانوا له بالولاء، ونسوا التاريخ والفكر والثوابت. وعندما نتحدث معهم عن الواقع الذي وصل إليه حال الإسلاميين بشكل عام، والحزب بشكل خاص، فإنهم يبادرون إلى التأييد، بل إن بعضهم يشكو من الخلل بأكثر مما نشخص، ويؤكدون أنهم ومن خلال قربهم من المالكي، يعرفون حقائق أكثر مرارة مما نكتب ونتحدث. لكنهم يمتنعون عن الكلام وحتى النصح خوفا من ضياع الامتيازات»، معبرا عن أسفه بقوله «مما يؤسف له أن بعض الشخصيات المعارضة للمالكي وقسما من الأساتذة والكتاب والمثقفين، يوجهون نقدهم للمالكي ولحزبه، على أنه حزب الدعوة، وهذه مجافاة للحقيقة، والصحيح هو أن يستبدلوا التسمية، من حزب الدعوة إلى حزب المالكي، التزاما منهم بدقة التوصيف، وحفظا للأمانة التاريخية تجاه حزب عريق عرف العراق تضحياته ورموزه على مدى عشرات السنين».

وعن سبب وقوف بعض قيادات الحزب مع المالكي إذا لم يكونوا موافقين على ممارساته، أوضح الحسني قائلا «إن القيادات المحيطة بالمالكي، باحثة عن مواقع حكومية، وهذا ما يجعلها ترتبط به مصيريا، فهو أصبح ولي نعمتها، كما أن الأشخاص القياديين الذين دخلوا إلى البرلمان، كانوا بفضل الفائض من الأصوات التي حصل عليها، وكثيرا ما يكرر (المالكي) قوله لهم، إنه لو لا أصواته لما قدر لهم أن يروا باب البرلمان. بالمقابل ومن أجل أن يثبت هؤلاء ولاءهم له، فقد بادروا إلى إقصاء القيادات والكوادر القوية وأصحاب التاريخ والعمق الفكري والسياسي، لكي يتسنى لهم التحكم بمقدرات الحزب، وتحقيق طموحاتهم الشخصية». وكشف الحسني عن أنه «قبل أسابيع قليلة برز اتجاه داخل شورى الحزب، وقسم من أعضائه، بأهمية بلورة موقف واضح، وطرحه على القيادة، لمساءلتها عن هذا الضعف في قراراتها ومواقفها، وانصرافها عن شؤون الحزب إلى المناصب الحكومية، بحيث لم تعد هناك قيادة، إنما عدة أشخاص في مكتب المالكي يمتلكون القرار والرأي»، منبها إلى أن «بعض القياديين المقربين من المالكي، بدأوا يشعرون بالخوف على مستقبلهم، فقد ارتبط مصيرهم الحزبي والسياسي بشخصه كرئيس للوزراء، ولو ترك منصبه لأي سبب، فلن يكون لهم مكان لا في الحزب ولا في العملية السياسية».

وعبر الحسني، وهو كاتب ومفكر سياسي له مؤلفات عدة في مجال العمل السياسي الإسلامي، الشيعي خاصة، عن اعتقاده أن «الأحزاب الإسلامية (الشيعية) فشلت بشكل واضح في العملية السياسية، والسبب أنها جاءت إلى الحكم بعقلية الخوف من ضياع الفرصة، وقد دفعها هذا الخوف الوهمي إلى التخلي عن تاريخها وأفكارها وشعاراتها السابقة، والدخول في المسابقة السلطوية»، مشيرا إلى أنه «في السنوات القليلة التي سبقت سقوط نظام صدام، كان الإسلاميون، وتحديدا حزب الدعوة، قد توصل إلى قناعة مفادها أن فترة ما بعد صدام ستكون أميركية صرفة، وأن الولايات المتحدة لن تسمح للإسلاميين أن يحكموا العراق، وإن سمحت بذلك فإنها ستضع من العراقيل والمعوقات ما يتسبب في فشلهم وعجزهم عن بناء البلد، ولقد تمت مناقشة ذلك في اجتماع للمكتب السياسي عام 1998 بشكل مطول وتم الاتفاق على ضرورة أن ينأى حزب الدعوة بنفسه عن عملية تشكيل الحكومة، لكن الذي حدث أن الإسلاميين تركوا ثوابتهم وقراراتهم السابقة، ودخلوا ميدان التسابق على المواقع، مدفوعين بروح التنافس التي سقط فيها الجميع».