الحكومة اللبنانية تحضر لمواجهة مع إسرائيل.. حول الثروة النفطية في البحر المتوسط

خصصت أولى جلساتها لمناقشة الحدود البحرية بعد مصادقة الحكومة الإسرائيلية على نقاط التعليم

TT

تتحضر الحكومة اللبنانية لخوض معركة جديدة مع إسرائيل، ولكن هذه المرة ليست عسكرية، بل حول ثروة نفطية يقدر خبراء وجودها في مياه متنازع عليها في البحر المتوسط بين البلدين. وقد حلّ ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بندا طارئا على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي عقد أمس أولى جلساته في القصر الجمهوري بعد نيل الثقة، وذلك بناء على طلب وجهه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل إلى رئيسي الجمهورية ميشال سليمان ومجلس الوزراء نجيب ميقاتي مطلع الأسبوع الحالي. وكانت مصادقة الحكومة الإسرائيلية الأحد الفائت على نقاط التعليم لخط الحدود البحرية مع لبنان، الممتدة من رأس الناقورة جنوب لبنان وصولا إلى الحدود الاقتصادية مع قبرص، قد أعادت تسليط الضوء على الأطماع الإسرائيلية الدائمة في الثروات النفطية الموجودة في المناطق البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل. ويعتبر لبنان أن ترسيم الحدود البحرية الذي جرى بين قبرص وإسرائيل تم على حساب المصلحة اللبنانية، مما أدى إلى قضم إسرائيل ما يقارب 1000 كلم مربع تقريبا من المياه الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية اللبنانية.

وكان ميقاتي ترأس أول من أمس اجتماعا وزاريا مصغرا في السراي الحكومي ضم الوزراء المعنيين بملف المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في البحر لرسم خريطة طريق وسبل التعاطي اللبناني الرسمي مع القضية وتحديد الخطوات الواجبة في إطار المواجهة. وتقرر بموجب الاجتماع إعداد ملف متكامل يقره مجلس الوزراء، على أن يرفع إلى الأمم المتحدة لتثبيت حقوق لبنان.

ولاقى لبنان مضمون الخطوة الإسرائيلية باستنفار رسمي، بالتزامن مع تلقيه عبر وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور مذكرة رسمية قبرصية تتعلق «بترسيم الحدود البحرية وتؤكد الرغبة في التعاون لإنجاز كل الأمور العالقة وضمان حقوق لبنان»، مع العلم بأن الحكومة اللبنانية وفي مايو (أيار) 2009، أصدرت قرارا بشأن ترسيم الحدود البحرية وأرسلت في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت للأمانة العامة للأمم المتحدة، خرائط تتعلق بالحدود البحرية الغربية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، مرفقة بلائحتي إحداثيات، إحداهما للنقاط المحددة للحدود البحرية الجنوبية (بين إسرائيل ولبنان) والثانية للجزء الجنوبي من الحدود البحرية الغربية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان (بين قبرص ولبنان).

وفي هذا الإطار، رأى رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «المطلوب من لبنان أن يكون مستعدا لنزاع طويل الأمد ومتعدد الجوانب مع العدو الإسرائيلي»، داعيا إلى التعاطي معه «انطلاقا من الخطورة التي ينطوي عليها ومن حجم تهديده للمصالح اللبنانية».

وشدد على وجوب «إعداد ملف لبناني متكامل من النواحي التقنية والقانونية والدبلوماسية يحتوي على كل المعطيات والأرقام والحجج القانونية، وعلينا أن نكون حاضرين لخوض نزاع طويل الأمد من خلال الاستعانة بأفضل الكفاءات المحلية والدولية»، معتبرا أن «هذه المواجهة لا يمكن أن تخاض بمواقف سياسية وبالنوايا بل بكل وسائل القتال السياسي المشروعة وبعيدا عن التصريحات الارتجالية التي قد يستخدمها العدو لصالحه». وقال قباني: «علينا أن نرسم استراتيجية وطنية لمقاومة الأطماع الإسرائيلية وأن نعد فريق عمل كفء لنخوض غمار هذه المعركة»، لافتا إلى أنه «قد تم إعداد بعض جوانب هذا الملف إلا أنها تحتاج اليوم إلى تدقيق وتحديث وتكوين فريق عمل يتابع تحقيق استراتيجية العمل».

وفي السياق عينه، أعلن وزير الخارجية عدنان منصور عن «تجهيز ملف كامل تقني قانوني للتوجّه إلى الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على حقّنا في هذه المنطقة»، مضيفاُ «لكن هذا لا يمنع قبل تجهيز الملف أن نتقدم بشكوى ضد إسرائيل». وقال: «لن نذهب إلا مع ملف كامل مجهّز بكل الحجج والبراهين، مستندين على قانون البحار وعلى ما لدينا من خرائط وإثباتات»، مقدرا «المساحة التي تم الاعتداء عليها من قبل إسرائيل بـ 780 كلم مربعا».