لمغرب: حزب «الأصالة والمعاصرة» يقر بوجود مشاكل تنظيمية داخل صفوفه

توالي الهزات داخل الحزب بعد أن استهدفته احتجاجات وشكوك حول قدرته على الحصول على المرتبة الأولى

TT

أقر حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي (معارضة برلمانية) بوجود مشكلات تنظيمية، وقال بيان أصدرته قيادة الحزب أمس إنها ستعكف على معالجة هذه المشكلات التي تفجرت في منطقة مراكش. وكان الحزب احتل المرتبة الأولى في انتخابات بلدية جرت قبل سنتين، وهو يطمح الآن إلى تحقيق النتيجة نفسها في انتخابات تشريعية مبكرة حدد لها شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال بيان أصدره الحزب أمس إن المكتب الوطني للحزب قرر تشكيل فريق من بين أعضائه لإيجاد الحلول المناسبة لمشكلات ذات طبيعة تنظيمية في منطقة مراكش. ورفضت قيادة الحزب استقالة فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مراكش، من صفوف الحزب. وقال البيان «لا بد من استمرار المنصوري في تجربتها الرائدة على رأس مجلس مدينة مراكش».

وكانت فاطمة الزهراء المنصوري تراجعت عن استقالتها من منصب عمدة مدينة مراكش، وهي السيدة الوحيدة التي تشغل هذا المنصب في المغرب، وسلطت تلك الاستقالة الأضواء على متاعب يعانيها حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي أسسه فؤاد عالي الهمة، وهو شخصية مقربة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، بعد أن استقال الهمة نفسه من رئاسة لجان أساسية داخل الحزب. وكان مؤسسو هذا الحزب يراهنون على الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، بيد أن ابتعاد الهمة عن قيادته، واستهدافه من طرف المظاهرات الاحتجاجية، أدى إلى أن يخبو الوهج الذي كان يحظى به عند تأسيسه.

وكانت المنصوري قدمت استقالتها، في ظل حديث متواتر عن تفجر سيل من ملفات الفساد في مراكش، التي تعد العاصمة السياحية للبلاد، وهي ملفات وصلت إلى المحاكم، وبعض الذين يتابعون في هذه الملفات أعضاء سابقون وحاليون في المجلس البلدي للمدينة.

وقالت مصادر مطلعة إن استقالة المنصوري تؤشر إلى مشكلات مرتبطة بالصراعات داخل حزب «الأصالة والمعاصرة»، من جهة، وكذلك إلى طريقة عمل المجلس البلدي في مراكش، وأشارت هذه المصادر إلى أن المنصوري متمسكة بممارسة مهامها كاملة، ويتضح ذلك في بيان الاستقالة، حيث قالت «إنها واجهت عددا من المشكلات المرتبطة، بالأداء التنظيمي لحزبها (الأصالة والمعاصرة)». التي تحول كما قالت «دون تحقيق أهداف الحزب في تجديد الممارسة السياسية وتخليقها وانفتاحها، وإفراز نخب جديدة مقتدرة ومواجهة الفساد الضاغط». وشددت المنصوري على أن استقالتها من الحزب، وبالتالي من رئاسة المجلس البلدي «جاءت انطلاقا من مسؤوليتها وحرصها على المصلحة العامة لسكان مراكش، ووفاء لمبادئ الحزب وفي مقدمتها مناهضة كل أشكال الانتهازية»، بيد أن قرار الاستقالة لم يستمر أكثر من يوم، إذ تم التراجع عنه، بعد ضغوط كبيرة مورست على المنصوري، التي تعرف أيضا باسم «بنت الباشا»، إذ كان والدها «باشا مراكش» في وقت سابق، أي حاكم المدينة.

وقال مقربون منها إنها لم تقبل أن تكون مجرد رئيس شكلي، في حين تبقى الكلمة الأولى والأخيرة لحميد نرجس، المنسق الإقليمي لحزب «الأصالة والمعاصرة» وأحد نوابها في رئاسة المجلس البلدي، وهو في الوقت نفسه خال فؤاد عالي الهمة، ورئيس مجلس منطقة «مراكش تانسيفت الحوز». وأشارت هذه المصادر إلى أن المنصوري تراجعت بعد تدخل المكتب الوطني (المكتب السياسي) لحزب «الأصالة والمعاصرة»، الذي رفض قرار استقالتها، وبعد مساع لعدة إطراف، حيث قررت تجميد استقالتها مؤقتا، «في انتظار اجتماع المكتب الوطني للحزب، الذي سيبت في الموضوع ويتخذ إجراءات بتجاوز الوضعية الراهنة»، على حد قول البيان الذي أصدرته.

وفي معرض تعقيبه على هذا الموضوع، يقول إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية، بجامعة القاضي عياض في مراكش «إن الاستقالة كرد فعل على عدم وجود شروط موضوعية تسمح بممارسة المهام، أمر إيجابي». وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «المغرب في هذه الظرفية يحتاج إلى نخب سياسية تملك الجرأة لرفض المناصب عندما تشعر بأنها مجرد دمى في الواجهة، وهذا عرف ينبغي أن نعمل به، على غرار ما يقع في الدول الديمقراطية». ويرى لكريني أنه «يمكن قراءة استقالة المنصوري من زاوية علاقتها بحزب (الأصالة والمعاصرة)، الذي تنتمي إليه والذي شهد مجموعة من التراجعات والهزات في الفترة الأخيرة، في سياق تنامي الانتقادات الشعبية الموجهة إليه واستقالة عدد من كوادره». ولاحظ لكريني أن «الاستقالة تأتي، أيضا، في إطار تزايد الحديث عن ملفات فساد مالي وإداري ثقيلة ترتبط بالعمل في المجلس البلدي في مراكش والتي تناولتها تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وبالتالي يمكن أن تشكل هذه الاستقالة تنبيها لما يحدث في المدينة». ورأى لكريني أن التراجع عن الاستقالة «خيار فرضته تحديات المرحلة بحراكها واحتجاجاتها التي امتدت لعدد من القطاعات».

يشار إلى أن فاطمة الزهراء المنصوري، هي أول امرأة مغربية تتولى منصب عمدة مراكش، بعد فوزها في الانتخابات البلدية في الثاني عشر من يونيو (حزيران) 2009.