مواقف الحريري الجديدة ترسم خريطة طريق لإسقاط حكومة ميقاتي سلميا

فرعون لـ «الشرق الأوسط» : سنواجه الانقلاب الذي جير القرار اللبناني مجددا إلى سوريا

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري خلال المقابلة التي اجرها معه تلفزيون الـ«أم.تي.في» اللبناني أمس (إ.ب.أ)
TT

تفاعل المشهد السياسي في لبنان، أمس، مع حوار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ام تي في، والذي شن فيه هجوما على حزب الله وسوريا، متهما إياهما بالتسبب في سقوط حكومته السابقة، و بدا واضحا أن مواقف رئيس الحكومة اللبنانية السابق ، التي أكد فيها أن «مشكلة لبنان الحقيقية تكمن في سلاح حزب الله الذي يتحكم في البلد»، وتشديده على «عزم المعارضة على إسقاط حكومة نجيب ميقاتي بالوسائل السلمية والديمقراطية» - رسمت خريطة طريق المعارضة الجديدة المتمثلة بقوى «14 آذار» للمرحلة المقبلة، وهو ما عبرت عنه الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، التي أعلنت أمس «بدء مرحلة العمل من أجل إسقاط حكومة نجيب ميقاتي بكل الوسائل السلمية والديمقراطية»، وقالت في بيان لها بعد اجتماعها أمس «لسنا من هواة استجرار ويلات أمنية أو دبلوماسية على لبنان، وقد تم تقييم دقيق للإمكانات المتوافرة لدينا وكيف يمكن مواجهة الحكومة، والنواب (المعارضة) سيقومون بعملهم والأحزاب كذلك، والهدف ليس فقط إسقاط الحكومة، بل انتقال لبنان من الموقع غير الطبيعي إلى موقع طبيعي بحيث تلتزم الدولة بالقرارات الشرعية ويكون السلاح بيدها»، مؤكدة «الحفاظ على الطابع الأمني والديمقراطي للمعارضة».

وكان الحريري قد شن هجوما شرسا على سوريا عندما قال: «البعض يتهمني بالعلاقة بالأحداث في سورية... كل ما أقوله إن الشعب السوري يقول كلمته ولا يمكن اتهام الشعب بأنه يخرب البلد، هناك طريق إصلاح حاول ان يمشي بها الأسد ولكن حتى الآن لا إصلاحات، نحن لا نتدخل والذي يحصل هو ظلم وجريمة، يقولون إن تيار المستقبل يتدخل والبعض الآخر يقول إن حزب الله يتدخل، هناك تظاهرات في سورية حصلت ولا يمكن ان ننكر ذلك... في تظاهرات النظام لم يحرق علم لتيار المستقبل ولكن في التظاهرات الأخرى حرقت أعلام، لا يمكن أن لا نتضامن مع الشعب السوري... لا أحد يعرف ما الذي يحصل في المنطقة ولا أحد يتوقع ما الذي سيحصل في المستقبل، لست متخوفاً على المنطقة نتيجة الذي يحصل والكلام عن التقسيم والتفتيت غير صحيح».

واضاف الحريري: «أقول للرئيس بشار الأسد إن أحداً ليس أكبر من بلده وإن الشعب السوري هو عماد الدولة السورية، يجب الحفاظ عليه وأقول للرئيس ميشال سليمان هناك خطاب قسَم كنا نتمنى أن يكمله لأننا نتمنى له عهداً أفضل، ولا أظن ما يحصل اليوم هو جزء من خطاب القَسَم، وأقول للرئيس بري نريدك شريكاً في الوطن وليس شريكاً في تخبئة المتهمين. وأن لا يضع أحداً نفسه في هذه الخانة. أما وليد جنبلاط فأحترمه كزعيم، أنا لا أتوافق معه في كلامه ضدنا وهذا رأيه السياسي، وأنا أختلف معه الآن».

