واشنطن تطالب إسلام آباد بالإفراج عن طبيب ساعد في تعقب بن لادن

رئيس الاستخبارات الباكستانية يزور أميركا بعد تعليق المساعدات المالية

TT

توجه رئيس الاستخبارات الباكستانية أحمد شجاع باشا إلى واشنطن أمس لإجراء محادثات في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين الحليفين تدهورا جديدا بعد الإعلان عن تعليق قسم من المساعدات العسكرية الأميركية.

ومن المقرر أن يجري شجاع باشا محادثات مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى خلال زيارته التي تستمر يوما واحدا.

وصرح المتحدث باسم الجيش الجنرال أطهر عباس لوكالة الصحافة الفرنسية أن شجاع باشا «يتوجه إلى هناك للتباحث في التنسيق الاستخباراتي».

وكانت الولايات المتحدة قررت تعليق ثلث مساعدتها الأمنية السنوية البالغة 2.7 مليار دولار إلى إسلام آباد بعد أن أمرت باكستان عشرات المدربين العسكريين بالرحيل إثر العملية الأميركية التي أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في 2 مايو (أيار) الماضي.

ويشمل المبلغ الذي تم تعليقه وقيمته 800 مليون دولار، نحو 300 مليون دولار كتعويض لباكستان عن نفقات نشرها أكثر من مائة ألف جندي على طول الحدود مع أفغانستان، حيث ينشط مسلحو طالبان و«القاعدة». وكان وزير الدفاع الباكستاني أحمد مختار قد هدد أول من أمس بسحب القوات الباكستانية من على الحدود المحاذية لأفغانستان ردا على تعليق المساعدات الأميركية مما يضرب عرض الحائط بالمطالب الأميركية بفتح الجيش الباكستاني جبهات جديدة ضد «القاعدة» مما يزيد التوترات مع واشنطن. غير أن الجيش الباكستاني لم يؤكد هذا التهديد مكتفيا بوعده بمواصلة مكافحة الإرهاب «لما فيه من المصلحة الوطنية». ورغم أن المتحدث باسم الجيش رفض الخوض في تفاصيل محادثات باشا، فإنه المراقبين في باكستان يعتقدون أن تلك المحادثات قد تطلق من جديد التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسلام آباد.

وقال مسؤول أمني لوكالة الصحافة الفرنسية إن باكستان تريد «تعاقدا» مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) يحدد أطرا رسمية للتعاون الاستخباراتي في إطار الحرب على «القاعدة» المستمرة منذ عقد، مما يحول دون قيام القوات الأميركية بإجراءات أحادية. وقال المسؤول: «الاتفاق (حول التعاون) بين الجانبين سيستمر، ولكننا نعتقد أنه من الضروري وضع أطر رسمية له لأننا تضررنا المرة تلو الأخرى. نطالب بعلاقة قائمة على التكافؤ والثقة والاحترام».

وتصر باكستان على عدم السماح بتكرار عمليات أميركية أحادية الجانب مثل العملية التي نفذتها قوات أميركية خاصة لاغتيال بن لادن في المدينة – الحامية أبوت آباد في باكستان، غير أن البيت الأبيض أعلن أنه يحتفظ بالحق في التحرك مرة أخرى إذا اقتضى الأمر.

كما أن هناك مخاوف داخل باكستان من احتمال تولي ديفيد بترايوس رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بعد تركه الأسبوع المقبل منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان المجاورة؛ «إذا لا يعتبر مؤيدا لباكستان كالآخرين».

ويفسر المحللون زيارة باشا إلى واشنطن أمس على أنها علامة على حرص باكستان على التغطية على بعض الخلافات بين البلدين. ويقول المحلل حسن عسكري: «إنها محاولة لنزع فتيل الموقف وإيجاد ترتيب مقبول بالنسبة للجانبين». ويضيف أن المحادثات مهمة لأن باشا هو ثاني أهم شخصية في الجيش بعد رئيس أركان الجيش أشفق كياني. ويضيف: «تهدف الزيارة للوقوف على كيفية خروج البلدين بتفاهم أفضل حول القضايا التي تؤثر في العلاقات بينهما، غير أنه لا يمكن حل التعقيدات في زيارة واحدة ومن ثم لا بد أن جولات إضافية من المحادثات ستجري في المستقبل».

إلى ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغوطا على باكستان للإفراج عن طبيب محتجز ساعد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» في تعقب أسامة بن لادن، مع تصاعد حدة التوتر بين البلدين على خلفية قتل قوات خاصة أميركية زعيم «القاعدة» السابق في مدينة آبوت أباد. وقالت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية الصادرة أمس إن وكالة الاستخبارات الباكستانية المشتركة المعروفة باسم «آي إس آي» اعتقلت الطبيب شكيل أفريدي بتهمة التعاون مع عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتنظيم حملة تطعيم وهمية في مدينة أبوت آباد الباكستانية، حيث كان يختبئ بن لادن، في محاولة للحصول على حمضه النووي. وأضافت أن السلطات الأميركية تحاول إنقاذ الطبيب الباكستاني وزوجته وأطفاله ونقلهم إلى الولايات المتحدة، وفقا لمسؤولين أميركيين وباكستانيين، والذي فاقم الكشف عن تجنيده من قبل «سي آي إيه» حدة التوتر بين البلدين ودفع العلاقات بينهما إلى نقطة الانهيار. وأعلنت الولايات المتحدة أنها تعتزم معاقبة باكستان على غياب تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب عن طريق قطع 800 مليون دولار، أي ما يعادل 500 مليون جنيه إسترليني، من مساعداتها العسكرية، فيما هددت إسلام آباد بسحب أكثر من 100 ألف جندي نشرتهم على جانبها من الحدود مع أفغانستان ردا على القرار الأميركي.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يُعتقد أن الطبيب أفريدي اعتُقل في أواخر مايو أو مطلع يونيو (حزيران) الماضيين بتهمة العمل لحساب وكالة استخبارات أجنبية، التي يمكن أن يعاقب عليها بالإعدام.