المالح وغليون للبرلمان الأوروبي: القمع تنفذه فرق موالية للنظام والجيش لم يتورط بكامله

فندا مزاعم الاحتقان الطائفي وأكدا قدرة السوريين على العيش بشكل آمن وسلمي

TT

شارك وفد من المعارضة السورية في جلسة نقاش داخل لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي في بروكسل، حول الأوضاع في سوريا خاصة ما يتعلق بالاحتجاجات والقمع، وخلال المناقشات استمع أعضاء الوفد السوري الذي ضم كلا من برهان غليون وهيثم المالح إلى وجهة نظر أعضاء في الكتل الحزبية الأوروبية المختلفة، حول الوضع في سوريا، وركز كل من المالح وغليون في مداخلتهما أمام النواب في المؤسسة التشريعية الأوروبية على توضيح الصورة وتفنيد مزاعم تتعلق بأن ما يحدث في البلاد نتيجة احتقان طائفي، كما حاولا طمأنة النواب بشأن مستقبل المسيحيين في البلاد، وأكدا على قدرة السوريين على الاستمرار في العيش بشكل سلمي وآمن وضمن علاقات طيبة قائمة على المواطنة بين مختلف أطياف الشعب السوري وقدم كل من غليون والمالح الأسباب التي دفعت قوى المعارضة الرئيسية وشخصياتها المعروفة، للامتناع عن المشاركة في الحوار الذي جرى تنظيمه مؤخرا من جانب النظام السوري، وأشارا إلى أن رفض المعارضة للحوار يتعلق بعدم قدرة النظام السوري على التخلي عن الحل الأمني. فلقد «طالبنا السلطات السورية بسحب الدبابات وعناصر الأمن وفك الحصار عن المدن، من أجل أن يتم الحوار، فلم تستجب لنا»، على حد قول المعارض هيثم المالح.

وانتقد المالح النظام السوري الذي يريد إجراء حوار بشروطه هو دون الأخذ بعين الاعتبار شروط المعارضة وتطلعاتها، «وهذا ما رفضته كافة أطياف المعارضة»، واصفا بـ«الفاشل» اللقاء التشاوري الذي تم قبل أيام في دمشق وقاطعته أهم فئات المعارضة، وطالب وفد المعارضة السورية من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، تقديم الدعم والمساندة السياسية للشعب السوري في مسيرته الحالية نحو الديمقراطية. مع التأكيد على أن مطلب الشعب السوري هو الانتقال بسلاسة نحو دولة مدنية ديمقراطية وطلب المعارضان السوريان من البرلمان الأوروبي، دعم خيار الشعب السوري عبر إجراءات محددة يمكن تدارسها، وأعربا عن «الأمل بأن يقوم نواب ومسؤولون أوروبيون بزيارة سوريا لدعم المتظاهرين المسالمين».

على الجانب الآخر انتقد رئيس لجنة العلاقات مع المشرق في البرلماني الأوروبي ماريو ديفيد، بشدة المواقف الدولية تجاه الوضع في سوريا، واصفا إياها بـ«المخادعة ومزدوجة المعايير»، وأعرب ديفيد عن قناعته بأن الإجراءات الأوروبية «غير كافية»، وقال: «يخطئ من يظن أن العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد من قبيل تجميد أموال المسؤولين ومنعهم من السفر قادرة على دفعه لتغيير سلوكه». ورأى ديفيد (مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي – البرتغال)، أن أي تدخل عسكري لا يمكن أن يكون مجديا في سوريا، مع ملاحظة رفض السوريين التام لهذا الخيار، «ومن هنا لا بد من البحث عن طرق أكثر فاعلية لوقف ما يجري حاليا في البلاد». ومن جهته، طالب البرلماني الأوروبي غيرت بوتورينغ، (مجموعة الحزب الشعبي - ألمانيا)، المعارضة السورية بصياغة أفكار محددة ليستطيع البرلمان الأوروبي تقديم العون، «قولوا لنا كيف تريدون لنا أن نساعدكم»، أما البرلماني عن مجموعة الليبراليين الديمقراطيين، الهولندي باستيان بيلدر، فقد طرح أسئلة جدية تعبر عن قلق البرلمان الأوروبي لوضع المسيحيين في سوريا، خاصة فيما لو رحل نظام الأسد، حيث «يجب أن يبقى هذا البلد متنوعا»،.

وأشار إلى أن قوى المعارضة تجتمع على عدة أمور أساسية أهمها التوافق على الانتقال إلى نظام ديمقراطي بعيدا عن النظام الحالي، وعلى رفض أي تدخل أجنبي في البلاد، انطلاقا من مبدأ حرص السوريين على حل مشاكلهم بأنفسهم وعلى وحدة الدولة السورية بصرف النظر عن الانتماء الطائفي والعرقي لمواطنيها، بالإضافة إلى قناعة كافة قوى المعارضة بأهمية الحفاظ على الطابع السلمي للمظاهرات، كما عبر المالح وغليون عن ثقة أطياف المعارضة السورية بقدرة الجيش السوري على اتخاذ موقف حازم يؤدي إلى وقف حمام الدم الحالي في البلاد، حيث «لم يتورط الجيش بكامله في القمع الحاصل حاليا في البلاد، بل اقتصر الأمر على تدخل فرق عسكرية موالية لنظام الأسد وستبقى كذلك، أما بقية قطاعات الجيش، فنحن على ثقة أنها ستتخذ الموقف المناسب لموقعها الوطني»، على حد تعبيرهما وتحدث المعارضان عن وجود تدخل إيراني وصفاه بـ«المحدود» في الأزمة السورية، إذ أكدا عدم ملاحظة وجود عناصر إيرانية على الأرض واقتصار دور طهران على المشورة وتقديم الخبرات للنظام السوري ورأى المعارض برهان غليون، من جانبه، أن على أوروبا أن تعمل مع الأطراف الإقليمية مثل إيران وتركيا ومصر ودول الخليج لمعالجة الأزمة السورية، فـ«نأمل منكم التعاون في التوصل إلى تفاهم دولي مع ملاحظة أن السوريين لا يريدون معاداة أي طرف على حساب آخر، بل يريدون إقامة علاقات مبنية على المصالح».

وكان البرلمان الأوروبي قد أجرى نقاشا الأربعاء الماضي بحضور كاثرين اشتون منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وأقر النواب في أعقاب ذلك مشروع قرار يدين استعمال العنف والقمع ضد المتظاهرين ودعوا الأمم المتحدة إلى إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدين العنف في سوريا.