في هذا الوقت، أعلن عضو تكتل «لبنان أولا» النائب ميشال فرعون، أن «كلام الرئيس سعد الحريري، شدد على استكمال عناوين ثورة الأرز، التي أقرت طاولة الحوار الوطني معظم بنودها من دون أن ينفذ منها شيء»، وأشار فرعون في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحريري «سلط الضوء على أن الانقلاب الذي حصل في لبنان وأن بعدة ديمقراطية وقلب المعادلة السياسية بالقوة، وأعاد البلاد سنوات إلى الوراء من خلال تأليف هذه الحكومة، وتجيير القرار السياسي إلى سوريا بعد أن استعاد لبنان شيئا لا بأس به من العلاقات المتوازنة بين البلدين، وهو ما سنواجهه بكل الوسائل الديمقراطية». ولفت إلى أن «عتب الرئيس الحريري كان كبيرا جدا على حلفاء ثورة الأرز مثل الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنائب وليد جنبلاط، الذين انقلبوا على مبادئ هذه الثورة وخيارات جماهيرها». وقال «لقد كانت طلة الرئيس الحريري الإعلامية محطة مهمة وأساسية خصوصا بعد تأليف الحكومة». وعما إذا كانت المعارضة تراهن على سقوط النظام في سوريا كخطوة أساسية لإسقاط الحكومة الجديدة، أوضح أن «اللبنانيين لا يرغبون في التدخل في الشؤون السورية، لكن لا شك في أن النظام السوري، العاجز عن مواجهة ثورة شعبه في الداخل، يستقوي على اللبنانيين اليوم، وكل ما يهمنا هو ألا ينعكس الوضع في سوريا على الساحة اللبنانية»، مشددا على «تحصين الساحة الداخلية عبر العودة إلى عناوين تسوية الدوحة، التي تؤكد ضرورة العودة إلى بحث الاستراتيجية الدفاعية، وعدم استعمال السلاح في الداخل، واحترام المحكمة الدولية والتعاون معها، ووقف تخوين اللبنانيين لبعضهم».

إلى ذلك، شدد مستشار الرئيس سعد الحريري، وزير المال الأسبق محمد شطح على «حاجة اللبنانيين لأن يكون وطنهم مستقرا آمنا تسود فيه دولة المؤسسات والقانون». ولفت إلى «دور قوى (14 آذار) في المحافظة على وجه لبنان الحضاري»، مشيرا إلى «الممارسة السلمية الديمقراطية للمعارضة، وذلك بالإصرار على رفض كل ما يهز سيادة الدولة وهيبتها»، معتبرا أنه «يمكن لحزب الله أن يكون مرتبطا بإيران وحليفا لسوريا، ولكن ليس مقبولا أن يجعل من لبنان ساحة للحروب»، متمنيا على شباب لبنان أن «يبقوا أمينين على حمل الهوية اللبنانية أينما وجدوا وأن يستمروا في التواصل مع وطنهم الأم، مما يبقي لبنان حاضرا في الأسرة الدولية». ولفت عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري إلى أن «كلام الرئيس سعد الحريري أتى بعد فترة سمع فيها الكثير من الأضاليل وتحوير الحقائق واستنتاجات خاطئة وروايات، جزء كبير منها لا يمت إلى الحقيقة بصلة، وتصويره على أنه يسعى إلى السلطة، في حين أنهم من صنف الملائكة والقديسين». وختم مؤكدا أن «غياب الرئيس الحريري مؤقت، كما أن غيابه لا يمكن اعتباره فعليا، إذ إنه على اطلاع على كل كبيرة وصغيرة تجري في البلد». وقال «لسنا دعاة تقوقع وانعزال وقطيعة، ولكن الثقة بيننا وبين حزب الله مهزوزة بعمق، فنحن نستخلص العبر من التجارب السابقة، وقد سبق أن وصلنا معهم إلى اتفاقات على أمور معينة ليتبين لنا في ما بعد أنه تم تظهيرها على غير حقيقتها مثلما حصل في مسألة الـ«س – س» والمحكمة الدولية والسلاح خارج المخيمات الفلسطينية وترسيم الحدود وغيرها»، مؤكدا أن المعارضة «جاهزة وتؤيد الحوار، ولكن ليس الحوار للحوار». في المقابل، أعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، أن «كلام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بسبب خروجه من السلطة»، ورأى أن «الحريري أكد وعبر حديثه عدم صدقية المحكمة الدولية، وأنهم يريدون اتهام حزب الله وإعدامه وبعدها يفتحون ملفه»، وقال «هناك تناقض واضح برز في كلامه عن الحكومة واستمراريتها». بدوره، رد وزير المال محمد الصفدي على كلام الحريري، فقال «لم يكن الشيخ سعد مضطرا إلى توسل الغرائز المذهبية ليحرض على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي، لأنه بذلك يخرج أولا عن تراث أبيه ويشوه الحقيقة باسم البحث عن الحقيقة، وهو لم يعرض على اللبنانيين برنامج المعارضة في وجه الحكومة، لأنه يريد إسقاطها في الشارع وليس في البرلمان». وأضاف «الإساءة الشخصية نتغاضى عنها، لكننا لا ولن نفرط في كرامة طرابلس التي نمثلها بإرادة أبنائها، فطرابلس ليست ملكا لأحد، ولا الطائفة السنية يمكن اختصارها في شخص مهما علا شأنه».