14 يوليو في العراق.. عطلة يتيمة بين عهدين

همشه صدام.. والعهد الجديد اكتفى بجعله عطلة رسمية

TT

على الرغم من أن هناك شعورا بعدم الرضا لدى العراقيين عما حصل للعائلة المالكة في العراق التي كانت الضحية الأولى لـ«ثورة» 14 يوليو (تموز) عام 1958 التي قادها ما عرف بـ«الضباط الأحرار» بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم فإنه لا يزال ثمة مشاعر مضطربة لهذا اليوم بعد مرور أكثر من نصف قرن على انتقال العراق من العهد الملكي (1921 – 1958) إلى العهد الجمهوري (1958 وحتى اليوم).

وإذا كان من تبقى من كبار السن من العراقيين ممن كانوا قد عايشوا العهدين معا بات يشير إلى الفارق الواضح بين العهد الملكي وما تلاه من عهود جمهورية أغرقت البلاد في العديد من الحروب والمآسي، فإن بين العراقيين أبناء الطبقة السياسية العراقية ممن ينتمون إلى حركات وأحزاب كانت ناشطة آنذاك من بعثيين وشيوعيين وقوميين يحاول كل طرف أن يربط «الثورة» به مرة وبمثيلتها ثورة يوليو المصرية التي قادها جمال عبد الناصر وعبر حركة سميت أيضا بحركة «الضباط الأحرار» في مصر عام 1952.

ومثلما أن ثورة عبد الناصر أكلت أبناءها فإن ثورة عبد الكريم أكلتهم أيضا. الفارق بين الحركتين أن الثورة المصرية تأخرت قليلا في عملية تفعيل الخلافات بين كبار زعماء الثورة فيما اندلعت خلافات «الثورة» العراقية بين قائديها قاسم وعبد السلام عارف بعد شهرين من قيامها لتنتهي القصة كلها بين سجن وأحكام بالإعدام ومن ثم عفو من قبل قاسم لرفيق دربه القديم عارف، واعتقال ومحاكمة سريعة وتنفيذ لحكم الإعدام فورا من قبل عارف لرفيق دربه القديم قاسم يوم التاسع من فبراير (شباط) عام 1963 بعد قيام حركة فبراير (شباط) أو 14 رمضان من قبل البعثيين.

وإذا كان البعثيون قد قاموا عام 1959 بتنفيذ أول محاولة اغتيال بحق عبد الكريم قاسم وكان صدام حسين أحد المساهمين فيها فإنهم نفذوا في غضون عقد من الزمن محاولتين انقلابيتين الأولى عام 1963 والأخرى عام 1968 والتي تمكنوا فيها من الإمساك بقبضة السلطة بيد من حديد على مدى 35 عاما قضوا خلالها على كل خصومهم بمن فيهم حلفاؤهم أول عهدهم بالتغيير من الشيوعيين. وفي الوقت الذي تغيرت فيه عهود وأنظمة حكم سالت خلالها المزيد من الدماء في الشوارع فإن يوم 14 يوليو أصبح في كل العهود رمزا للتغيير عندما تم التعامل معه كعطلة رسمية. لكن نظام صدام حسين ومنذ أوائل ثمانينات القرن الماضي عمل على تغيير الأولويات في التعامل مع المناسبات السياسية. ففيما كان يوم الرابع عشر من يوليو ليس فقط عطلة رسمية في البلاد بل عيدا وطنيا بوصفه رمزا للتغيير من عهد إلى عهد فإن صدام أصدر قرارا من مجلس قيادة الثورة آنذاك اعتبر فيه يوم 17 يوليو هو العيد الوطني للبلاد مكتفيا باعتبار 14 يوليو «مجرد عطلة رسمية».

أما بالنسبة للعهد الجديد فإنه لا يبدو معنيا بهذا الأمر سوى صدور أمر اعتبرت فيه الحكومة يوم 14 يوليو عطلة رسمية ليضاف إلى عدد كبير من العطل الرسمية وغير الرسمية التي «يتمتع» بها العراقيون على مدار العام.