نشر تحقيقات مبارك مع النيابة يثير جدلا إعلاميا في مصر

خبراء اعتبروها محاولة لحشد التعاطف مع الرئيس السابق

TT

أثار نشر جريدة «اليوم السابع» المصرية نص تحقيقات زعمت أنها للنيابة العامة مع الرئيس السابق حسني مبارك، ردود فعل متباينة في الشارع المصري، خاصة أنها كانت محور كل البرامج الحوارية ليلة أمس في القاهرة، واعتبرها غالبية المصريين وسيلة من وسائل حشد التعاطف مع مبارك الذي ستبدأ محاكمته في قضية قتل المتظاهرين مطلع أغسطس (آب) المقبل، وهي القضية التي قد تصل عقوبتها للإعدام. لكن خبراء إعلام اعتبروا الأمر برمته نوعا من عدم المهنية الإعلامية.

المثير أن مراقبين كثيرين اعتبروا أن توقيت عرض التحقيق جاء هزليا بشكل كبير، حيث إن التحقيقات التي نشرت بالأمس جرت قبل ما يقارب ثلاثة أشهر وبالتحديد في الفترة ما بين أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين ولا داعي على الإطلاق لنشرها الآن وسط مطالبات معتصمي ميدان التحرير بعلنية محاكمة مبارك، بل إن سقف مطالب البعض وصل لحد المطالبة بإعدام مبارك في ميدان التحرير.

وترى الدكتورة إيناس أبو سيف، أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة، أن ما حدث هو مخالفة في حق المتهم محمد حسني مبارك، حيث قالت لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مع محاكمة مبارك، ولكن أنا أيضا مع حقه في سرية التحقيقات معه» معتبرة أن ما حدث هو مخالفة إعلامية صريحة في حق متهم على ذمة قضية ومن حقه أن تكون أقواله أمام النيابة تحت بند (سري للغاية)».

وتعتقد أبو سيف أن الإعلام المصري يعكس نبض الشارع المصري الثائر ويحاول اللعب على وتر مشاعر المصريين بشتى الطرق كما ترى أن الإعلام المصري لم يلعب أي دور فعال حتى الآن في الحوار المجتمعي حول القضايا الضرورية والملحة التي تهم رجل الشارع العادي، وأضافت: «هناك جهات إعلامية تنشر أخبارا دون إسناد موثوق به بهدف زيادة التوزيع أو المشاهدة على حساب المصداقية» ويرى مراقبون أن تناول الإعلام المصري لملف قضايا الفساد وقتل المتظاهرين المتورط بها رموز النظام السابق يتم بأسلوب يفتقد للمهنية، لكن الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، يعتقد أن نشر التحقيقات في ذلك التوقيت يأتي في إطار نهج عام يسلكه القائمون على السلطة في مصر يعتمد على التعامل مع المطالب الثورية بمبدأ المسكنات، وقال خليل لـ«الشرق الأوسط»: «مصر خرجت من سيناريو التعامل الأمني مع الثورة إلى سيناريو التعامل التخابري والإعلامي مع الثورة». وأضاف «لا توجد شفافية على الإطلاق، فالتحقيق تم في أبريل وينشر في يوليو (تموز)». ولفت خليل إلى أن صياغة التحقيق نفسه عملت على خلق نوع من التعاطف مع الرئيس السابق عبر الإشارة للحظات التي جعلته يبكي أثناء التحقيق.

وتابع خليل قائلا: «ما يحدث هو تمرير معلومات معينة لتهدئة الرأي العام، كما أن نشرها في صحف معينة يعطي مؤشرا بأنها محاولة لإبراز صحف بعينها».

ولكن خليل استدرك قائلا: «المحاكمات لا يحضرها الصحافيون ولا المصورون والقضاة غير مسموح لهم بالكلام، والمتهمون متوارون عن الأنظار خلف البطاطين والملاءات، كل ذلك يفتح المجال أمام الاجتهادات الصحافية التي تأتي بعيدة عن صلب الحقيقة».

وأشار خبراء إلى عدة تقارير صحافية حاولت في الفترة الأخيرة خلق هالة من التعاطف مع الرئيس السابق خاصة التقارير المتعلقة بصحته وإصابته بالسرطان أو حتى وفاته، وذلك لكسب ود وتعاطف الأغلبية الصامتة.