الشيوعيون العراقيون يطالبون بانتخابات مبكرة لتصحيح الأوضاع

قيادي لـ «الشرق الأوسط» في ذكرى إعلان الجمهورية: الطبقة السياسية عاجزة عن إيجاد الحلول

شيوعية عراقية تهتف خلال مظاهرة وسط بغداد، أمس، في ذكرى إعلان النظام الجمهوري في 14 يوليو (تموز) (أ.ب)
TT

خرج المئات من أنصار الحزب الشيوعي العراقي في مظاهرة وسط بغداد، أمس، طالبوا خلالها بإجراء انتخابات مبكرة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ53 لـ«ثورة» 14 يوليو (تموز) عام 1958. ورفع المتظاهرون شعارات مجدت تلك الثورة وزعيمها؛ عبد الكريم قاسم. واعتبر المتظاهرون خلال الشعارات التي رفعوها أن إجراء انتخابات مبكرة هو صمام الأمان الذي يقف حائلا أمام أي اضطرابات يمكن لها أن تحدث في الفترة المقبلة.

وتوجه المتظاهرون من ساحة الفردوس إلى ساحة التحرير وسط بغداد؛ حيث تجمعوا هناك، بينما عمدت القوات الأمنية إلى إغلاق بعض الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير من ساحة الفردوس، بهدف التضييق على المظاهرة.

إلى ذلك، وصف قيادي بارز في الحزب الشيوعي العراقي الأوضاع الراهنة التي يمر بها العراق بأنها «لم تعد تطاق بسبب أزمة الثقة العميقة التي تعيشها الطبقة السياسية الحالية، التي انتصرت في الانتخابات التي أجريت العام الماضي عبر أساليب باتت معروفة، منها التزوير وتغيير قانون الانتخابات والشحن العرقي والطائفي».

وقال رائد فهمي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ووزير العلوم والتكنولوجيا السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين أبرز الأسباب التي دعت المتظاهرين الذين هم أنصار التيار الديمقراطي الليبرالي في العراق، والشيوعيين إلى إجراء انتخابات مبكرة هو أن البلد يعيش الآن في أزمة حقيقية مركبة ومتعددة الجوانب، وهي من وجهة نظرنا أكبر من مجرد أزمة تشكيل الحكومة، بل هي أزمة تتعلق بنظام المحاصصة الطائفية والعرقية كله، التي أدت بالنتيجة إلى عدم قدرة الطبقة السياسية الحالية التي تمسك بزمام الأمور إلى الوصول إلى توافقات، وليس حلولا حقيقية، وهي أضعف الإيمان»، مشيرا إلى أن «الأمور لا تقف عند هذا الحد أيضا، بل إنها تتسع على كل الأصعدة، حتى بتنا نرى خلافات على كل شيء، بمن في ذلك ما يفترض أن يكون مشتركا وطنيا غير قابل للمساومة، مثل مسألة انسحاب القوات الأميركية من العراق، فضلا عن التحديات الإقليمية».

وأوضح فهمي أن «انعدام الثقة بين الأطراف السياسية انعكس في الواقع على القضايا المعيشية والخدمية التي يفترض بالجهات المسؤولة تقديمها للمواطن، بصرف النظر عن الخلافات السياسية، ومع ذلك فإن الأزمة السياسية انعكست، وبشكل مباشر، على الجانب الخدمي؛ حيث نلاحظ سوء الخدمات واضحا بشكل لا يحتاج إلى أدلة، من خلال استمرار المعاناة اليومية للمواطن، بالإضافة إلى الوضع الأمني الذي يشهد هو الآخر تدهورا واضحا، من خلال استمرار مسلسل القتل بالكواتم والمفخخات».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هذه المسائل كافية لأن تكون مبررا لإجراء انتخابات مبكرة، قال فهمي إن «هناك ما هو أعمق وأكثر قلقا على أهمية ما أشرنا إليه، وهو أننا بدأنا نلاحظ عودة الاستقطابات الطائفية، وهو ما يتضح في بعض المناطق التي وصلت فيها الأوضاع حد التهجير أو التهديد به، فضلا عن حصول صدامات طائفية هنا أو هناك تحت ذرائع مختلفة، وهو ما يعني أن الأمور باتت تتجه نحو مسار آخر يحتاج الوقوف حياله بحزم، لا سيما أن الطبقة السياسية الحالية، التي وصلت إلى الانتخابات عن طريق المال السياسي، وتغيير قانون الانتخابات، والتزوير، وغيرها من الأساليب، لم تعد قادرة على إيجاد حلول لمثل هذه المشكلات، ومنها أيضا عدم قدرتها على إيجاد حلول لمشكلات الفساد المالي والإداري، التي باتت واضحة لا لبس فيها، من خلال تشخيص المشكلة ووضع اليد على الفاسدين، ولكن عندما تصل الأمور إلى اتخاذ إجراءات، تبدأ عملية المساومات السياسية، التي تؤدي إلى إغلاق الملفات الخاصة بذلك».

ولهذه الأسباب، وردا على سؤال حول ما إذا كانوا يعتقدون أن إجراء انتخابات مبكرة يمكن أن تكون وصفة سحرية لحل مشكلات العراق، قال فهمي: «إننا لا نقول إن إجراء انتخابات مبكرة يمكن أن يكون وصفة سحرية لحل مشكلات العراق، ولكنه البداية لإيجاد الحلول، من خلال إعادة الأمانة للشعب، وهو الذي يقرر من يختار»، معربا عن قلقه «مما بات يجري الحديث عنه الآن بما يجعلنا نصل إلى حلول غير دستورية فيما يتعلق بوحدة العراق أو الفيدرالية وغيرها من المسائل».

وحول ما إذا كان هناك مؤيدون لهم من داخل الكتل لإجراء انتخابات مبكرة، قال فهمي: «إن هذه الدعوة وردت أيضا على لسان زعيم القائمة العراقية، إياد علاوي، وعدد من القادة الآخرين، بل وحتى (نوري) المالكي نفسه أعلن مرة أن الانتخابات المبكرة يمكن أن تكون حلا».