قبرص: غضب ومحاولات حكومية للتملص من المسؤولية بعد الانفجار الدامي

الحكومة: حاولنا عبثا التخلص من شحنة الأسلحة الإيرانية التي طالها الحادث

TT

أكد مسؤول كبير أمس أن قبرص حاولت عدة مرات التخلص من شحنة خطيرة من الذخيرة الإيرانية المصادرة التي انفجرت أول من أمس وخلفت 12 قتيلا و62 جريحا، لكن الأمم المتحدة رفضت هذه المحاولات. وجاء هذا فيما سادت مشاعر الغضب داخليا أمس غداة الانفجار الذي وقع في القاعدة العسكرية البحرية الرئيسية في جنوب الجزيرة.

وفي محاولة لتفادي النقد المتصاعد لها بسبب أسوأ كارثة تشهدها قبرص في وقت السلم، قالت السلطات إنها حاولت بدون جدوى التخلص من 98 حاوية ذخيرة صادرتها عام 2009 من سفينة كانت في طريقها من إيران إلى سوريا. وانفجرت الشحنة بأكملها أول من أمس، الأمر الذي أدى إلى تدمير أكبر محطة للكهرباء في الجزيرة واستقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان. وقال ستيفانوس ستيفانو المتحدث باسم الحكومة «موقف حكومتنا في هذه القضية الدبلوماسية الصعبة كان ألا يتم تخزين هذه المواد في قبرص». غير أنه أضاف أن قبرص لم يكن أمامها من خيار سوى إدخال شحنة الأسلحة بعد رفض اقتراحها بإرسالها إلى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان وعدم تلقيها ردا من مجلس الأمن بشأن إرسالها إلى ألمانيا أو مالطا. ولم يتم بعد تقييم الخسائر المادية للكارثة.

وأتى الانفجار تقريبا على محطة فاسيليكوس للكهرباء التي تكلفت 700 مليون يورو والتي تنتج 53 في المائة من كهرباء الجزيرة. وألحق الانفجار أضرارا جسيمة بالمحطة، ويتوقع أن يستغرق إصلاحها أسابيع أو حتى شهورا.

وأطلقت دعوات للتظاهر احتجاجا على «الإهمال الحكومي»، فيما كان متوقعا تنظيم تجمع كبير مساء أمس في نيقوسيا. واتهمت الصحف السلطات بالإهمال الجنائي وأنحت باللائمة مباشرة على الرئيس ديميتريس كريستوفياس الذي تولى السلطة عام 2008. وذكرت صحيفة «سايبرس ميل» الليبرالية التي تصدر باللغة الإنجليزية في افتتاحيتها «كانت كارثة يمكن تفاديها لو كان يدير بلادنا رئيس أكثر كفاءة».

وعنونت صحيفة «بوليتيس» (مستقلة) «اثنا عشر قتيلا والاقتصاد في تراجع بسبب لا مبالاة إجرامية». وأعلنت السلطات أن التيار الكهربائي سيتوافر للقبارصة بين الثامنة صباحا والثامنة مساء بوتيرة ساعتي تغذية وساعتي انقطاع. ودعت السكان إلى الحد من استخدام المكيفات فيما تراوح درجات الحرارة بين 35 و40 درجة مئوية في هذا الموسم السياحي.

ويتوقع ألا تكون المحطة جاهزة للتشغيل قبل ستة أشهر وقد يكلف إصلاحها مليارات اليورو بحسب سلطة تنظيم الطاقة في قبرص. وتجري حاليا مفاوضات مع إسرائيل واليونان لشراء تيار إضافي بحسب السلطات. ووعدت اليونان، التي أرسلت خبراء بالمتفجرات للمساعدة في التحقيق، بمولدين لدعم إنتاج الكهرباء.

وقال ستيفانو إن الأسلحة التي صودرت كانت انتهاكا لعقوبات الأمم المتحدة على إيران ولذلك اضطرت المنظمة الدولية إلى المشاركة في المشاورات بشأن مصيرها. وقالت مصادر عسكرية إن جميع حاويات الأسلحة التي تركت معرضة لدرجات حرارة مرتفعة في قاعدة عسكرية دمرت في الانفجار. وكشفت صحيفة «إليثيا» أن عدة انفجارات صغيرة حصلت في المستودع قبل أيام من الحادث، لكن تم تجاهل الطلبات بسحب الحاويات.

إلى ذلك، كشفت برقيات دبلوماسية أميركية نشرها موقع «ويكيليكس» أن الشحنة كانت تحتوي على «قذائف من العيار الثقيل وذخائر لأسلحة خفيفة». وقد تمت مصادرة الشحنة في يناير (كانون الثاني) 2009 على متن سفينة ترفع العلم القبرصي وكانت متجهة إلى سوريا. وخلصت الأمم المتحدة في مارس (آذار) الماضي إلى أن الشحنة تنتهك الحظر المفروض على إيران في إطار العقوبات المرتبطة ببرنامجها النووي المثير للجدل. وبحسب البرقيات التي كشفها «ويكيليكس» فإن واشنطن ضغطت لكي يتم تفتيش السفينة في ليماسول ثم تمت مصادرة الشحنة بعد ذلك.

وبين الضحايا قائد البحرية القبرصية وقائد القاعدة العسكرية وكذلك أربعة ضباط وستة من رجال الإطفاء. وقد أعلنت الحكومة الحداد الوطني لثلاثة أيام. ونقلت وكالة الأنباء القبرصية عن رئيس وحدة العناية المركزة في المستشفى العام في نيقوسيا تيودوروس كيبريانو أن اثنين من الجرحى الـ 62 في حالة «حرجة جدا».