مخاوف الثوار الليبيين تتزايد على أبواب شهر رمضان

يقاتلون في ظروف صعبة ويفتقرون إلى السلاح والتدريب

TT

يشعر الثوار الليبيون الذين يقاتلون قوات معمر القذافي في المناطق الجبلية في غرب ليبيا، بالخوف من أن يعوقهم نقص الإمدادات وغيره من العقبات الأخرى، من تحقيق تقدم كبير قبل التباطؤ المتوقع للقتال مع حلول شهر رمضان الشهر المقبل.

ويقول قادة الثوار، إن محدودية الوقود والماء والغذاء، يمكن أن تؤثر سلبا على القوة القتالية بسبب ارتفاع درجات الحرارة في التلال الجبلية القاحلة التي يقاتل فيها الثوار ببطء، ولكنهم يحققون مكاسب في حربهم ضد القوات الموالية للقذافي.

وقال العقيد جمعة إبراهيم، وهو قائد بارز في صفوف الثوار: «سيكون رمضان أكثر صعوبة بالنسبة لنا». ومن الجدير بالذكر أن شهر رمضان سيتزامن مع حلول شهر أغسطس (آب).

ويبدو أن الثوار يتطلعون إلى تعزيز الزخم الذي حققوه بعد سلسلة انتصاراتهم في المناطق الجبلية، وهناك إشارات على أن الأمور تسير بشكل حاسم ضد القذافي وقواته.

ولا يزال القتال الدائر على جبهتين رئيسيتين في شرق البلاد متوقفا إلى حد كبير، حيث إن كلا الطرفين غير قادر على تحقيق تقدم مستمر وعلى نطاق واسع. ولا يزال القذافي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد، بما في ذلك العاصمة طرابلس وممر رئيسي في شرق العاصمة يعد ممرا حيويا للإمدادات. وقال إبراهيم، وهو طيار في سلاح الجو الليبي وانشق عن القذافي، ويعد الآن واحدا من كبار قادة الثوار في جبال نفوسة: «يفكر معظم الناس في الأسلحة فقط، ولكن يتعين علينا التفكير في كل شيء: المياه والمواد الغذائية والأحذية والملابس والمعدات».

وأشار إبراهيم إلى أن الإسلام يسمح للمقاتلين بالإفطار في نهار رمضان في أوقات الحرب، لكنه قال إن زعماء الثوار يأملون في أن يخطوا خطوات جريئة قبل نهاية الشهر الجاري.

وأضاف في مقابلة أجريت معه، مؤخرا، في مركز القيادة العسكرية للثوار في مدينة الزنتان: «إننا لا نريد أن نقاتل خلال شهر رمضان، ولذا نحاول جاهدين إنهاء السير نحو طرابلس قبل نهاية الشهر الجاري».

ويبدو أن حكومة القذافي عازمة على التمسك بمدينة غريان، التي تعد آخر مدينة جبلية تقع على إحدى الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة طرابلس. وقام مسؤولون حكوميون باصطحاب صحافيين غربيين إلى المدينة يوم الأحد الماضي في محاولة لإظهار أن دعم القذافي لا يزال قويا هناك.

ومع ذلك، ذكرت وكالة «أسوشييتد برس»، أنه قد تم طلاء بعض الأماكن على جدران المنازل في مدينة غريان، لإخفاء الشعارات المناهضة للقذافي، على ما يبدو، على الرغم من ظهور عبارات مثل «ليبيا حرة».

وعلى الرغم من أن الثوار في المناطق الجبلية يعرفون تضاريس المنطقة بشكل أفضل من عدوهم، فإن معظمهم لا يملكون المعدات الكافية ولا يتدربون بشكل كاف. وعادة ما يقاتل الثوار وهم محتمون وراء شاحنات صغيرة تحمل بعضها بنادق عفى عليها الزمن.

وقال حسين محمد (30 عاما)، وهو جندي سابق في الجيش الليبي، أصبح يقاتل مع الثوار، الآن: «إننا لا نملك خوذات أو دروعا. ولم يتلق الكثير من الثوار أية تدريبات: إنهم طلاب وأطباء ومهندسون ومدنيون».

وقد سيطر الثوار على قرية غواليش الأسبوع الماضي، ويستعدون الآن لخوض معارك للسيطرة على بلدة الأصابعة، في طريقهم نحو العاصمة طرابلس، ثم إلى غريان التي تعد السيطرة عليها بمثابة نصر مهم، لأنها سوف تغلق أحد المدخلين اللذين تستخدمهما قوات القذافي لإمداد قواتها في طرابلس. وقال إبراهيم إن زعماء الثوار على اتصال مع سكان مدينة غريان، في محاولة لتقييم مدى استعدادهم للوقوف إلى جانب الثوار، وأضاف: «إنهم يعدون أنفسهم. يجب أن يكون سكان غريان على استعداد، ولكنهم بحاجة إلى أسلحة ومعدات».

وقد اتخذت الحكومة موقفا دفاعيا بعد التقدم الذي حققه الثوار في الآونة الأخيرة، والغارات التي شنها حلف شمال الأطلسي على دبابات وقاذفات صواريخ الجيش الليبي.

وبعد استحواذ الثوار على بعض المناطق الجبلية، سعت القوات الموالية للقذافي إلى إبطاء تقدمهم من خلال زرع الألغام المضادة للأفراد والدبابات، وفقا لما صرح به الثوار وباحثو منظمة «هيومان رايتس ووتش».

وقال سيدني كويرام، وهو باحث في منظمة «هيومان رايتس ووتش»، يقوم بتوثيق حقول الألغام في الجبال: «إن وضع الألغام يعني أن الثوار لا يستطيعون التقدم خلسة من مواقعهم. وإذا ما تم الاستمرار في زرع الألغام في الأماكن التي تتحصن بها قوات القذافي، فإن المدنيين سيجدون صعوبة في العودة، وسيكون هناك خطر كبير على سلامتهم».

وفي أعقاب المعارك في قرية غواليش يوم الأربعاء الماضي، أشارت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، إلى أنها قامت بتوثيق 240 لغما مضادا للأفراد و72 لغما مضادا للدبابات، كان قد تم وضعها على طول الطرق التي يستخدمها الثوار.

وقال إبراهيم إن حقول الألغام قد أصبحت واحدة من أكثر المشاكل التي تؤرق الثوار، وأضاف: «ليس لدينا عدد كاف من الخبراء في هذا الشأن».

وإذا نجح الثوار في الاستيلاء على غريان، حسب تصريحات إبراهيم، فسوف يخططون لشن هجمات على طرابلس من مواقع جبلية عدة. وستعتمد جدوى مثل هذه الخطوة، بشكل أساسي، على مدى نشاط طائرات حلف الناتو خلال الأسابيع المقبلة، في ضرب الأهداف العسكرية للنظام بين الجبال وفي طرابلس.

وقال أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، الأسبوع الماضي إن التحالف ليس لديه أية خطط لإبطاء العمليات خلال شهر رمضان. وقال للصحافيين في بروكسل: «نأمل أن يتوقف نظام القذافي عن مهاجمة وقصف شعبه خلال شهر رمضان».

ويقول الثوار في المناطق الجبلية، إنهم يعبرون عن شكرهم لحلف شمال الأطلسي بسبب تكثيف جهوده للحد من القدرات القتالية للقذافي في الجبال والمناطق المحيطة بها، غير أنهم يقولون إن التحالف يمكن أن يفعل أكثر من ذلك بكثير. على سبيل المثال، لا يملك الثوار في المناطق الجبلية خط اتصال مباشرا مع مقر حلف شمال الأطلسي، ويتعين عليهم تبادل الرسائل عبر مستشارين عسكريين أوروبيين في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.

وقال العقيد عبد الله المهدي، وهو ضابط بالقوات الجوية كان قد انشق عن قوات القذافي وانضم إلى الثوار الذين يقاتلون في المناطق الجبلية: «لقد ساعدنا الحلف كثيرا وأنقذنا في العديد من المعارك، ولكن لماذا لا يمكن لممثل عن الحلف أن يأتي إلى هنا ويبقى معنا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»